آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » هل تساعد الصين السعودية في تطوير برنامجها النووي المدني؟

هل تساعد الصين السعودية في تطوير برنامجها النووي المدني؟

تمارا برو

 

جرى الحديث بكثرة خلال الفترة الأخيرة عن الدفع باليوان بدل الدولار في التعاملات النفطية بين الصين والسعودية، وذلك بناء على دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ عندما زار السعودية العام الماضي.

 

أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في الآونة الأخيرة إلى أن الرياض تدرس عرضاً صينياً لبناء محطة للطاقة النووية في المنطقة الشرقية قرب الحدود مع الإمارات وقطر. وفي تعليقه على ما جاء في الصحيفة، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وين بين إن الصين والسعودية شريكان استراتيجيان، وإن بكين ستستمر في التعاون مع الرياض في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة النووية المدنية، مع التقيد الصارم بالالتزامات الدولية المتعلقة بحظر الانتشار النووي.

 

وضع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحصول على الطاقة النووية ضمن أولويات المملكة، وذلك من أجل تنويع اقتصادها وتقليص اعتمادها على النفط؛ فالرياض تعتبر الطاقة النووية ضرورية كبديل أرخص وأنظف من الوقود الأحفوري وأساسي لتلبية متطلبات البلاد المتزايدة من الطاقة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة وتقليل الاعتماد على المواد الهيدروكربونية المستنفذة.

 

لا تُخفي المملكة السعودية نيتها تطوير برنامج نووي مدني واستغلال مواردها المحلية من اليورانيوم لبنائه، وأنها تفضل التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية لتطويره؛ فقد أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في حزيران/يونيو الماضي، بعد اجتماعه بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عزم المملكة على تخصيب اليورانيوم كجزء من رغبتها في تطوير برنامج نووي مدني، وأن السعودية تفضل أن تكون واشنطن أحد مقدمي العروض لبرنامجها النووي السلمي.

 

تسعى الرياض إلى أن تحصل من واشنطن، في مقابل تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”، على ضمانات أمنية وأسلحة متقدمة، وعلى مساعدة في تطوير برنامجها للطاقة النووية، وفي أن تصبح مصدراً لليورانيوم. في المقابل، تهدف واشنطن من وراء تقربها من الرياض، إضافة إلى تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والسعودية، إلى ثني الأخيرة عن التعاون مع الصين، إذ تسعى واشنطن إلى الحصول على ضمانات من الرياض لعدم قبول اليوان وسيلة للدفع في مقابل صادراتها النفطية.

 

وقد جرى الحديث بكثرة خلال الفترة الأخيرة عن الدفع باليوان بدل الدولار في التعاملات النفطية بين الصين والسعودية، وذلك بناء على دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ عندما زار السعودية العام الماضي وطالب بأن تكون تجارة النفط مع المملكة ودول الخليج باليوان.

 

وتسعى واشنطن إلى الحصول على تأكيدات من المملكة بأنها لن تسمح للصين ببناء قواعد عسكرية صينية في أراضيها، ووقف أو الحد من استخدام التكنولوجيا التي طورتها شركة هواوي الصينية التي فرضت واشنطن عليها عقوبات منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بذريعة أنها تهدد الأمن القومي الأميركي.

 

وبهدف تطوير برنامجها النووي، عقدت الرياض وواشنطن جولات من المشاورات، إلا أن المفاوضات تعثرت مراراً وتكراراً بسبب إصرار الجانب الأميركي على توقيع اتفاق التعاون السلمي 123 الذي يمنع الدول الموقعة عليه من إنتاج الوقود النووي لمفاعلاتها داخل أراضيها، وإصرار الرياض على إنتاج الوقود النووي لمفاعلاتها على أراضيها.

 

وأثار الجانب السعودي خلال لقاءاته المسؤولين الأميركيين خلال الأشهر الأخيرة، ضمن سعي واشنطن لتطبيع العلاقات بين الرياض و”تل أبيب”، تأسيس “الشركة العربية – الأميركية للطاقة النووية” التي من شأنها أن تمنح الشركات والكيانات الأميركية دوراً مباشراً في تطوير ومراقبة تطوير الطاقة النووية في المملكة، على أن يظل تخصيب اليورانيوم يحدث داخل حدودها.

 

وكانت الصين أيضاً من الدول التي تعاونت السعودية معها لتطوير برنامجها النووي المدني. ولا يخفي الجانبان هذا التعاون، فقد وقعا عدداً من الاتفاقيات في مجال الطاقة النووية؛ ففي عام 2012، وقّعا على مذكرة للتفاهم في الاستخدام المدني للطاقة النووية.

