ناصر النجار
فترة الاستراحة بين الذهاب والإياب كانت فرصة جيدة لأندية الدرجة الممتازة لكي تراجع حساباتها بشكل جدي وتدرس مواقع الخلل في فرقها والأخطاء المرتكبة على أمل تصحيح مسيرة الفرق التي قصرت وتراجعت ولم تقدم المطلوب حتى الآن.
الفرق بدأت بالتحرك مع منتصف الأسبوع الماضي عبر تمارين يومية لاستعادة اللياقة والحساسية التي يفقدها اللاعبون خلال فترات الاستراحة الطويلة التي تمتد لعشرة أيام أو أكثر بقليل.
وبعض الفرق رأت ضالتها ببعض المباريات الودية الخفيفة ففاز الوحدة على منتخب الشباب بهدف سجله المحترف المالي تراوري، وفاز حطين على جبلة 2/1، سجل لحطين جابر خطاب والمحترف العاجي ديكو إبراهيم، وسجل لجبلة مصطفى الشيخ يوسف، كما فاز رجال تشرين على شبابه 2/1 وسجل الهدفين محمد حمدكو القادم من الطليعة.
استعدادات الفرق استكملت بمباريات دور الـ32 من مسابقة كأس الجمهورية، ففاز حطين على صافيتا من الدرجة الثانية 11/صفر وسجل لحطين عز الدين عوض ثلاثة أهداف وسجل هدفين العاجي ديكو إبراهيم وسجل هدفاً واحداً الأرجنتيني أليكسس بارازا ومحمد كروما ومؤنس أبو عمشة وسعد أحمد وسليمان رشو وعبد الهادي دالي، وفاز الجيش على النضال درجة ثانية 6/1 وسجل للجيش محمد الواكد ثلاثة أهداف وكل من محمد نور خميس وحميد ميدو وأسامة أومري، وشهدت هذه المباراة طرد لاعب الجيش رضوان قلعجي لبصقه على لاعب من فريق النضال، وفاز الطليعة على جاره مورك من الدرجة الأولى 3/1 وسجل للطليعة المحترف التنزاني عبدول هادلي وأسمر محمد وصلاح الخميس.
غداً الجمعة تستكمل بعض مباريات هذا الدور، فيلعب الوحدة مع الحوارث على ملعب النبك ويلعب جبلة مع عفرين على ملعب حماة الصناعي، كما يلعب الساحل مع النواعير على ملعب المدينة الرياضية الصناعي في اللاذقية.
الأحد يلعب الوثبة مع اليقظة على ملعب النبك، أما السبت فيلتقي على ملعب السابع من نيسان في حلب الكرامة مع الهلال ويلعب في دمشق على ملعب الجلاء أهلي حلب مع شرطة دير الزور.
الثلاثاء يلعب فريق الحرية مع فريق شرطة طرطوس على ملعب حمص البلدي، وتختتم مباريات هذا الدور بلقاء تشرين مع النيرب على ملعب حماة الصناعي.
تفاوت مواعيد المباريات بين الجمعة والأربعاء يأتي من باب التزام فرق الدرجة الأولى بالدوري ومن باب انشغال الملاعب، وخصوصاً أن المباريات تقام على ملاعب محايدة، والملاحظ أن أغلب المباريات تقام على الملاعب البديلة الخاصة بمباريات الدرجة الأولى وليست على الملاعب الرسمية، وهنا نجد أن تقدير اتحاد الكرة لهذه المباريات أنها لن تشهد حضوراً جماهيرياً كبيراً.
بكل الأحوال لن تشهد المباريات أي صعوبة على فرق الدرجة الممتازة التي ستتجاوز مبارياتها بسهولة وبأقل جهد ممكن، لكن نلاحظ أن الكرامة لن يكون بموقف آمن بلقاء الهلال الذي قدم نفسه بشكل جيد في دوري الدرجة الأولى وهو يضم خيرة لاعبي الجزيرة السورية وبعضهم سبق وأن لعب في الدرجة الممتازة بعدة فرق ونذكر منهم: شعيب العلي وولات عمي وإيفان سليمان ومصعب العلو وعزيز أوصمان ومحمد زينو وغيرهم، أما المباراة التي ستكون متكافئة فهي مباراة الساحل مع النواعير لتقارب مستوى الفريقين.
