آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » الطاغية..!

الطاغية..!

 

مالك صقور

{ اذهب إلى فرعون إنه طغى } صدق الله العظيم .
والحديث عن الطاغية يطول ، يطول جداً حين يُتاح الحديث عنه ، أي بعد أن يدفن ، أو بعدأن يعدم ، أو بعد أن يفر أو يرحل !! يقول جون لوك : ” يبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون ، و إلحاق الأذى بالآخرين “. ويقول الدكتور إمام عبد الفتاح إمام في مقدمة كتابه ( الطاغية ) : ” في ظني أن موضوع ” الطاغية ” بالغ الأهمية ، وأنه لم ينل حقه من الدراسة والبحث في مكتبتنا العربية ، بصفة خاصة ، مع أننا أحوج ما نكون إلى دراسته بعمق ، وتأمله في تدبر وإمعان ! ربما الباحث لا يجرؤ على الكتابة في هذا الموضوع ما بقي الطاغية متربعاً على كرسي الحكم ، فإذا ما تنفس الناس الصعداء ، بعد زواله ، نسوا ،أو تعمدوا نسيان تلك الأيام السوداء التي عاشوها في ظله ، وظنوا – واهمين – أنها ذهبت إلى غير رجعة ! ” . ويحدث في التاريخ ؛ كالمستجير من الرمضاء بالنار ..أو في المثل الشعبي : من تحت الدلف إلى تحت المزراب .
لكن د. إمام يعتبر أن الوضع في العالم الثالث ، مختلف عن ذلك أتم الاختلاف ، لأن العالم الثالث عاش تاريخه الطويل يحكمه الطغاة ، وفي رأيه :”أن الطغيان مازال يطل برأسه .. والسبب في ذلك هو التخلف .. وارتفاع نسبة الأمية ، وغياب الوعي ” . وأنا أضيف غياب الحرية ، والديمقراطية ، وعدم فعالية الأحزاب ، وإقصاء النقابات . عند ذلك يهيمن الحاكم ورويدا رويدا يتحول إلى ديكتاتور مستبد ظالم ، ويقوم أزلامه بالترويج له ، أنه ” المنقذ” ، و ” القائد الملهم ” و ” الزعيم الأوحد ” والذي يقود السفينة إلى بر الأمان ، وفوق ذلك تجد من يصرخ نفتديه ” بالروح والدم ” . ومع استفحال الاستبداد ، وسطوة العسس ، والمباحث ، والشرطة ، والمخابرات ، وأجهزة الأمن ، يتحول هذا الحاكم الذي وعد في خطاباته أنه سيكون في خدمة الشعب والسهر على أمنه وخبزه وقضاياه ، إلى طاغية ، ويبتلى بجنون العظمة . والحديث لن يتم إلا عن الإيجابيات ، والتي هي في الحقيقة من واجبات الحاكم تجاه شعبه ، ولكن السؤال الأهم : ما قيمة هذه الإيجابيات إذا سحقت الإنسان وحطمته ، وجعلته يشعر بالدونية والعجز ؟!!
يذكر د. إمام في كتابه المذكور أعلاه ، أن أول من استخدم كلمة طاغية ، هو الشاعر اليوناني أرخيلوخوس ، عندما وصف الملك جيجز الذي أطاح بملك ليديا واستولى على العرش . يقول : ” أنا لا أهتم بثروة جيجيز ، وأنا لا أحسده ، ولا أرغب أن أكون طاغية ” ، وبهذا يقصد الشاعر جيجزالذي اغتصب السلطة ..
يشرح البستاني معنى كلمة طاغية : ” .. ويقال طغى فلان أي أسرف في المعاصي والظلم ، والطاغية : الجبار ، الأحمق ، والمتكبر ، والصاعقة ، والمراد به هنا من تولى حكماً فاستبد وطغى ، وتجاوز حدود الاستقامة والعدل ، تنفيذاً لمآربه فيمن تناوله حكمه أو بلغت سلطته إليه ” ..كما يشير البستاني إلى أن لقب الطاغية – مصطلح سياسي يطلق على الحاكم المتعسف . كما ويشكو البستاني من أن الناس يمكن أن تتقبل ” الطغيان ” بغير شكوى وتذمر ، وهي الصفة التي سوف يلصقها أرسطو بالشرقيين ، ويرى أنهم يحملون طبيعة العبيد ، ولهذا لا يتذمرون من حكم الطاغية . ” وفي التاريخ مايشير إلى أن الرعية قد تبكم ، أو لا تبالغ في الشكوى إذا تسلط طاغية عليها ، كأن الجبن يأخذ منها كل مأخذ فيخمد أنفاسها وترضخ صاغرة ، كأنها تتقي شر نقمته ، خلافاً لما لو اعتدلت السلطة فتجاهر الرعية بمطالبها ، ولا يحول بطش الطاغية دون تألبها ، والمطالبة بما تروم من حقوق ” . وعلى ذكر صمت الرعية ، وخنوعها وخضوعها ، تتجلى قصيدة الكبير نزار قباني ” الممثلون ” : ” حين يصير الفكر في مدينة / مسطحاً كحدوة الحصان / مدوراً كحدوة الحان / وتستطيع أي بندقية يرفعها جبان/ أن تسحق الإنسان / حين تصير بلدة بأسرها / مصيدة .. والناس كالفئران / …..يموت كل شيء / يموت كل شيء /الماء ، والنبات ، والأصوات ، و الألوان / تهاجر الأشجار من جذورها / يهرب من مكانه المكان / وينتهي الإنسان /… حين يصير الناس في مدينة / ضفادعاً مفقوءة العيون / قلا يثورون ولا يشكون / ولا يغنون ولا يبكون / ولا يموتون ولا يحبون / تحترق الغابات ، والأطفال ، والأزهار / تحترق الثمار / ويصبح الإنسان في موطنه / أذلَ من صرصار ../ ”

(موقع أخبار سوريا الوطن-٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هذا ماقاله المجاهد صالح العلي في أول عيد للجلاء عن سوريا 

    عبد اللطيف شعبان   بمناسبة هذه الذكرى المجيدة، كان يقام كل عام مهرجان احتفالي كبير لمدة ثلاثة أيام، في ساحة ضريح المجاهد الشيخ ...