آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » سنفعلها ولو بعد حين..!

سنفعلها ولو بعد حين..!

محمد عزوز
من عادتي أن أزور رئيس المركز الثقافي في القدموس ، وهو صديق عتيق ، كلما طالت زيارتي للقدموس ، وطول الزيارة يرتبط دوماً بأشهر الصيف ، وعدم وجود أي ارتباط مهم في مدينتي الأخرى الغالية على قلبي ( سلمية ) ، ومنذ عام ونيف غائبون نحن عن مركز ثقافي سلمية بسبب أعمال الصيانة التي يبدو أنها ستطول وتطول .
المهم نحن في القدموس الآن ، وزيارة المركز كمعقل ثقافي ممثلة برئيسه واجبة ، تواجدت وعدة أصدقاء هناك ، دخل أحدهم وهو مدرس سابق للغة العربية في المدينة ، وكان من الطبيعي أن نحييه ونسأله عن صحته ، وبعد كل تلك المقدمات سأل رئيس المركز :
– هل تأخذون مجموعة كتب ؟
– نعم .. إذا كانت بدون قيمة
– هي كذلك .. بدون قيمة ، مكتبتي الخاصة ، رأيت أنكم أفضل مكان يمكن أن آمن فيه على موجودات مكتبتي المنزلية حتى بعد موتي .
– على الرحب والسعة .. ستكون في المكان الذي ترغب به ، وسنشير أنها هديتك للمركز
– كل الشكر لك
انسحب سريعا ، لحق به رئيس المركز حتى باب المكتب ، وهو يعلن أنه سيتم الإتفاق على الأمر لاحقا .
تألمت للمشهد ، وتصورت نفسي أقوم بذات الفعل بعد زمن لن يطول كثيراً ، لأن هذه المكتبة التي تحوي الآن آلاف الكتب سيأكلها الغبار والإهمال بعد رحيلنا ، إذ أن الأولاد ابتعدوا ، وهم أصلاً غير مهتمين بالأدب .
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه :
– ترى لو تبرعنا بها لمركز ثقافي هل ستجد من يهتم بها ويرعاها ، ويثني على روح ذاك الذي أهداها للمركز .
سؤال نعرف جوابه جميعاً ، فلماذا نفعل ذلك إذاً ؟
ولكن ماهو البديل لو بقيت في بيوتنا ؟
بيوت قد تؤول إلى  آخرين، وربما دفعوا بها إلى أماكن لا تليق بها .
إذا فلتنم بسلام على رفوف مكتبة عامة أفضل من أن تتناثر هنا وهناك وتصير إلى أناس لاتعني لهم شيئاً فيفرطون بها بسهولة .
هي ليست حالي التي أتنبأ بها ، بل حال أكثر الأدباء والمهتمين من  أصحاب المكتبات الخاصة ، بعد أن تراجعت قيمة الكتاب الورقي ، وتراجع القراء تراجعاً كبيراً في مجتمعاتنا .
ونحن واثقون أنه لن تقوم أي جهة عامة أو خاصة بحفظ مقتنياتنا من الكتب أو غيرها ، وقد شهدنا أنه لم تحفظ مقتنيات وكتب حنا مينة ومحمد الماغوط وممدوح عدوان .. وغيرهم كثير ، فمن سيفكر بنا نحن الذين لم نصل إلى قاماتهم المديدة .
سيأتي من يقول : ومن سيمنع أولادك من فعل ذلك وبشكل شخصي ؟ كغرفة في منزل أحدهم مثلاً  .
وماذا يعني ذلك ؟ هل سيهتم الناس بها ؟  سيبقى مجرد فعل شخصي لن يطول أمده .
فمن يهتم الان بأولئك الكبار الذين رحلوا ؟
حتى أنا عندما أتحدث عن أحدهم في ذكرى وفاته ، يأتي من يقول وهم كثر :
– شو بتضل لاحقلنا هالميتين  ؟
– فاتحلنا تعزاية من الصبح
– …
أيها الناس : هؤلاء الميتين هم فخرنا ، هم رجال الفكر والأدب ، فلم تتضايقون من مجرد ذكرهم ؟
تغيرت المفاهيم للأسف ، وصار الناس يحطون من قيمة الكبار ، من قيمة العلم ، من قيمة الكتاب ، فماذا بقي لنا ؟
(سيرياهوم نيوز22-7-2020)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

ترامب يعود مع وادي السيليكون: النظام الرقمي سيّد العالم

  علي عواد   شهد احتفال تنصيب الرئيس دونالد ترامب أمس الإثنين، حضور عدد من الشخصيات البارزة في عالم التكنولوجيا. مشهدية جديدة لا مثيل لها، ...