علي عواد
في مشهد رقمي تمارس فيه السوشال ميديا تأثيراً غير مسبوق على الرأي العام، تحضُر مقابلة إيلون ماسك المرتقبة مع دونالد ترامب على منصة «إكس» في لحظة محورية. هذا الحدث المقرر عند الثالثة من فجر غدٍ الثلاثاء بتوقيت بيروت، لا يبرز تحوّل دور ماسك من رائد تكنولوجيا إلى مؤثر سياسي فقط، بل يؤكد أيضاً تحوّل «إكس» إلى ذراع الفكر اليميني الرقمية.
تحمل المقابلة الوشيكة بين الثنائي أهمية كبيرة في المشهد السياسي والتكنولوجي الحالي. فباعتبارهما اثنين من أكثر الشخصيات تأثيراً وإثارة للجدل في مجال كل منهما، فلمحادثتهما القدرة على تشكيل الرأي العام والخطاب السياسي في المدة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. تأييد ماسك الأخير لترامب ودعم حملته الانتخابية بـ 45 مليون دولار شهرياً، إلى جانب امتلاكه لمنصة «إكس» التي تضم ملايين المستخدمين، يزيدان من مدى وصول المقابلة وتأثيرها. علاوة على ذلك، يعدّ اللقاء بمنزلة اختبار لقدرة «إكس» على التعامل مع المحتوى السياسي، وخاصةً بالنظر إلى التغييرات الأخيرة التي أجرتها المنصة في الإشراف على المحتوى والتحقّق من المستخدمين. في هذا الصدد، كشفت التحليلات الأخيرة، بما في ذلك تقرير شامل من صحيفتي «واشنطن بوست» و«بوليتيكو»، كيف أن حضور ماسك على السوشال ميديا شهد تحوّلاً جذرياً يعكس اتجاهاً أوسع يعيد تشكيل التقاطع بين منصات التواصل والسياسة.
وكشف تحليل «واشنطن بوست»، الذي نُشر أوّل من أمس الأحد، عن تحوّل كبير في حضور ماسك الرقمي. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، وقبل استحواذه على «تويتر»، ركزت منشورات ماسك في المقام الأوّل على شركتي «تسلا» و«سبايس إكس». ومع ذلك، يُظهر التحليل أنّه بحلول عام 2024، بات المحتوى السياسي يشكّل 17 في المئة من منشوراته على «إكس»، بعدما كان يستحوذ على 2 في المئة فقط قبل ثلاث سنوات. وفي الوقت نفسه، انخفضت المنشورات المتعلقة بشركاته بشكل ملحوظ. ويبرز تحليل «واشنطن بوست» أيضاً أنّ ماسك ينشر الآن خمسة أضعاف ما كان ينشره في عام 2021، مع تخصيص جزء كبير منه للتعليقات السياسية. هذا النشاط المتزايد، إضافة إلى ادعاء ماسك بأنّ 35 مليون ناخب متأرجح يستخدمون المنصة شهرياً، يؤكد التأثير المحتمل لمشاركة ماسك السياسية على الانتخابات القادمة. ويؤكد تقرير الصحيفة تحوّل «إكس» إلى مكبّر صوت شخصي لآراء ماسك السياسية الاستفزازية. مع وجود أكثر من 193 مليون متابع له، فإنّ تأثيره على المنصة كبير. ويشير المقال إلى أنّ «إكس» عزّزت أحياناً تغريدات ماسك وروجت خوارزمياً للقضايا التي يدعمها، ما يثير تساؤلات حول دور المنصة وما يُراد منها. ويوضح تأييد ماسك لترامب، في أعقاب محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق في تجمع حاشد في بنسلفانيا، هذا الانحياز السياسي. وتزامن التأييد مع زيادة تركيز ماسك على الموضوعات المثيرة للجدل، مثل الهجرة وثقافة «اليقظة» وحقوق الأقليات المهمّشة. وقد أعرب المنتقدون، ولا سيّما قبائل المستخدمين على «إكس» ومؤيدو «تسلا» السابقون، عن مخاوفهم بشأن نهج ماسك الحزبي. وعلى خطٍ موازٍ، يستشهد التقرير بحالات علّقت فيها حسابات مؤيدة لنائبة الرئيس والمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس مؤقتاً، ما أثار الشكوك حول التحيّز السياسي على المنصة.
يعكس هذا التحوّل تطوّر صورة ماسك من مبتكر تكنولوجي إلى شخصية سياسية يمينية. ويبدو أنّ المقابلة المرتقبة مع ترامب التي أُعلن عنها على منصة «تروث سوشال»، وأكدها ماسك على «إكس»، هي تتويج لهذا الاتجاه. كما أنّ استعدادات ماسك للحدث، بما في ذلك «اختبارات توسيع نطاق المنصة» لضمان قدرة «إكس» على التعامل مع حركة المرور المتوقعة، تسلط الضوء على أهمية المقابلة والانتشار المتوقع لها، وفقاً لتقرير «بوليتيكو» المنشور في 7 آب (أغسطس) الحالي.
وفي الوقت الذي يستعد فيه ماسك لمقابلة ترامب، يبدو أنّ أنشطته الأخيرة على «إكس» تؤكد الاتجاهات التي حددتها «واشنطن بوست». ورغم مناشدة أحد المستخدمين لماسك بأنّ «يهدأ من النشر عن السياسة»، يستمر قطب التكنولوجيا في مشاركة المحتوى السياسي، بما في ذلك منشورات تدعم أعمال الشغب اليمينية المتطرفة في بريطانيا وانتقادات لهاريس
سيرياهوم نيوز١_الأخبار