آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » رسالة إلى السوريين في الساحل والسويداء والشمال: واقع جديد ورؤية للمستقبل..

رسالة إلى السوريين في الساحل والسويداء والشمال: واقع جديد ورؤية للمستقبل..

 

بقلم:د.علاء برهوم

 

 

إلى السوريين في الساحل السوري والسويداء وإلى جميع السوريين بمختلف انتماءاتهم..

لقد أتيحت لي الفرصة خلال الأشهر الثلاثة الماضية للعمل كمشرف على قطاع الصحة في محافظة طرطوس، وهو ما منحني نظرة قريبة على واقع لشعب بسيط و فقير و همه لقمة عيشه بينما المتسلط الغني السارق منهم قد فر هارباً بعائلته و أمواله

 

*نظام جديد وعمل مؤقت*

 

في هذه الفترة، تم توزيع بعض العاملين ممن كانوا في ادلب خلال السنوات السابقة لإدارة قطاعات عدة .. ليس بدافع إقصاء أحد أو تفضيل فئة على أخرى، بل لأن النظام الإداري المتبع في شمال سوريا كان إلكترونياً ومتوافقاً مع نظام المنظمات الدولية الفاعلة بالمنطقة. هذا الأمر منح العاملين فيها خبرة في إدارة القطاعات المختلفة وفق الآليات التي تعتمدها المنظمات العالمية، وهو ما تطلب الاستعانة بهم مؤقتاً لضمان استمرارية العمل بكفاءة وفي تطبيق النظام الالكتروني بدل الورقي تدريجياً

لقد أوضحت هذا الأمر للكثيرين ممن التقيت بهم، لأن هناك مخاوف مشروعة حول تغييرات الإدارة، لكن الواقع أن هذه الخطوة ليست سياسية، ولا تهدف إلى إقصاء أحد، بل جاءت بدافع الكفاءة والخبرة في التعامل مع النظم الإلكترونية الحديثة و الخبرة و العلاقات التي يمتلكها هؤلاء في التعامل مع المنظمات الدولية التي ستنشط قريبا على امتداد مساحة سوريا

 

*مقارنة بين الماضي والحاضر*

 

منذ ثلاثة أشهر حتى الآن .. لم أرَ أو أسمع عن حالات إذلال على حواجز الأمن العام ..، لا لأبناء الساحل، ولا لأبناء السويداء، ولا لأي من الأقليات أو الأكثريات. على العكس، كان هناك تعامل أكثر احتراماً وحيادية مقارنة بالماضي القريب… نحن نتذكر جميعاً كيف كنا نتعرض نحن والأقليات، بل جميع السوريين، للإذلال والاعتقال وربما القتل عند حواجز النظام السوري، في ظل حكم بشار الأسد.

هذه المقارنة ليست مجرد كلمات، بل هي واقع يعيشه الناس يومياً، ومن الضروري أن نضعها في الميزان عندما نفكر في مستقبل سوريا، ونقيم أي طرح جديد يحاول فرض نفسه تحت شعارات براقة.

 

*مخاطر الدعوات للفيدرالية والتقسيم*

 

في الفترة الأخيرة، ارتفعت أصوات كثيرة تطالب بالفيدرالية، والتقسيم، وحتى الحماية الدولية. ومن الضروري أن نوضح أن هذه الطروحات ليست جديدة .. بل سبق أن رأيناها في حقب تاريخية مختلفة تحت مسميات مثل الانتداب أو الوصاية الدولية.

ما يُطرح اليوم من فيدرالية أو تقسيم، وإن بدا مغلفاً بمصطلحات حديثة، فهو في جوهره ليس إلا إعادة إنتاج للانتداب الفرنسي أو الوصاية الروسية، حيث يتم وضع جزء من سوريا تحت إدارة خارجية تحت ذريعة الحماية أو الاستقرار. هذا ليس حلاً، بل هو تكريس لحالة التبعية والضعف، وسيفتح الباب لتدخلات خارجية لا تخدم مصلحة أي سوري، سواء كان من الساحل أو السويداء أو إدلب أو أي منطقة أخرى.ثم أن المناطق لا تملك أي موارد تجعلها تقوم وتتطور بذاتها ولن تتعافى إلا بسوريا كاملة

 

*الفيدرالية: مشروع المجرمين الهاربين أم مطلب الشعب؟*

 