 

وخلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للمملكة عام 2016، وقّعت شركة “مجموعة الهندسة النووية والبناء الصينية” مذكّرة تفاهم وتعاون بشأن المفاعلات المبرّدة بالغاز مع “مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة”.

 

وعام 2017، تمّ التوقيع على سلسلة من مذكرات التفاهم، نصّت إحداها على استكشاف وتقييم موارد اليورانيوم والثوريوم، فيما كانت الأخرى تهدف إلى تطوير مفاعلات نووية مبرّدة بالغاز لمشاريع تحلية المياه.

 

وخلال القمّة الصينية السعودية التي عُقدت أواخر العام الماضي، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وأجرى المسؤولون الصينيون والسعوديون خلال الفترة الأخيرة اجتماعات عدة في سبيل تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاستخدام السلمي للطاقة الذرية والتكنولوجيا النووية في السعودية.

 

لقد أجرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في الرياض، على سبيل المثال، مشاورات مع رئيس الهيئة الصينية الوطنية للطاقة الصينية مؤخراً بشأن التعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والوقود النووي والمشاريع الوطنية لاستكشاف اليورانيوم وتعدينه.

 

تبدو الرياض عازمة على استخدام مواردها من اليورانيوم، بما يتضمن تصنيع الوقود النووي. هذا ما صرّح به وزير الطاقة السعودي في حديثه خلال مؤتمر التعدين الذي عُقد في الرياض هذا العام، إذ أشار إلى وجود مواقع جيولوجية مختلفة داخل المملكة غنية باليورانيوم، وإلى أن المملكة تسعى إلى استغلال مواردها من اليورانيوم.

 

والعام الماضي، وفي “قمة مستقبل المعادن” التي عُقدت في الرياض، قال وزير الطاقة السعودي: “لدينا قدر كبير من مورد اليورانيوم الذي نودّ استغلاله، وسنفعل ذلك بأكثر الطرق شفافية… سنحضر شركاء، وسنستغلّ هذا المورد، وسنعمل بكل الطرق حتى الوصول إلى الكعكة الصفراء”، وتستطيع السعودية إنتاج أكثر من 90 ألف طن من اليورانيوم، وهو ما يكفي لتوفير الوقود للمحطات النووية التي تسعى لبنائها.

 

وأفادت التقارير بأن بكين ساعدت الرياض على إنشاء برنامج نووي، فقد ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” عام 2020 أن الصين ساعدت السعوديين على بناء منشأة لمعالجة خام اليورانيوم المستخرج محلياً لاستخلاص كعكة اليورانيوم الصفراء.

 

يسعى السعوديون الآن بفارغ الصبر لمنح عقد إنشاء محطة المنطقة الشرقية، المعروفة باسم “الدويهين” -وهي منشأة مكونة من مفاعلين بقدرة 2.8 جيجاوات- بحلول نهاية عام 2023. وفي نهاية المطاف، بناء 16 مفاعلاً بتكلفة نحو 80 مليار دولار إلى 100 مليار دولار، وهي المحطة التي تقدمت الصين بعرض لبنائها.

 

العام الماضي، نشرت الصحف الغربية مرات عدة تقارير عن زيارة مرتقبة للرئيس الصيني إلى السعودية، من دون أن تحصل الزيارة في المواعيد التي حددتها التقارير، وإن كانت قد تمت في أواخر العام، وكذلك عن التعامل باليوان في المبادلات النفطية بين الصين والسعودية. ومن المرجح أن يكون ما ذكر في التقارير ضغطاً على إدارة بايدن للقبول بشروط السعودية، وإلا فإن الأخيرة ستزيد تعاملها مع الصين؛ المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية.

 

تضغط السعودية على الولايات المتحدة الأميركية لتقديم تنازلات بشأن شروطها لمساعدتها في الحصول على الطاقة النووية. وفي حال فشل المفاوضات مع واشنطن، فإن الرياض ستتخذ الصين بديلاً من واشنطن، وإن كانت تفضل التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في هذا الإطار.

 

وقد سبق للسعودية أن تعاونت مع الصين وأبرمت صفقات عسكرية معها، حصلت بموجبها على طائرات من دون طيار وصواريخ بالستية صينية، بسبب رفض واشنطن بيعها هذه الأسلحة.

 

سيرياهوم نيوز1-الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الصين تعلن فرض قيود على تصدير مكوّنات رئيسية للشرائح الإلكترونية إلى الولايات المتحدة

أعلنت بكين الثلاثاء أنها ستفرض قيودا على تصدير مكوّنات رئيسية في صناعة أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة، بعدما أعلنت واشنطن عن قيود جديدة تستهدف قدرة ...