الرئيسية » كتاب وآراء » الأكراد… وفخ الانفصال

الأكراد… وفخ الانفصال

الدكتور خيام الزعبي

في بادرة هي الأخطر على الإطلاق في سلسلة الممارسات التي تقوم بها “قسد”، تبادرنا ما تسمى بالإدارة الذاتية لشمال وشرقي سورية بقرار إجراء انتخابات بلدية في المناطق التي تحتلها في 11 من حزيران القادم في رسالة تحدي للجميع ومحاولة ترسيخ واقع سياسي في المناطق التي تسيطر عليها.

فالانعطافة الجديدة هددت لجان الأحياء التابعة لـ “قسد” سكان مناطق شمال شرق سورية بحرمانهم من الخبز والغاز والمازوت والخدمات في حال عدم مشاركتهم بالانتخابات البلدية، والتي أجبرتهم على تسلّم البطاقات الانتخابية ومن دون طلبهم.

ومن هنا تبرز مؤشرات عدة على أن  الانتخابات المحلية، التي أعلنت “الإدارة الذاتية” الكردية أنها ستجريها في مناطق سيطرتها، قد تكون شرارة تفجر الأوضاع مجدداً في تلك المنطقة، بعد تصاعد التهديدات التركية بالتحرك عسكرياً في حال إجراء انتخابات شرقي سورية التي تتوجس منها أيضاً كل من سورية وايران والعراق، فيما أعلنت أحزاب كردية رئيسية أنها لن تشارك فيها.

بالتالي إن هذا الإجراء “يتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ومع هوية سورية وتاريخها وتطلعات أبناء شعبها سواءً في داخل البلاد أو خارجها، و أن الهدف الأساسي من هذه الانتخابات هو تعزيز إقامة كيان انفصالي يشكل بؤرة عدم استقرار للمنطقة والإقليم، ويهدد السلم والأمن ويقضي على وحدة التراب السوري.

الواضح أن الولايات المتحدة لن تعمل على منع اقامتها رغم الرسائل السلبية التي تحملها لدول المنطقة، وبالذات تركيا التي تزداد مخاوفها من تحول مشروع قسد لنموذج يحتذى به من قبل دول المنطقة، وبالتالي إن الإدارة الأمريكية تستخدم “قسد” حالياً كأدوات مثالية لتنفيذ مخططاتها في المنطقة سواء لإثارة المتاعب لحكومة البلد أو لتحقيق أهداف أخرى مختلفة .

هنا لا بد من التذكير بأن “قسد” التي تسيطر على قطاع كبير من المناطق السورية تلعب دور “حراس” الموارد النفطية من خلال الدعم الأميركي لها، وتزامناً مع ذلك، تتمسك الولايات المتحدة بالسيطرة على هذه المناطق، لضمان استمرار سرقة النفط والتحكم بالممرات البرية في شرق سورية لذلك يحاول البيت الأبيض تبرير سرقته للنفط ، بذريعة محاربة الإرهاب، وحماية الديمقراطية الدولية ومصالح الأكراد الذين يعملون أيضاً ضد الحكومة السورية، بينما الرئيس الأمريكي أعلن في أكثر من مرة بأنه يريد النفط السوري.

على الطرف الأخر، ما يزال أردوغان يحاول القفز فوق هذه الحقيقة، رافضاً العروض الروسية للتوافق مع دمشق، الذي ستمنحه القدرة والقوة على مواجهة مشاريع تقسيم تركيا في المستقبل، وبالتالي فإن عودة العلاقات السورية التركية الى مسارها الطبيعي ستحدث حالة من الارتباك والإحباط من النوع الثقيل لدى الأكراد، فضلاً عن قلق أمريكي  من هذا التقارب الذي سيؤثر بشكل سلبي على السياسة الأمريكية في سورية.

ومن الواضح أن واشنطن ستبدأ عملية عودة قواتها المسلحة إلى وطنها بعد انهاء جرائمها على الأراضي السورية وستترك الشعب الكردي في مواجهة المسائل المعلقة كما تركت الشعب الأفغاني في مواجهة مسلحي طالبان. ويجب على الشعب الكردي بأكمله وقادته أن يدرك وضعهم كـ “ورقة مساومة” في أعين البيت الأبيض فيجب عليهم أن يتفهموا عدم جدوى المزيد من التعاون والمساعدة للجانب الأمريكي على أمل حل مشاكلهم، بمعنى أن الولايات المتحدة لا تهتم بمصير عملائها أبداً، لذلك على “قسد” أن تعود إلى حضن الوطن، لأن الحكومة السورية هي التي ستوفر الأمن والأمان لها.

على هذه المنحنى على قسد إن كل ما يدور ويحدث على الأرض السورية يبعث على القلق والخوف من إنتعاش الكيانات الطائفية، وبالتالي إذا ما استمر الوضع على حاله في سورية فقد يصل المشروع إلى حد السعي إلى التقسيم وتخريب سورية وإستهدافها دولة وجيشاً وشعباً.

مما لا شك فيه،  أنه على الرغم من انشغال الدول الإقليمية، ولا سيما إيران وتركيا وسورية بقضاياها الخاصة، فقيام مثل هذه الدولة يعني تغيير خريطة الشرق الأوسط، وقلب خريطة الحدود التي وضعتها اتفاقية سايكس ـ بيكو، وتداعيات مباشرة على أمن دول المنطقة التي لن تقبل إقامة دولة كردية، فضلاً عن أن قيام دولة للأكراد بلا دعم من دول الجوار مثل تركيا وإيران والعراق سيبقى حلماً مستحيل التحقيق.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل رضخ بايدن ودعم خطّة هُجوم نتنياهو على إيران ومُنشآتها النوويّة؟ وكيف نتوقّع الرّد الإيراني وأذرع المُقاومة؟

عبد الباري عطوان ما يُمكن استنتاجه من كثرة اجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلي لبحث الهُجوم المُتوقّع على إيران، ورضوخ الرئيس الأمريكي جو بايدن لضُغوط بنيامين نتنياهو ...