في الآونة الأخيرة، تعالت أصوات تطالب بالفيدرالية وتقسيم سوريا إلى كيانات مستقلة، وقد يظن المواطن العادي أن هذه الدعوات تأتي من أشخاص عاديين: جاره، زميله، طبيب، محامٍ أو معلم. لكن الحقيقة أن المصدر الأساسي لهذه المطالب يعود إلى مجموعتين واضحتين:

• *المجرمون الذين فرّوا خارج البلاد* بعد أن نهبوا وسرقوا واستغلوا نفوذهم، وهم اليوم يحاولون العودة إلى السلطة عبر مشاريع تقسيمية تحميهم من المحاسبة.

• *المجرمون الذين فرّوا داخل البلاد * إلى المناطق الجبلية أو القرى المحيطية، وهم يدركون أن سوريا موحّدة تعني محاسبتهم على جرائمهم، لذا يحاولون اقتطاع أجزاء من الوطن ليعيدوا بناء سلطتهم المستبدة ولا مشكلة يهم و إن كلفهم ذلك الآلاف من أرواح السوريين أو من أبناء جلدتهم و طائفتهم

 

*لماذا يطالبون بالفيدرالية؟*

 

هؤلاء لم يفقدوا فقط سلطتهم، بل فقدوا أيضاً أملاكهم التي سرقوها و اشتروا فيها العقارات في المدن ، ومواقعهم التي استخدموها لإذلال وتجويع الشعب. إن بقِيَت سوريا موحدة، فلن يستطيعوا العودة إلى هذه المواقع، وإن عادوا فسيواجهون المحاسبة. لذا، يحاولون اقتطاع جزء من البلد ليتمكنوا من استعادة تسلطهم، بحماية قوى دولية تمنحهم الغطاء السياسي والقانوني.

الغريب أن غالبية أبناء الساحل يعانون من الفقر والظلم و الاستبداد بسبب هؤلاء المجرمين، لكن بعضهم اليوم يردد مطالبهم دون أن يدرك أنه يساعدهم على إعادة بناء منظومة القهر التي أذلته في السابق. و لمن يطالب بالعفو عنهم أقول أن العفو عن هؤلاء غير مقبول، لأن السلم الأهلي الحقيقي لا يقوم على طمس الجرائم … بل على تحقيق العدالة واحترام دماء مليون شهيد سقطوا في هذه الثورة.

 

*ما هو الحل؟*

 

يجب أن يدرك السوريون، بكل انتماءاتهم، أن وحدة سوريا هي الضمان الوحيد لعدم عودة المجرمين إلى السلطة. و لا أكتب هذا لأجل السيد أحمد الشرع او غيره … لا يهم من يحكم اليوم أو غداً ..، فالرؤساء يأتون ويذهبون.. لكن إن تمزقت سوريا.. فلن تعود أبداً كما كانت. التحدي الأكبر أمامنا اليوم ليس فقط بناء دولة جديدة … بل حماية هذه الدولة من مشاريع التقسيم التي تخدم قلة قليلة على حساب الملايين من المواطنين الذين دفعوا ثمن هذه الحرب.

 

*رسالة إلى السوريين*

 

لا تنخدعوا بشعارات الفيدرالية والحماية الدولية، فهي ليست أكثر من إعادة إنتاج للانتداب القديم، بهدف تسليم البلد لمجموعة من اللصوص والمجرمين. الحل الوحيد هو بناء سوريا موحدة، دولة قانون تحترم الجميع و محاسبة مرتكبي الجرائم سواء على مدار 14 عاما سابقة أو المجازر المرتكبة بحق الأمن العام و بحق المدنيين من أهلنا بالساحل خلال الايام الماضية وكذلك تحاسب كل من سرق، وقتل، وعذّب، وجوّع الشعب. فالسوريون اليوم أمام خيارين: إما وطن موحد للجميع، أو دويلات مفككة يحكمها أمراء الحرب والفاسدون.

9\3\2025

(موقع أخبار سوريا الوطن١-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في أبوظبي… أول عيادة لمعالجة إدمان الأطفال على الشاشات

  كارين اليان   منذ جائحة كورونا، زاد وقت جلوسنا أمام الشاشات، على اختلاف أعمارنا. ورغم أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والشاشات بات واضحاً على ...