آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » صورة “MRI” للقاء باريس

صورة “MRI” للقاء باريس

| كتب:نبيه البرجي

 

يصف المعارض الفرنسي جان لوك ميلانشون السياسة، أو الديبلوماسية، في بلاده بأنها أقرب ما تكون بـ “التزلج على الرياح”. أزمات داخلية مدوية، ومحاولة ايمانويل ماكرون الخروج من عنق الزجاجة بالبحث عن دور خارج الحلبة الفرنسية. هذا ما يثير سخرية الأميركيين، ومنذ أيام فرنكلين روزفلت الذي كان يكره شارل ديغول الى حد وصفه بـ “زرافة بقبعة جنرال…”!

 

غالباً ما نظر البيت الأبيض بازدراء الى “السياسات البونابرتية” للاليزيه الذي لم يتنبه الى أن الزمن الأوروبي مات على ضفاف السويس عام 1956. الانكليز كانوا أكثر حنكة في التعاطي مع الزمن الأميركي. صحيفة الـ “صن” نصحت الملكة اليزابت بارتداء سراويل الجينز.

 

اذاً، صورة بالرنين المغناطيسي (MRI) للقاء الخماسي في باريس. لو كان الحدث على شيء من الجدية للبحث في أزمة متعددة الأبعاد كأزمتنا، لعقد على مستوى وزراء الخارجية لا على مستوى المستشارين الذين لا يتعدى دورهم، أحياناً، دور الاكسسوارات البشرية.

 

على كل، كاترين كولونا، ومن السعودية، أقفلت الباب أمام أي رهان على النتائج. تحدثت عن “الأفق المقفل في لبنان”. ما يبعث على الصدمة أيضاً أن الفرنسيين الذين يرون في نجوم الطبقة السياسية “لصوص الهيكل”، يدعون هؤلاء للبحث عن مخرج يعيد احياء المسار الدستوري في البلاد، فضلاً عن القيام بالاصلاحات التي تعني دفنهم وهم أحياء..

الأميركيون الذين عادوا عن تعهدهم، ودون قيد أو شرط، بالطلب من البنك الدولي تمويل عملية استجرار الغاز من مصر، والكهرباء من الأردن ( لهذه العودة دلالاتها السياسية الخطيرة)، يريدون للبنان أن يبقى هكذا، عالقاً  بين الأسلاك الشائكة، بانتظار انتصارهم في الحرب على روسيا، لتبدأ لعبة الخرائط أو لعبة التسويات، بمفاجآتها الكارثية. ماذا لو لم يتحقق الانتصار؟

التعليقات الفرنسية تلاحقت حول اللقاء. أي نوع، أي لون، للدخان الذي يتصاعد منه ؟ قيل “دخان القطارات”، أي القطارات البخارية التي تسير بالفحم الحجري. هكذا الحل في لبنان… بالفحم الحجري!

لا أحد عندنا، سوى السذّج، ينتظر الدخان الأبيض. ابان الجمهورية الرابعة في فرنسا، بالفوضى السياسية والدستورية، كتب الفيلسوف ريمون آرون، صاحب “أفيون المثقفين”، في “الاكسبرس”، عن “الغربان التي تحلق فوق قبورنا”. هذه حالنا. أيضاً حال Dead man walking رجل ميت يمشي…

الأميركيون لهم لبنانهم. الفرنسيون لهم لبنانهم. السعوديون لهم لبنانهم. الايرانيون لهم لبنانهم. حتى أن النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين لهم لبنانهم (رجاء لا تنسوا اسرائيل اذا ما لاحظتم افتتان التوراة بجبالنا). اللبنانيون فقط لا لبنان لهم. كل من سلاطين الطوائف يريد دولة على قياسه. بعضهم لا يتعدى قياسه قياس… الضفدعة!

لفتني كلام الباحث الدكتور هيثم مزاحم حول “دور القيادة السياسية في تحقيق التنمية في ماليزيا”. عندهم سلاطين الولايات، وعندنا سلاطين الطوائف الذين تكرّس حكمهم في اتفاق الطائف، وقد وصفه الأخضر الابراهيمي في مقابلة أخيرة على شاشة “الجزيرة”، بالمرحلي والانتقالي. أي أنه ليس بـ “الوثيقة المقدسة”، وعلى لسان رجل عرف كل خفاياه وكل ملابساته.

ولكن في ماليزيا ظهر مهاتير محمد الذي حاول رفيق الحريري تقليده دون جدوى. لماذا لا نقتفي أثر الماليزيين حيث ينتخب “مؤتمر الحكام”، كل 5 سنوات، ملكاً من بين السلاطين التسعة؟ هكذا نختار، لولاية محددة، سلطاناً بين سلاطيننا الستة أو السبعة ليتوج ملكاً. قد نختلف حول مدلول الكلمة. من الأعلى مقاماً، والأعلى مكانة. السلطان أم الملك؟

لا نتصور أن أي دولة تبدي اهتماماً بالوضع اللبناني تفعل ذلك لوجه الله، بدوافع عاطفية (رومانسية) أو بدوافع تاريخية (في قرن لا مكان فيه للتاريخ). انها ثقافة المصالح. لا شيء يحرك الدول سوى المصالح، أكانت جيوسياسية، أم كانت جيواقتصادية.

السوق تصنع السياسات وحتى الاستراتيجيات. جورج سوروس، نجم وول ستريت، قال “من هنا تدار الكرة الأرضية”. ما نتمناه ألا تدار بلادنا من سوق النخاسة…

(سيرياهوم نيوز3-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مِنْ “ساعر” إلى “تلّ أبيب” انظُرُوا إليها تحترق!

د. محمّد الحوراني لم يكُنِ الثّالثُ من تمُّوز عام 2006 إلّا يوماً خالداً من أيام الفخر والعزّة والثقة المُطلَقة بالوعد الصادق، بل إنّ ذلكَ اليومَ ...