الرئيسية » كتاب وآراء » الرد الإسرائيلي على إيران.. في مرمى الانتخابات الأميركية! 

الرد الإسرائيلي على إيران.. في مرمى الانتخابات الأميركية! 

 

 

سميح صعب

 

التقويم المعقول لمسار العلاقات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منذ أكثر من عام وحتى المكالمة الهاتفية الأخيرة، يَفترض بأن فرص واشنطن تكاد تكون معدومة، في تعديل لائحة الأهداف التي اختارت إسرائيل مهاجمتها في إيران، شأنها شأن طلبات وتمنيات صدرت عن البيت الأبيض منذ بدء الحرب على غزة ومن ثم توسعها نحو لبنان. قبل المكالمة الهاتفية التي جرت يوم الأربعاء الماضي بين بايدن ونتنياهو، أوفد رئيس الولايات المتحدة، قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، إلى إسرائيل، وتجري المكالمات الهاتفية بين وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن والإسرائيلي يوآف غالانت بصورة شبه يومية منذ حوالي السنة، وزادت وتيرتها بعد شن الحرب الإسرائيلية على لبنان منذ حوالي الشهر حتى الآن. ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم عاتبون على إسرائيل لأنها لم تبلغهم مسبقاً بسلسلة الضربات التي وجهت إلى “حزب الله” منذ تفجيرات أجهزة “البيجرز” واللاسلكي وصولاً إلى اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في 27 أيلول/سبتمبر الماضي. والعتب الأميركي ليس مرده إلى معارضة الضربات الإسرائيلية وإنما من أجل اتخاذ إجراءات تحسباً لردات فعل قد تطال الأصول والمصالح الأميركية في المنطقة. ما يسعى إليه بايدن هو التقليل من الآثار التي يُمكن أن تترتب على الضربة الإسرائيلية المفترضة لإيران، ولا سيما الرد الإيراني الذي يُمكن أن يؤول لاحقاً إلى ضربات متبادلة تُهدّد دولاً أخرى في المنطقة. لا يعني هذا أن البيت الأبيض لا يؤيد توجيه ضربة إسرائيلية لإيران رداً على القصف الصاروخي الإيراني لإسرائيل في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، انتقاماً لاغتيال السيد نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران. على العكس، يؤيد بايدن ضرب إيران وربما يذهب إلى حد المشاركة في العملية العسكرية وليس الاكتفاء بحماية إسرائيل من الرد الإيراني، وإنما شرطه هو عدم استهداف المنشآت النفطية والنووية. وعدا ذلك، لن تضع أميركا قيوداً على الضربة الإسرائيلية. وفي محاولة لاقناع نتنياهو بضرب أهداف محددة، أعلنت واشنطن، الجمعة، فرض عقوبات على قطاعي النفط والغاز في إيران! ومع ذلك، من المشكوك فيه أن يُصغي رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى بايدن، ويُفوّت ما يعتقد أنها فرصة مؤاتية لتوجيه ضربة قصوى لإيران، تصل إلى حد زعزغة النظام بعدما أضعفت الضربات الإسرائيلية حلفاء طهران في المنطقة وفي مقدمهم “حزب الله” و”حماس”. يرى نتنياهو أنه من دون ضربة بهذا الحجم، فإن النظام في إيران سيكون قادراً مع الوقت على استعادة عافيته وترميم “حلقة النار” حول إسرائيل. وهو يراهن على العودة من إيران بـ”شرق أوسط جديد” وبصورة “النصر المطلق” الذي يُنهي القضية الفلسطينية ويفتح طريق التطبيع مع المملكة العربية السعودية. وكتبت داليا داسا كاي في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، أنه “مع تدهور محور إيران بالوكالة، قد تُقرّر إسرائيل اغتنام الفرصة لضرب المنشآت النووية الإيرانية أو زيادة استهداف قادة الحرس الثوري، أو حتى الزعماء السياسيين الإيرانيين”. صار الرد الإسرائيلي مؤكداً قبيل موعد الإنتخابات الأميركية، وربما يكون مُركّباً ويُلامس أطراف الخطوط الحمر التي يرسمها الأميركيون حول المنشآت النووية والنفطية، وبرغم محاولات الضبط التي يسعى الأميركيون إلى رسم حدودها، من المرجح أن يُرجىء الإيرانيون ردهم إلى ما بعد انتهاء الإنتخابات الأميركية حتى لا يؤدي ردهم إلى تحقيق الأهداف التي يبتغيها نتنياهو وإرجاء الرد الإسرائيلي الهدف منه، أن يكون قريباً