همسة زغيب
حفظت الذاكرة الشعبية عنصراً تراثياً ولا مادياً حمل جمال الشام عبر ثمار التفاح، فكانت “عنبر الشام” حلوى للأطفال صبغت شفاههم، ولونت وجناتهم باللون الورود، وأدخلت الفرح إلى قلوبهم.
صحيفة الثورة التقت براء أبو سرور، التي أرادت إحياء التراث من خلال هذه الحلوة، فروت قصة تفاح الزبداني، ويبدو وكأنَّه ياقوت مرصوص في طقس من طقوس الفرح، يبدأ ببريق يخطف الأنظار ثم قرمشة توقظ الذكريات، وينتهي بنكهة طفولة تحمل حلاوة العسل، وحموضة البرتقال ودفء اللقاءات، وحنين الماضي، وينتشر عبيرها العنبري في الأجواء، فتعيد إلى الأذهان ذاكرة مغلفة بالسكر لأرض تنفست الصقيع شتاء وتوشحت بالخضرة صيفاً لتعبر الحدود وتسكن قلوب الشعوب.
وأشارت إلى أن تفاح الزبداني المسمى بالعنبر، أو تفاح الحب، والتفاحية والمعلل، نادى عليه الباعة “دبوسك يا ولد، تعال عال تفاح، خدودك عنبر يا تفاح”.. وتتكون تلك الحلوى من حبات التفاح الصغيرة، وكانت تصنع من التفاح السكري الذي تكثر أشجاره في منطقة الزبداني المعروف بلونه الأخضر اللامع وخده الأحمر وطعمه المميز، يجمع بين الحلاوة والحموضة، يغطي سطح الثمرة طبقة من العسل بلونه الأحمر أو العنابي، وتباع في المناسبات والأعياد وأماكن تجمع الأطفال في زوايا الأسواق الشعبية.
كما ذكرت أبو سرور أنَّها تعلمت من والدتها إحياء تلك الحلوى من خلال تجربة صناعتها وبيعها في المعارض التراثية بقصد لفت انتباه الأطفال وتشجيعهم على اختيار الحلوى التقليدية ودغدغة ذاكرة الكبار.
وحول طريقة صناعة الحلوة، أوضحت أنَّ المرحلة الأولى غسيل ثمرات التفاح وتجفيفها ويليها طبخ العنبر بوضع السكر وفوقه الماء وغليهم على النار مع عصير الليمون وبضع قطرات من الصبغة الحمراء، وتركهم بعد الغليان حتى يصبح السائل ثقيلاً لزجاً، ثم تغطس حبات التفاح باستخدام عيدان خشبية بسرعة قبل أن يبرد المغلي ويتجمد وترص على طبق مدهون بالزيت أو الزبدة حتى لا يلتصق السائل اللزج عليه، وتكون المرحلة الأخيرة بتغليف القطع بالنايلون الشفاف.
وأضافت خلال حديثها: إنَّ هناك العديد من الأغاني التراثية التي تغنت بالتفاح ولونه ومذاقه وبائعه منها: “دوبه إجا ودوبه راح بياع التفاح.. دوبه كان بحارتنا بياع التفاح.. اشترت منه جارتنا بياع التفاح”.
(اخبار سوريا الوطن 1-صحيفة الثورة )