يعرض الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما صورة قاتمة لكثير من قيادات الشرق الأوسط في مذكراته الجديدة التي يقول فيها إنه ما زال يخشى أن الضغوط التي مارسها خلال الربيع العربي لم تكن دائما موضوعية.
في كتابه الذي يحمل عنوان “أرض الميعاد”، يعيد أوباما التفكير في الانتقادات التي وجهت إليه وعدته منافقًا لأنه أقنع رئيس مصر الراحل حسني مبارك بالتنحي في مواجهة احتجاجات عام 2011 بينما تساهل مع البحرين، وهي قاعدة رئيسية للقوات الأميركية، وهي تقمع تظاهرات الاحتجاج لديها.
وكتب: “لم تكن لدي طريقة رائعة لشرح التناقض الواضح بخلاف الاعتراف بأن العالم كان في حالة فوضى؛ وأنه لدى ممارسة السياسة الخارجية، كان علي أن أواصل الموازنة بين المصالح المتنافسة. … ولمجرد أنني لم أتمكن في كل حالة من تقديم أجندة حقوق الإنسان لدينا على اعتبارات أخرى لا يعني أنني يجب ألا أحاول أن أفعل ما بوسعي، عندما يمكنني ذلك، لتعزيز ما اعتبرته أعلى القيم الأميركية”.
ويتحدث كيف حذره من الضغط على البحرين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان الذي وصفه أوباما بأنه “ربما يكون أذكى زعيم في الخليج”.
– “مستبدون مسنُّون” –
بعد لقاء مبارك في عام 2009 في القاهرة، كتب أوباما أنه خرج “بانطباع سيصبح مألوفًا جدًا في تعاملي مع الحكام المستبدين المسنين: يعيشون في عزلة في قصورهم، وكل تفاعل لهم يتم بوساطة موظفين جامدي المشاعر وخنوعين يحيطون بهم؛ لم يكونوا قادرين على التمييز بين مصالحهم الشخصية ومصالح شعوبهم”.
خلال الرحلة نفسها، تكونت لدى أوباما صورة قاتمة عن المملكة العربية السعودية وفصلها الصارم بين الجنسين وقوانينها الدينية، وقال إن القصر حاول منحه مجوهرات فاخرة.
وكتب أوباما أنه “صُدم من الشعور بالقمع والحزن الذي يولده مثل هذا المكان الذي يمارس الفصل، وكأنني دخلت فجأة إلى عالم أُسكتت فيه كل الألوان”.
قال أوباما إنه كان على دراية بالمخاطر عندما دفع مبارك علنًا للتنازل عن السلطة لكنه اعتقد أنه لو كان شابًا مصريًا، “لربما كنتُ هناك” بين المتظاهرين.
وأضاف “قد لا أتمكن من منع الصين أو روسيا من سحق معارضيهما. لكن نظام مبارك تلقى مليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأميركيين؛ لقد زودناهم بالأسلحة وتبادلنا معهم المعلومات وساعدنا في تدريب ضباطهم العسكريين؛ وبالنسبة لي فان السماح لمتلقي تلك المساعدات، لشخص نسميه حليفًا، بارتكاب أعمال عنف وحشية ضد المتظاهرين السلميين، أمام أنظار العالم كله، كان ذلك خطًا لم أرغب في عبوره”.
– نتانياهو الميكافيلي –
جمعت أوباما علاقات متوترة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، خصوصاً في ما يتعلق بالاتفاق النووي الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع إيران، والذي لم يتناوله في الكتاب الذي يغطي الأحداث حتى عام 2011.
يصور أوباما نتانياهو على أنه سياسي بارع تواصل معه بعد انتخابه عام 2004 لمجلس الشيوخ الأميركي.
“لكن رؤيته لنفسه على أنه المدافع الأول عن الشعب اليهودي في وجه المحن سمحت له بتبرير أي شيء تقريبًا من شأنه أن يبقيه في السلطة – كما أن معرفته بعالم السياسة والإعلام في الولايات المتحدة أعطته الثقة في أنه يستطيع مقاومة أي ضغط يمكن أن تمارسه عليه إدارة ديموقراطية مثل إدارتي”.
كان أوباما في كتابه صريحًا أيضًا حيال شعوره بالإحباط من اللوبي المؤيد لإسرائيل المتمثل في لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيْباك)، قائلاً إنها تحولت إلى اليمين تماشياً مع السياسة الإسرائيلية، وتساءل عما إذا كان قد أُخضع لتدقيق خاص باعتباره أميركيًا من أصل إفريقي.
حصل أوباما على الأغلبية الساحقة من أصوات اليهود الأميركيين “ولكن في نظر العديد من أعضاء مجلس إدارة إيْباك، ظللتُ موضع شك، ورجلا منقسم الولاءات”.
سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 17/11/2020