من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، فلا يستطيع الديموقراطيون إلا الوقوف إلى جانب نتنياهو وحمايته من التداعيات العسكرية والسياسية التي ستنجم عن هذا الرد. يتعين ألا يغيب عن البال، أن المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب، اتصل بنتنياهو قبل ساعات من اتصال بايدن به، مشيداً بالهجمات الإسرائيلية على “حزب الله”. وسبق له الإعلان أمام مناصريه، أن “فجر الشرق الأوسط الجديد صار في متناولنا”. ووسط ما بدا أنه خلاف أميركي-إسرائيلي حول الأهداف التي يتعين ضربها في إيران، يعج الإعلام الغربي بمعلومات عن تحذيرات إيرانية عبر قنوات خلفية، باستهداف دول الخليج وحلفاء آخرين للولايات المتحدة إذا ما سمحت باستخدام هذه الجهات باستخدام أراضيها أو أجواءها لمهاجمة إيران. ويقر مسؤولون في البنتاغون بأن بعض الحلفاء الإقليميين، قد أبلغوهم بأنهم لا يريدون للطائرات الإسرائيلية أن تعبر في أجوائهم أو أن تشن أميركا عمليات هجومية من أراضيهم، بينما لا يعارضون ممارسة القوات الأميركية حق الدفاع عن النفس إذا تعرضت لهجمات. وحصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال جولة خليجية زار خلالها السعودية وقطر في وقت سابق من الأسبوع، على تعهدات بعدم السماح للمقاتلات الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضي دول الخليج في طريقها إلى إيران. وحذرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في وقت سابق من الشهر الجاري علناً، بأن “أية دولة تقدم مساعدة للهجوم الإسرائيلي، ستعتبر مشاركة فيه وهدفاً مشروعاً” لإيران. ويحاول وسطاء عرب تهدئة التوترات من طريق القيام بحمل الرسائل بين إيران وإسرائيل. وهي قنوات خلفية فتحت منذ نيسان/أبريل الماضي عندما قصفت إيران إسرائيل بـ300 مُسيّرة وصاروخ. وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فإن الديبلوماسية الخفية قد نشطت منذ اغتيال السيد نصرالله، وشروع إسرائيل في الهجوم البري على لبنان، لتشن إيران هجومها الثاني بعد ذلك بأيام. إقرأ على موقع 180 “جبال قنديل” مفتاح حل بين سوريا.. وكردها ويُخفّف مسؤولون سابقون في الاستخبارات الإسرائيلية من التحذيرات الإيرانية بالرد على دول الخليج، معتبرين أن طهران لن تخاطر بتقويض محاولاتها لتعزيز علاقاتها الديبلوماسية مع دول الجوار. ومن المتوقع أن تؤدي المعارضة الخليجية لتحليق الطائرات الإسرائيلية في أجوائها، إلى جعل إسرائيل تلجأ على الأرجح إلى المرور في الأجواء السورية والعراقية، حيث الدفاعات الجوية هناك لا تُشكل تهديداً لتقنيات التخفي التي تعتمدها المقاتلات الجوية الإسرائيلية. حتى أن ما تُبديه الولايات المتحدة من معارضة لضربة واسعة النطاق لإيران، هي موضع شك في بعض الأوساط الغربية. ويتساءل أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا آدم توز في مقال بصحيفة “الغارديان” البريطانية “ماذا لو رأت الشخصيات الرئيسية في الإدارة (الأميركية) أن هذه لحظة تاريخية وفرصة لإعادة تشكيل توازن القوى العالمية؟ وماذا لو كان ما نشهده هو تحول الولايات المتحدة نحو رجعية متعمدة وشاملة من خلال استراتيجية التوتر”؟ في الخلاصة، صار الرد الإسرائيلي مؤكداً قبيل موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وربما يكون مُركّباً (عسكري وأمني) ويُلامس أطراف الخطوط الحمر التي يرسمها الأميركيون حول المنشآت النووية والنفطية، وبرغم محاولات الضبط التي يسعى الأميركيون إلى رسم حدودها، من المرجح أن يُرجىء الإيرانيون ردهم إلى ما بعد انتهاء الإنتخابات الأميركية حتى لا يؤدي ردهم إلى تحقيق الأهداف التي يبتغيها نتنياهو من وراء توقيت وأهداف الرد الإسرائيلي

 

(سيرياهوم نيوز1-بوست 180)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أُفول الإمبراطوريات؟

طريف الخالدي     تزامنت مدة دراستي في إنكلترا ما بين عامَي 1951 و 1960 مع ثلاث حروب سمّتها بريطانيا آنئذٍ «حالات طوارئ» هي: الملايو ...