آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » الفجوة كبيرة ..من يعالجها وينقذ ملايين الأسر ..؟

الفجوة كبيرة ..من يعالجها وينقذ ملايين الأسر ..؟

 

عبد اللطيف شعبان

لم يمض وقت طويل على آخر زيادة في تعرفة الشركة السورية للاتصالات، حتى أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد مجددا، أنه سيتم تعديل أسعار خدمات الشركة بدءاً من الأول من شهر أيلول الحالي، وسيكون بزيادة من /30 – 35 / %لكل من أسعار خدمات الهاتف والإنترنت الثابتة للشركة، دون أن يطرأ أي تعديل على جودة الخدمات، وقد أوضح المدير العام التنفيذي للشركة أن تعديل أجور الاتصالات جاء استناداً إلى موافقة الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على تعديل خدمات الاتصالات الثابتة، وذلك في ضوء الارتفاع الكبير لتكلفة التجهيزات التقنية المستخدمة لتقديم خدمات الاتصالات والمصاريف التشغيلية للشبكات، وبالتالي هناك فجوة كبيرة بين النفقات والإيرادات، لذلك فإن تعديل الأسعار يأتي لتحقيق التوازن ولضمان استمرارية خدمات الاتصالات.
ليست هذه الزيادة وحيدة وليست الأخيرة، فقد سبقتها وواكبتها وستتبعها زيادات في أسعار كثير من السلع والخدمات، إذ يلاحظ منذ سنوات أن جمبع الجهات العامة والخاصة المنتجة للسلع والخدمات تعمد لزيادة أسعار منتجاتها وخدماتها بحجة ارتفاع النفقات، وجميع هذه الزيادات تؤدي لتتابع ازدياد النفقات عند كل أسرة قياسا بما لديهم من الايرادات المتزايدة بنسبة أقل بكثير، وخاصة أسر شريحة العاملين في إدارات القطاع العام على اختلاف اسمائها وتنوعها، ما يتسبب بزيادة الفجوة بين النفقات والايرادات عند شريحة كبيرة من الأسر
والسؤال المشروع :إذا كان لجميع الجهات ( العامة و الخاصة ) المنتجة للسلع والخدمات إدارات تقيّم حالتها وتطالب بزيادة الإيرادات لتغطية زيادة النفقات، ودائما تتحقق لها هذه المطالبة بما يحقق الموازنة وأكثر، فمن هي الحهة العامة المعنية بدراسة خلل الموازنة بين النفقات والإيرادات لملايين الأسر، هذا الخلل الذي استفحل مرات ومرات وما زال ذلك قائما ومستمرا، وما من مرة تمَّت دراسته ومعالجته إلا بعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى، ويندر أن نجم عن المعالجة تحقيق التوازن إلا بنسبة ضئيلة، إذ ما من زيادة في الراتب تواكبت مع الزيادات في الأسعار، وحقيقة الأمر ما من زيادات فعلية حدثت على الراتب خلال العقود الماضية، فكل زيادة في الراتب كان يسبقها ويتبعها زيادة في الأسعار تستهلك الزيادة سريعا، بالترافق مع ضعف القوة الشرائية للّيرة، فالجميع يعرف أن راتب سبعينات القرن الماضي الذي كان يومئذ بمئات الليرات ( 375 ل.س التعيين الأول للفئة الأولى ) كان يشتري / 80 / كيلو لحم أو / 80 / كيس اسمنت أو …. أما راتب اليوم – لنفس الفئة – الذي أصبح بمئات آلاف الليرة السورية بعد عشرات الزيادات التي حصلت، فلا يشتري إلا بحدود / 3 / كيلو لحم أو/ 3 / كيس اسمنت، وقس على ذلك لمئات السلع الاستهلاكية ولعشرات السلع المنزلية.
المؤسف أن هذه الفجوة الكبيرة عند الأسر الناجمة عن خلل التوازن بين الانفاق والايرادات نتيجة الزيادات المتتالية في أسعار الكثير من المواد، لم ينعكس تأثيرها السلبي عند المواطن على الجانب الاستهلاكي فقط، بل انعكس أيضا على الجانب الانتاجي فارتفاع أسعار جميع مواد ومستلزمات الانتاج – لابل ندرة توفر بعضها أو سوء نوعيته – أضعف من عزيمة وقدرة المنتجين وخاصة الصغار منهم، وعلى الأخص المنتجين الزراعيين ومربي الثروة الحيوانية الذين يعانون من ارتفاع أسعار الأسمدة والأدوية والبذور الزراعية والأعلاف والأدوية البيطرية، والخطر الكبير من عواقب هذه الفجوة القائمة والمتفاقمة، يتجلى في ارتفاع أسعار مواد البناء والأدوات المنزلية، ما سيتسبب بمنع الجيل الشاب من التحضير لمسكن الزوجية، ويؤدي للحد من الإقبال على الزواج وازدياد نسبة العنوسة وخفض معدل النمو السكاني.
فهل سيكون بمقدور مجلس الشعب الجديد والحكومة المرتقب قدومها، العمل سريعا لردم هذه الفجوة التي استفحلت، وتسفر الآن عن اضطرار الكثير من الأسر لبيع بعض ممتلكاتهم، ليسافروا خارج البلد أو ليؤمنوا نفقات غذائهم، لا بل أن العديد من الأسر بدأوا يبيعوا بعض أثاثهم المنزلي لتأمين ثمن لقمة الطعام، فالفجوة الموجودة بين الدخل الأسري والانفاق الأسري هي الأخطر والأولى بالمعالجة.
*الكاتب:عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
(موقع سيرياهوم نيوز -٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وأصبح لدوائنا أسعار حرة..؟!

    قسيم دحدل   إلى أي درك وصلنا حين تصل السوق السوداء إلى قطاع الصيدلة، الذي من المفترض بمن يعمل فيه أن يكون على ...