آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » تحسّن الوضع الاقتصادي رهن بتنفيذ الإجراءات المتوافقة مع التشريعات والقرارت وعدم الاكتفاء بالتنظير ورفع التوصيات ..!!  

تحسّن الوضع الاقتصادي رهن بتنفيذ الإجراءات المتوافقة مع التشريعات والقرارت وعدم الاكتفاء بالتنظير ورفع التوصيات ..!!  

 

 

عبد اللطيف شعبان

 

 

كثيرة هي التوصيات البالغة الأهمية التي صدرت خلال العقود الماضية عن عشرات المؤتمرات والاجتماعات واللجان، بالتوازي مع العديد من التشريعات والقرارات التي أعقبتها، هذا في الجانب التنظيري ولكن التمعن في الجانب التدبيري يظهر أن العديد من الاجراءات أغفلت العمل جزئيا أو كليا في ذلك، ما خلق هوة كبيرة بين التنظير والتدبير، وتتابع وتراكم ذلك في سياسات الحكومات السابقة تسبب في تبديد الكثير من الوعود والأمنيات، وكاد يوصل الحال إلى صعوبة كبيرة في استدراك استعادة بعض ماكان من رغد وصعوبة أكبر في التأسيس للجديد من السعد.

فالاجراءات السيئة التي تسببت في عزوف أقرب إلى الكلي، عن تربية دودة الحريرفي ريف عدة محافظات ذاك الانتاج الذي كان يدر دخلا متميزا لمئات آلاف الأسر في موسم قصير لمدة حوالي أربعين يوماً، حتى كان من الدارج التعبير عن غنى الشخص بأن يقال: صندوقه ملآن حرير، ومجمل إجراءات مزعومة لم تسفر عن التمكن من العودة إلى هذه التربية لفقدان مقومات هذه العودة، وأصبح الحديث عن هذا الانتاج في عالم منسيات الماضي التليد الذي يحدث تاريخه أن سوريا بلد الحرير بل وطريق الحرير،

 

وأيضا حدث عن تراجع كبير في زراعة محصولين هامين الفستق والذرة الصفراءأكان ذلك بسبب سوء توفير المواد اللازمة للانتاج أو سوء التسويق، فقد شهدت سنوات عديدة انتاج محصول ذرة صفراء كبير في أرياف حلب وحمص وحماه ولكن إهمال السلطات المعنية في تسويقه من المزارعين دفعهم للعزوف عن زراعته ما أتاح الفرصة الذهبية للمستوردين، وفي السنوات الأخيرة أسفر الاستقرارالأمني عن عودة زراعة الذرة في مناطقها ولكن المزارعين اصطدموا مجددا بضعف إجراءات التجفيف والتسويق الموعودة ما أوقع المزارعين في ورطة..

ولعقود عديدة كانت زراعة الشوندر السكري مصدر دخل لعشرات آلاف المزارعين ومادة أولية لمعملي السكر في حمص وتل سلحب اللذان كانا يؤمّنا آلاف فرص العمل، ولكن مجمل إجراءات سلبية أضعفت هذه الزراعة، ما أدى لعدم وجود انتاج لمادة السكر في الوقت الحالي نهائيا ( حسبما ورد في الاعلام ) فشركة سكر حمص متوقّفة عن الإنتاج منذ عام 2018 لعدم توفّر المادة الأولية / السكر الأحمر /، وشركة سكر تل سلحب متوقفة منذ عام 2022 لتوقّف زراعة الشوندر السكري في منطقة الغاب.” حيث أو قفت اللجنة الاقتصادية زراعة الشوندر لموسمي عام 2023/2024”، بحجة عدم تأمين مستلزمات الإنتاج من قبل وزارة الزراعة للفلاحين من سماد ومحروقات، بالإضافة إلى عدم اقتصادية سعر الشوندر، ما أتاح فرصة اقتصادية لمستوردي مادة السكر

 

ومنذ سنوات وواقع الحال يوحي بتضرر متتابع لمزارعي التبغ نتيجة ضعف الأسعار التي تعطى للمزارعين قياسا بالكلفة والأتعاب وسعر المادة المستوردة، فعدد المزارعين وكمية الانتاج في تناقص متتابع والمادة المستوردة والمدخنين في تزايد متتالي، والأسوأ خطرا تردي زراعة القمح والقطن المحصولين اللذان كان يقال عنهما: لاخوف على سورية فهي تأكل مما تزرع وتلبس مما تنسج، وللسياسات والاجراءات الحكومية دور مؤسف في كل هذا التردي بما في ذلك تأخرها عن اعطاء السماد لمزارعي القمح ما جعل الانتاج يحوم حول مئات آلاف الآطنان بدلا من ملايينها في العقود السابقة.

