الرئيسية » كتاب وآراء » إنها الساعة الكبيرة قد دقّت…(الجزء الثاني)…..

إنها الساعة الكبيرة قد دقّت…(الجزء الثاني)…..

 

باسل علي الخطيب

قلت في الجزء الأول من هذا المقال، أن المقاومة قد صعدت من وتيرة عملياتها في شهر أيار ضد العدو الصهيوني كماً و نوعاً، و الغاية ردعه عن شن عدوان شامل على لبنان، و قلت أيضاً أن ذلك لن ينجح، لأن العدو ذاهب إلى شن حرب عنيفة و واسعة النطاق على المقاومة في لبنان، و قد فسرت هذا التناقض في التحليل و الإستنتاج أن السر يكمن في الخوف من (عودة ترامب)…

أنا لا أتحدث هنا عن تأثير الفراشة، و إن كان في كل شيء بعض الشيء من هذا، أنا أتحدث عن سياق أحداث مترابطة بعضها مع بعض، و كل منها ليس إلا صورة في مشهد بانورامي كامل….

تم وضع أسس المنظومة الحاكمة الغربية في ( السياسة، الاقتصاد، القيم) مع مؤتمر ويستفاليا عام 1646، آخذت هذه المنظومة شكلها النهائي مع مؤتمر فيينا ( 1814، 1815)… على فكرة يحب البعض تسمية هذه المنظومة ( بالحكومة العالمية)…

على مدى كل هذه السنوات حتى تاريخه واجهت المنظومة العديد من التحديات…
كانت الحروب الوسيلة الأمثل لهذه المنظومة لتخطي هذه التحديات، استطاعت هذه المنظومة إعادة إنتاج نفسها بعد كل الحروب الكبرى ( الحروب النابليونية، الحربين العالميتين…)، حيث كان يتناسل بعضها من بعض، و لكن يبقى ( القسم الصلب) فيها ثابتاً و صامداً…

نابليون، هتلر مع النظام الألماني النازي، موسوليني مع النظام الإيطالي الفاشي، كانوا جزءًا من هذه المنظومة، و لكن لم يكن مسموحاً لهم إن يقودوها، لأنهم سيظهرون الوجه الحقيقي لها، كانوا ذو دور وظيفي و حسب، و عندما انتهى ذاك الدور كان لابد من إزاحتهم…

المنظومة أمام تحد كبير و خطير الآن، قد يكون الأخطر طوال تاريخها، هذا التحدي عنوانه (الحالة الترامبية) و قد خبرت المنظومة خطورة هذا التحدي في ولاية دونالد ترامب الرئاسية ( 2816-2020)…
من حيث الشكل والسبب، هذا التحدي الجديد يشابه التحديات السابقة، ترامب يشبه نابليون و هتلر، ترامب الذي كان ذو دور وظيفي في المنظومة يطمح هو الآخر أن يقود المنظومة، و هذا يعيد المنظومة إلى ذات المربع، أن ذلك سيظهر وجهها الحقيقي…
أن يظهر الوجه الحقيقي لها سيفقدها كل وسائل التأثير و التطويع و الإخضاع و الاستثمار و الابتزاز و التضليل و الخداع، و التي أعتمدت عليها لإحكام سيطرتها…

سأعطي مثالاً بسيطاً من التاريخ القريب، أمريكا عندما شنت عدواناً على العراق عام 2003، لم تقل أن هدفها النفط العراقي، قالوا أن هدفهم إزاحة الديكتاتورية و نشر الديمقراطية، و جلب الازدهار للعراق…
النتيجة؟..
قتلوا مليون عراقي…
أخذوا النفط..
و العراق مازال حتى تاريخه يتخبط في مشاكله و نزاعاته و انقساماته، و الأهم أنهم دمروا المنظومة الأخلاقية و القيمية و ضعضعوا أسس المجتمع…

ترامب عندما تحدث عن سورية كان صريحاً، عندما كان ينوي الانسحاب، قال إنه لايوجد شيء في سورية حيث هم سوى الرمال، لم يقل أنه يريد ( الديمقراطية والحرية والازدهار) وغيرها من الأكاذيب، قال أنه يريد النفط و النفط فقط، بل قالها علانية و بالحرف ( أنا جشع جشع، جشع جداً، اريد فقط النفط)….

هذا التحدي الجديد لا يمكن حله بالحرب، ستكون حرباً داخلية أهلية ستقوض أحد مركزي هذه المنظومة الحاكمة، المركزان هما نيويورك و لندن، و لا تستطيع هذه المنظومة التضحية بأقوى نقاط استنادها التي هي الولايات المتحدة الأمريكية…

لاحظوا أن كل الحروب السابقة التي دفعت إليها هذه المنظومة لم تقرب جغرافيا (بريطانيا أو الولايات المتحدة). نعم، خيضت تلك الحروب على أراضي دول تابعة للمنظومة ( فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا….)، لكنها لم تصل أبداً أراضي هاتين الدولتين، حتى ( معركة بريطانيا 1940)، لم تكن سوى هجمات جوية شنها الطيران الألماني على الجزيرة البريطانية، و قد تم تضخيمها إعلامياً و سينمائياً لإظهار حجم ( التضحيات) البريطانية في سبيل القضاء على النازية….

على فكرة هذا (التضخيم) يأتي في ذات السياق إياه، إعادة إنتاج المنظومة لنفسها…

إذاً، هذا التحدي الجديد يأتي من (الصميم)، وليس حله الذهاب إلى (الحرب)، ليس هناك من حل إذاً إلا الذهاب إلى فرض (السلم) لشراء الوقت وانتظار الفرصة….
ولكن مرة أخرى يظهر التناقض في كلامي، كيف أقول إنه لا حل أمام المنظومة سوى (السلم) واجزم أيضاً أن الكيان سيشن عدواناً على المقاومة في لبنان؟؟!!…
على فكرة هناك حل آخر أمام المنظومة هو اغتيال ترامب، ولكن دون ذلك مخاطر كبيرة، ومع هذا يبقى أحد الخيارات ( الجراحية) المطروحة….

نلتقي إن شاء الله في الجزء الثالث….

يتبع….
(موقع سيرياهوم نيوز-٣)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هكذا تكلم زينون….(1)

  بقلم:باسل علي الخطيب   هل سبق وشاهدتم سلسلة افلام رامبو بطولة سيلفستر ستالوني؟… تلك كانت أحد المحاولات الأمريكية عبر هوليود للخروج من عقدة الهزيمة ...