عدم التوازن
في متابعة لفرق الدوري الممتاز نجد أنها في أحوال شتى فمنها ما هو مستقر ومنها من يعاني الكثير من التخبطات والأزمات، مع العلم أن أغلب الفرق تعيش أزمة مالية لأسباب عديدة جعلت هذه الفرق تعيش مرحلة من عدم التوازن ما انعكس ذلك على الفرق، وهي مشكلة دائمة بدوام كرة القدم، لكن أسبابها واضحة وحلولها معروفة.
لعل أهم الأسباب أن العديد من الأندية تعيش على قواعد هشة من البناء، فبعضها لا يملك استثمارات وبعضها الآخر لا تكفيه الاستثمارات، فضلاً عن المشاكل التي ترافق كل عقود الاستثمار.
وهناك شيء لافت للنظر في القضايا الاستثمارية الموقعة مع المستثمرين، وهذه تشير إلى وقوع أنديتنا في جهل التعاقدات الاستثمارية، ولنا في ذلك مثال واضح وصريح، المثال يقول: تعاقدت إدارة مع مستثمر لإدارة صالة أفراح لمدة خمس سنوات بمبلغ تقديري معلوم، بعد سنة ارتفعت الأسعار بين خمسة إلى عشرة أضعاف، المستثمر رفع أسعاره بوجه المستهلك بالقدر نفسه الذي زادت به الأسعار، لكنه تمسك بالمبلغ الذي يدفعه للنادي على اعتبار أن العقد هو شريعة المتعاقدين ولا يوجد في شروط العقد ما يشير إلى هذا الجانب مطلقاً.
أنديتنا في هذه الحالة خسرت مواردها لأنها لم تعد كافية لمواجهة التجهيزات والمستلزمات فضلاً عن ارتفاع عقود اللاعبين وأجور المواصلات والإقامة والإطعام والسفر والتنقلات.
لذلك وقع أغلب الأندية في العجز المالي دون أن يكون لديها البديل المناسب، ولا يوجد في القانون ما يفرض على المستثمر تغيير السعر وإن جرت بعض التعديلات الطفيفة بشكل ودي، لكنها لم تف بالغرض لأنها لا تكفي حاجة لعبة واحدة في النادي.
الحلول كانت قيصرية وإسعافية من خلال البحث عن الداعمين المحبين ليتولوا أمور الأندية في هذه الأزمات المالية الصعبة ومع ذلك فإن هذه الحلول لم تكن ناجحة في كل الأندية.
استثمار المال
من الطبيعي أن يملّ المحبون من الدفع والصرف على الأندية لأن التكاليف والنفقات كبيرة. لذلك لابد من إيجاد حلول لمعالجة هذه الأزمات بطريقة اقتصادية رائدة تحول النادي من مستهلك إلى منتج وهذا الأمر بشكله النظري سهل، لكنه يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع لتحقيقه.
فكرة الإنقاذ تقول: يقوم المحبون والداعمون للأندية بتسيير أمور هذه الأندية مقابل ما تتطلبه الأندية من نفقات ومصاريف وعقود، وقد يحتاج بعض الأندية ملياراً وبعضها مليارين أو أكثر، ولو استطاع أي ناد تأمين هذا المبلغ، فسيكون الحل مؤقتاً، لكن النادي سيبقى مديوناً وفي عجز دائم، ومن المستحيل تأمين داعمين كل موسم ليدفعوا المليارات ثم ينسحبوا بعد أن يملوا من الدفع الذي لا ينتهي.
وعلينا هنا ألا يغيب عن بالنا أن القيادة في الأندية لم تعد رياضية لأن القرار فيها بات لصاحب المال، وهذا أمر قد لا يكون بمصلحة العملية الرياضية بالمطلق وقد يصل بنا إلى تكريس الخطأ من خلال الإخلال بالقواعد الأساسية التي تقول: العمل الناجح يبدأ من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وما يحدث في أنديتنا اليوم يشبه حالة وضع مهندس زراعي ليدير مصنعاً للألبسة!
فكرة الحل تتجه نحو استثمار مال الداعمين والمحبين في مشاريع تعود على الأندية وعليهم بالفائدة، والأفضل هنا الاستثمار بالمشاريع الصغيرة عبر منتجات استهلاكية تحمل شعار النادي وتطرح في الأسواق، فالشراكة الجديدة ستكون مبنية على استثمار شعار النادي واسمه مقابل المال الذي سيتم دفعه في هذه المشاريع الإنتاجية.