 

نحن الآن أمام توصيات جديدة مبشّرة من المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، في إطار خطة شاملة تهدف إلى رفع كفاءة الأداء الحكومي ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة، بدءا بإعادة النظر في بعض التشريعات وترتيب أولويات المشاريع الحكومية وفقًا لأهميتها وجدواها الاقتصادية، والتركيز بشكل خاص على المشاريع الإنتاجية، وخاصة في قطاعي الزراعة والتصنيع الزراعي، بهدف زيادة المنتجات في الأسواق المحلية وخفض تكاليفها، مما يعزز القوة الشرائية للمواطنين ويحد من ارتفاع الأسعار، والعمل على التعاون مع الجهات الدولية لتمويل المشاريع الإنتاجية من خلال المنح والقروض الميسرة، مع التركيز على المشاريع الإنتاجية التي تلبي احتياجات المواطنين وتسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، والمشاريع التي يمكن أن تدر إيرادات تمكّن من سداد قيمة القروض، ما يساهم في تخفيف العبء المالي على الخزينة العامة، بالإضافة إلى توجيه الوزارات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لدورها المحوري في تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص العمل، والتي قال عنها رئيس مجلس الوزراء” إن لم تنطلق هذه المشروعات سنتأكد أن هناك شياطين تسكن بيننا..

 

كما أن وزير الصناعة أفصح عن إستراتيجية لن تتأخر لإنقاذ منشآت القطاع من خسائر كبيرة، وضرورة التعاطي الحكومي بفكر ورؤى مرنة لتحديد دور الدولة في القطاع العام، ومن خلالها بلورة برامج تطوير لمختلف البنى والمكونات الأساسية القائمة، ولكن توقفت حذرا عند قوله ” أن الوزارة ستعمل وبكل هدوء وأناة وفق دراسات جدوى اقتصادية لا تستبعد أي خيار كان، فالانسحاب من بعض القطاعات الصناعية قد يكون خطوة إيجابية ومربحة بالنسبة للقطاع العام، ولن تتردد الوزارة بالمبادرة لاعتمادها في سياق التحول من دور التشغيل إلى دور التنظيم المدروس والمخطط، وهنا حضرتني ذكرى عقود ما قبل الستينات يوم كانت الملكية الكبري في الزراعة للإقطاع وفي الصناعة والتجارة لمن كانوا يوصفون بالأغنياء، وجاءت حكومة البعث حكومة النهج الاشتراكي ووزعت الأراضي على الفلاحين وأممت جزءاً كبيراً من قطاعي الصناعة والتجارة وكان لهذا النهج انجازات كبيرة لعقود من عمره، وتعثره لايعود لضعفه بل لسوء من عمل على إضعافه، فإن يكن تحديد دور الدولة في القطاع العام والانسحاب من بعض القطاعات الصناعية خطوة إيجابية ومربحة بالنسبة للقطاع العام – كما يقول اليسيد الوزير- فهل يستطيع سيادته أن يقول لنا والمثال على ذلك معمل السماد الآزوتي في حمص؟ أفلا يتلمس سيادته وجميع المزارعين والواعين منعكسات واقع حال هذا المعمل والسؤال هنا هل يلتقي تصريح وزير الصناعة بأنه لايستبعد أي خيار كان بما في ذلك الانسحاب من بعض القطاعات مع توصيات المجلس الأعلى للتخطيط برفع كفاءة الأداء الحكومي والتركيز على المشاريع الانتاجية؟!.

 

إن كان يرى البعض أن الدولة قد أخطأت يوم أخذت أملاك الاقطاعيين وأموال وممتلكات الأغنياء فأرى ( من وجهة نظري ) أنها اليوم أكثر خطأ – بل وأكثر من ذلك – عندما يعمل بعض أركانها لإهمال محاسبة الفاسدين الذين أوصلوا

الحال إلى ماهي عليه من ضعف وسوء والتحضير لإعطاء أملاكها التي هي أملاك الشعب كل الشعب إلى الأغنياء – تحت حجة وأخرى – أكانوا سوريين أو مستثمرين أجانب، فالتعددية الاقتصادية هي الحل، على أن تبقى الريادة للقطاع العام الذي لولا بقاياه لحدثت الويلات، شريطة أن يكون متبوئي مهام إدارات هذا القطاع بمثابة أمنائه لا أصحابه، وأن يطلق العنان لأيادي القطاع الخاص شريطة ألا يضع أقدامه خارج الوطن وألا توضع المراس في رقبته فالقطاع الخاص حاجة وطنية ماسة كما هو حال القطاع العام.

 

*الكاتب:عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

(موقع سيرياهوم نيوز-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025

أقر مجلس الشعب اليوم مشروع القانون المتضمن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025 وأصبح قانوناً، وذلك خلال استئنافه أعمال جلسته السابعة عشرة من الدورة العادية الأولى ...