آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » الشعب السعيد (2)

الشعب السعيد (2)

 

مالك صقور

 

وعدتُ أنْ أكمل الزاوية السابقة عن شعب سعيد يعيش بعيداًعنا ، مترجمة من مجلة ( نيديليا ) – أي الأسبوع ، وهي مجلة سوفيتية عريقة ، والمقالة هذه تُرجمتْ عن تحقيق صحفي أجرته هذه المجلة :

إذن ، من هو شعب الهونزا ؟ وأين يسكن ؟

يسكن شعب الهونزا في أقصى حدود الهند في شمال كشمير ، بين أفغانستان غرباً، والسينكيان الصيني شرقاً، ويفصلها ممر ضيق في الشمال عن الاتحاد السوفييتي ، تحيط التفرعات الجبلية الشاهقة لجبال الهملايا بهذه البلاد ، ويبلغ ارتفاع الممرات الجبلية المتوسطة ستة آلاف متر . عدد القرى المكتشفة نحو مئة وخمسين قرية موزعة بيت ( بلتيت ) و ( جلجيت ) ، تفصل بينهما مسافة تبلغ مئة كيلو متر . بتليت هي العاصمة ، وفيها مقر ( المير ) – أي ملك الهونزا . وتقع هذه العاصمة بين الجبال الأكثر ارتفاعا ًوخصباً ، وأعلى من العاصمة على هضبة مرتفعة يوجد مقر المير ومسكنه . وهذا يعيدنا إلى المؤرخ اليوناني بلوتارخوس الذي يقول : ” إنه في مكان ما على مقربة من الهند ، يعيش شعب بسعادة كاملة وهو قليل العدد ، وفوق ذلك يتمتع بصحة مزدهرة “. لقد كان حديث المؤرخ اليوناني ضرباً من الخيال ، أو من خرافات العصر الذهبي ، لأن أحداً ما لم يكن قد اكتشف هذا الشعب السعيد . ولكن الاكتشافات اللاحقة للرحّالة أثبتت مقولة بلوتارخوس ، فهذا الشعب يتميز بخلق مثالي ، وعقل كامل ، وانسجام منقطع النظير للعلاقات العائلية والاجتماعية . وعلى الرغم من الظروف القاسية للعيش فأن هذه الجماعة من البشر لا تنعم بالسرور فحسب ، بل تشعر بالرضا دائماً .

يعيش شعب الهونزا على الزراعة ، وتقام القرى والبساتين على المنحدرات المشغولة بدأب وصبر وعناية على شكل مصاطب . ويعتبر شعب الهونزا من أرباب البستنة ، وزراعة الخضار ، والأشجار المثمرة . ولأنهم لا يستخدمون النار في إعداد طعامهم ، ولهذا يعتقد أنهم يتمتعون بالصحة الجيدة .والغذاء الرئيسي لهم من ثمار نيئة ، ومن الخضار الطازجة صيفاً ، والمجففة شتاءً . والشتاء عندهم قاس جداً ، فدرجة الحرارة تهبط إلى ماتحت الصفر ، فيهجع السكانىفي بيوتهم ، وينصرفون للأعمال المنزلية المختلفة . منهم من يقوم بأعمال الخراطة و النحت ، والحدادة ،والصقل ، ومنهم من يقوم بتنظيف الصوف وتمشيطه ، ومنهم من يقوم بأعمال الغزل ، والخياطة ، والتطريز .. وفي الشتاء ، مناسبة ليحكي الشيوخ للأبناء و الأحفاد حكايات الأبطال والملوك ، ووقائع تاريخية ، وكيف تم شق ومد وبناء أقنية الري وغيرها ، وعن الأعياد والأعراس التي يحبها شعب الهونزا .. ويصغي الشباب والصبايا باهتمام وانتباه لمجريات الأحداث التاريخية ، وذلك لأنه لا يوجد لديهم تراث أدبي ..ومع ذلك ، فإن لغتهم غنية جداً . ( يتحدث شعب الهونزا الهندي اللغة البروشسكية المعروفة أيضاً باسم “خاجونا ” ) .. ووفق ما أورده جون توبي في كتابه ( شعب الهونزا ، رحلة إلى بلاد فارس): تتميز أخلاق شعب الهونزا بدرجة رفيعة من السمو، ويمكن مقابلتها مع أفضل الأمثال قدوة في العالم ، ولا يوجد عندهم أي علاقات متهتكة بين الرجال والنساء ، وقد لوحظ بكل تأكيد أنهم أطهار في أفكارهم وفي حياتهم .

وكما يذكر د. برتشر في كتابه ( الهونزا ) رأي السيدة لوريمر وهي تتحدث عن الميزات الجوهرية لأخلاق شعب الهونزا فهم فرحون جداً يحبون الحياة ، يكرمون بعضهم بعضا في علاقاتهم مع الغرباء ، وهم مضيافون ، يحبون الضيف ويكرمونه ، وهم ذو لطف وعطف ، صبورون ، يعاونون الشيوخ ، ويهتمون بالأطفال ، وهم على استعداد دائم لأن يساعدوا الجميع في كل شيء . ومن اللافت أيضاً ، أنهم يعتنون بالحيوانات الداجنة ويهتمون بها ويعطفون عليها .

ويخلص كل من عاين شعب الهونزا وفق د. برتشر ، كما يقول : ” إن كل قرية في بلاد الهونزا تشع بالسلام والهدوء والسعادة والإطمئنان إلى العيش ، وحتى بالغبطة ، التي كثيراً ما تظهر بالإبتسامة المشرقة على الوجوه “.

إن كل ما كتب وروي عن حماسة شعب الهونزا للعمل ، يتوافق مع أقوال الكاتب الروسي ليف تولستوي ، الذي يؤكد أن السعادة الحقيقية يجدها الإنسان في العمل .. كما يمكن القول : إنهم يعملون وكأنهم يلعبون ، ويلعبون كأنهم يعملون ..

وأخيراً ، يشير التحقيق الصحفي إلى أن أكتشاف هذا الشعب ومعرفته ،له أهمية كبيرة لمستقبل البشرية ، ولو وجد أناس يهتمون بهذا الشعب ومثله وأخلاقه وسلوكه ، ليكن قدوة للشعوب

الأخرى .

هذا غيض من فيض عن شعب الهونزا ، فهل مازال هؤلاء القوم كما كانوا ، أم وصلت إليهم “حضارة ” الغرب ، وفعلت بهم ما فعلت بشعوب الشرق ؟!

(موقع أخبار سوريا الوطن-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هذا ماقاله المجاهد صالح العلي في أول عيد للجلاء عن سوريا 

    عبد اللطيف شعبان   بمناسبة هذه الذكرى المجيدة، كان يقام كل عام مهرجان احتفالي كبير لمدة ثلاثة أيام، في ساحة ضريح المجاهد الشيخ ...