الرئيسية » يومياً ... 100% » فتش عن الرسوم والأسعار..!!

فتش عن الرسوم والأسعار..!!

علي عبود

 

لن نُعوّل كثيرا على المباحثات التي أجراها محافظ اللاذقية المهندس عامر اسماعيل هلال في نهاية شباط الماضي مع وفد الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية في جمهورية العراق لاستكمال خطة التعاون المقترحة لتسويق الحمضيات وتصديرها إلى العراق من بداية موسم التسويق خلال العام القادم، فالحكومة التي عرقلت تصدير حمضيات موسم 2023 مثلما فعلت في المواسم السابقة مقتدية بالحكومات المتعاقبة منذ تسعينات القرن الماضي.. سترحل قريبا، وبالتالي فالتعويل سيكون على الحكومة الجديدة، ومدى جديتها بوضع الخطط الكفيلة بزيادة الإنتاج والصادرات.

ومع أن تقديرات مديريات الزراعة في محافظتي اللاذقية وطرطوس أشارت إلى زيادة إنتاج الحمضيات من 650 ألف طن في الموسم الماضي إلى 850 ألف طن في الموسم الحالي، فإن الكمية لاتزال أقل من المواسم السابقة والتي لم تكن تقل عن مليون طن!

وسواء كانت الكميات كبيرة أم قليلة، فهي لاتزال أكبر من حاجات الأسواق، ليس بسبب زيادة العرض، وإنما بفعل ضعف القدرة الشرائية لملايين السوريين من جهة، ولعدم تقديم الدعم الحكومي لتصديرها من جهة أخرى.

ولو استعرضنا ماجرى في الأعوام الماضية فسنكتشف تكرارا مملا لـ “معزوفة” العقبات التي تعترض التصدير، مايعني عدم جدية الجهات الحكومية بتذليلها، فما الجدوى من فائض سنوي في محصول مادامت أسعاره مرتفعة مقارنة بمثيله في الدول المصدرة له إلى أسواقنا القريبة كالعراق؟

وبما أن مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة يعترف بأن أبرزالعقبات التي تعرقل التسويق هي ارتفاع أجور النقل وغلاء أسعار العبوات وأجور العمالة، ويضاف إليها ارتفاع تكلفة تصدير البرادات للدول المجاورة، فإن السؤال: ماذا فعلت وزارة الزراعة مع رئاسة مجلس الوزراء لتخفيض كلفة صادرات الحمضيات لتتمكن من منافسة مثيلاتها اللبنانية والإيرانية والمصرية والتركية..الخ؟

لم تُقصّر الوزارة بتقديم المقترحات والآليات التي من شأنها رفع القدرة التنافسية للحمضيات السورية كتأمين المازوت اللازم لنقلها من المزارع إلى أسواق الهال ولبرادات تصديرها، وتخفيض عمولات أسواق الهال ودعم معامل تصنيع العبوات ومشاغل الفرز والتوضيب سواء بالمازوت أم بإعفاءات تُخفض التكلفة..الخ، ولكن هل تمكنت وزارة الزراعة من إقناع اللجنة الاقتصادية بالموافقة على مقترحات تخفيض كلف الحمضيات لرفعها إلى رئيس الحكومة؟

ولعل المقترح الأهم هو إلغاء أو تخفيض الرسوم الدولارية على الحدود أو المفروضة على الحاويات والبرادات والتي ترفع بنسب كبيرة كلفة تصدير الحمضيات، وهذا الأمر يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء، ومع ذلك لم يُناقش حتى الآن؟

وبما إن دول الجوار تفرض على البرادات السورية رسوما دولارية لاتقل عن 3500 دولار للبراد الواحد، فإن السماح للبرادات العربية مثلا بدخول الأراضي السورية لتحميل الصادرات الزراعية ونقلها لأي بلد عربي يُخفض التكلفة كثيرا ، بل أن البرادات السعودية معفية من رسوم الترانزيت عندما تدخل الأراضي الأردنية على عكس البراد السوري، وبالتالي لماذا لايتم السماح للبرادات العربية بنقل الحمضيات السورية طوال مدة تسويقها وتحديدا في ذروة موسمها؟

ولا يُمكن الرهان على “السورية للتجارة” في محافظتي اللاذقية وطرطوس لتصريف محاصيل الحمضيات، فإمكانياتها محدودة جدا من جهة، كما أن نقل المحصول من بساتين المزارعين إلى مستودعات “السورية للتجارة“ لايحل مشكلة التسويق من جهة أخرى، فالحل بالتصدير طالما القدرة الشرائية للسوريين منخفضة ولا تسمح بترف شراء الفواكه والحمضيات!

صحيح أن “السورية للتجارة” تتكفل بتأمين العبوات وبأعباء نقل المحصول لكن تبقى الكميات التي تشتريها من المنتجين هزيلة مقارنة بحجم الإنتاج، وعندما يؤكد مديرها إنه “سيتمّ على مدار موسم الحمضيات تسويق أكبر كمية ممكنة وتوزيعها على الصالات ومنافذ البيع في المحافظات كافة”، فإن تجارب السنوات الماضية تؤكد بأن إمكانيات السورية محدودة جدا ولا يُمكنها ، كما لا يمكن لتجار أسواق الهال، تسويق كامل إنتاج المزارعين بأسعار مجزية، وبالتالي لابديل عن التصدير.

ولم يكن مستغربا وصف تجار سوق الهال في طرطوس لعملية تسويق الحمضيات خلال ذروة الموسم بالمتردية نتيجة قلة الطلب بالسوق قياسا بالكميات المعروضة، ما أدى إلى تدهور الأسعار، وهذا نتيجة طبيعية طالما أن الجهات الحكومية والخاصة تتعامل مع الحمضيات وكأنّها تفاجأت بالكميات الكبيرة من الإنتاج، أي أنها مثل المواسم السابقة لم تستعد للتصدير!

وعندما يكشف مدير عام هيئة تنمية الإنتاج المحلي والصادرات ثائر فياض عن دعم 90 ألف طن من الحمضيات خلال العام الماضي فهذا يؤكد أن الدعم لايزال محدودا جدا!

الخلاصة: يبدو أن الحكومة تدفع بالمزارعين إلى تحويل حقول الحمضيات إلى زراعات أخرى، بل إن بعض المزارعين حولوا آلاف الدونمات إلى الزراعات الإستوائية هربا من الخسائر، وليس مستبعدا في حال استمرار التعاطي السلبي مع محصول الحمضيات أن نتحول إلى مستورديه كما حصل مع الحبوب والأعلاف..الخ.

(موقع سيرياهوم نيوز-٣)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صرخة من وادي التيه

  بقلم د. حسن أحمد حسن عبثيةٌ صرخاتُنا… فلا الآه ولا الشكوى ولا العتاب يصل مسامع من في آذانهم وَقْرٌ إلا عن التسبيح لعِجْلِ السامرائي، ...