المشاريع الإنتاجية الصغيرة كثيرة ولا حصر لها وهي مستهلكة بشكل يومي، وستكون بين يدي أبناء النادي لتكون المادة المفضلة لديهم للشراء على باقي المواد الأخرى، ونحن بذلك نضع كل أبناء النادي في دعم ناديهم عبر شراء منتجاته، وبالوقت ذاته نكون قد حافظنا على المال الاستثماري لكيلا يذهب هباء، فضلاً عن تنمية هذا المال في هذه المشاريع.
المشاريع الصغيرة كثيرة وأكثر من أن تحصى، تبدأ من التجهيزات الرياضية بكل أنواعها ليتم طرحها بالأسواق، هذه التجهيزات التي تحمل شعار ناد من الأندية ستكون سوقاً خصبة لأنصار هذا النادي، وهناك منتجات استهلاكية أخرى فضلاً عن المنتجات الرياضية من أعلام وشعارات وميداليات وأقلام وغيرها، كورق المحارم والمناشف وبعض المواد الغذائية المستهلكة بشكل يومي.
توجيه مال الداعمين والمحبين إلى هذه المشاريع سيعود بالنفع الكامل عليهم وعلى النادي.
عالم الاتصالات أصبح عالماً واسعاً ورحباً، ويمكن للأندية الاستفادة من هذا العالم بتخصيص مسابقة يومية أو أسبوعية بالتعاون مع شركات الاتصالات عبر خاصية الرسائل، وهذا الاتجاه إيجابي ويمكن تفعيله بطرق كثيرة وسيدر على الأندية مالاً وفيراً.
الاتجاه نحو التسويق والإعلان والرعاية، ومن الممكن أن تتجه الأندية لرعاية برامج رياضية أو فنية أو برامج منوعات من خلال الشاشات الوطنية أو الإذاعة، وهذا أمر ناجح ومضمون.
المال موجود، وعلينا البحث عنه في مثل هذه المشاريع بدلاً من أن نبحث عنه في جيوب المحبين والداعمين.
والأفكار التي نطرحها ليست غريبة وتطبيقها ليس صعباً وهناك الكثير من الأفكار الأخرى وهذه كلها تتطلب تكاملاً وتكاتفاً من الجميع، والبدء فيها من الآن خير من التأخير، فأنديتنا تحتاج إلى حلول دائمة وناجعة والحلول الإسعافية لم تعد كافية.
بين بين
في الحديث عن معوقات العمل الرياضي في الأندية لنا مثالان اثنان يعبران عن واقع الأندية، المثال الأول: نادي الوحدة، تم تشكيل إدارة جديدة للنادي ورثت الكثير من الأخطاء والأزمات، هذه الإدارة عليها أن تدفع كل المبالغ المترتبة على النادي من ديون ورواتب وعقود متأخرة وعليها أن تنفق أيضاً على القادمات من الأيام ليبقى النادي مواكباً للمسابقات الرسمية في كرتي القدم والسلة على أقل تقدير، العجز المقدر على النادي يبلغ أكثر من أربعة مليارات ليرة سورية، الإدارة الجديدة عليها البحث عن موارد استثمارية حقيقية تنعش صندوق النادي حتى لا يمل الداعمون من الدفع المستمر الذي لا ينتهي ولن ينتهي ما دامت الأمور على هذا الحال.
المثال الثاني: فريق تشرين يمر بظروف صعبة للغاية وعليه تراكم ديون كثيرة سواء للاعبيه أم للكوادر أو للتجار والدائنين.
اللاعبون بدؤوا بالتململ من الوعود والانتظار وبعضهم رفع شكواه إلى اتحاد كرة القدم، والأمور لا تسير وفق ما يشتهيه أبناء البحارة، والمشكلة في نادي تشرين لا يمكن حلّها عبر تبادل الطرابيش، لأنها تحتاج إلى حلول جذرية دائمة وتعود على النادي بالنفع وتنعم عليه بالاستقرار والأمن والأمان، لتبدأ بعدها مراحل التطوير والإقلاع.
سيرياهوم نيوز1-الوطن