قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت للجنود المحتشدين على حدود قطاع غزة اليوم الخميس إنهم سيشاهدون قريبا الجيب الفلسطيني “من الداخل”، مما يشير إلى أن الغزو البري قد يكون وشيكا.
وواصلت إسرائيل اليوم دك قطاع غزة بالمزيد من الضربات الجوية واتخذت مصر خطوات لإدخال مساعدات إنسانية للقطاع في وقت حذا فيه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك حذو الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارة إسرائيل لإظهار الدعم الغربي لها في حربها على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
واستعار سوناك عبارة مرتبطة بوينستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وقت الحرب العالمية وتعهد بالوقوف إلى جانب إسرائيل “في أحلك الأوقات” بعد هجوم مباغت شنه مسلحون من حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول وقتل فيه 1400 إسرائيلي.
وردت إسرائيل على الهجوم الأعنف في تاريخها بالتعهد بالقضاء على حماس ووضعت القطاع الساحلي الضيق المكتظ الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة تحت حصار مطبق ودكته بالقصف والضربات الجوية مما أسفر عن استشهاد الآلاف وإصابة ما يزيد عن عشرة آلاف وتشريد أكثر من مليون.
وفي شمال قطاع غزة، أظهرت لقطات حصلت عليها رويترز من مخيم جباليا للاجئين سكانا وهم يحفرون بأيديهم داخل بناية مدمرة لتحرير ولد صغير وطفلة كانا محاصرين تحت الأنقاض. وسحبوا جثة رجل من الأنقاض وحملوها على محفة بينما حاول السكان إنارة المكان بهواتفهم المحمولة.
وقال غالانت للجنود “أنتم ترون غزة الآن من بعيد، وقريبا سترونها من الداخل. الأمر سيصدر”. ولا يُتوقع دخول القوات أثناء زيارة زعماء أجانب.
وقال غالانت أيضا إن المعركة ستكون طويلة وصعبة.
وحذر غالانت حزب الله من تداعيات الدخول في حرب مع بلاده، داعيا إياه إلى النظر لمدينة غزة، أولا.
وبحسب صحيفة “جيروزاليم بوست “الإسرائيلية قال غالانت: “نركز أولا، وقبل أي شئ، على هزيمة حماس. أقود الجنود إلى معارك على مدار 45عاما ، وأنا مسؤول عن الأمن، وكنت مسؤولا عن ذلك خلال الأسبوعين الماضيين- حتى في الأوقات العصيبة، وأنا مسؤول عن قيادة إسرائيل للنصر”.
وأشار جالانت إلى أن الجيش يستعد لاشتباك طويل الأجل مع أعداء إسرائيل، مضيفا “لانتحدث عن حملة عسكرية قصيرة – بل عن حملة طويلة”.
وتطرق غالانت إلى تهديد حزب الله على الحدود مع لبنان، قائلا: “يحاول حزب الله تحدى دولة إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي، ونشر قوات في تشكيلات دفاعية قوية. نحن متأهبون وإذا أراد حزب الله حربا، فيتعين عليه أولا أن يلقى نظرة على صور مدينة غزة”.
وبعد وقت قصير من تصريح غالانت، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقطع فيديو يظهر فيه مع القوات بالقرب من الحدود ويعدها بالنصر.
وحاولت دول غربية موازنة دعمها الكامل لإسرائيل بدعوات لتخفيف وطأة المحنة على سكان قطاع غزة لكن سوناك شدد بقوة على الوقوف بالأساس بجانب إسرائيل.
وقال للصحفيين لدى هبوط طائرته في تل أبيب بعد ساعات فحسب من مغادرة بايدن “قبل كل شيء، أنا هنا لأعبر عن تضامني مع الشعب الإسرائيلي. عانيتم من عمل إرهابي مروع ولا يمكن وصفه وأريدكم أن تعلموا أن المملكة المتحدة وأنا نقف معكم”.
وعاد بايدن للولايات المتحدة مساء أمس الأربعاء بعد زيارة استمرت ثماني ساعات تعهد خلالها بالوقوف مع إسرائيل لكنه لم يحقق الكثير من النجاح في رحلته فيما يتعلق بإدخال المساعدات لقطاع غزة.
كما أُلغي الجزء الثاني من زيارته للمنطقة وهو اجتماع كان مقررا مع دول عربية حليفة لبلاده احتجاجا على انفجار في مستشفى في غزة قال الفلسطينيون إنه نجم عن ضربة جوية إسرائيلية وقالت إسرائيل إن صاروخا أطلقه مسلحون فلسطينيون ولم يصل لهدفه هو السبب. ودعم بايدن الرواية الإسرائيلية.
وقال بايدن إنه تمكن من التوصل لاتفاق للسماح بدخول 20 شاحنة مساعدات لقطاع غزة من مصر في الأيام المقبلة وهو جزء يسير من 100 شاحنة في اليوم قال مارتن جريفيث مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة لمجلس الأمن إن القطاع في حاجة إليها.
وقال مصدران أمنيان مصريان اليوم الخميس إن معدات لإصلاح الطرق مرت عبر معبر رفح الحدودي من مصر إلى قطاع غزة في إطار الاستعدادات لتوصيل بعض المساعدات المكدسة في شبه جزيرة سيناء. وتنتظر أكثر من مئة شاحنة على الجانب المصري لكن ليس من المتوقع دخول أيها من المعبر قبل غد الجمعة.
وقالت إسرائيل إنها ستسمح بدخول مساعدات محدودة لقطاع غزة من مصر لكن بشرط عدم استفادة حماس منها. وكررت إصرارها على عدم فتح معابرها مع القطاع لإدخال المساعدات إلا عندما تطلق حماس سراح نحو مئتي محتجز.
وأدى القصف والغزو البري المتوقع إلى زيادة المخاوف من اتساع رقعة الصراع. وقالت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران إنها أطلقت صواريخ على موقع إسرائيلي في قرية المنارة اليوم الخميس، وردت إسرائيل بقصف مدفعي، في أحدث تبادل لإطلاق النار خلال أسوأ تصعيد للعنف على الحدود منذ 17 عاما.
وذكر الجيش الإسرائيلي إن صاروخا مضادا للدبابات أطلق من لبنان إضافة إلى ما لا يقل عن 20 قذيفة.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم الخميس إن ثمانية فلسطينيين لقوا حتفهم في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية في مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين بمدينة طولكرم في الضفة الغربية.
وقال كولونيل جرى تعريفه على أنه قائد قاعدة رامات ديفيد الجوية الإسرائيلية لهيئة البث العامة الإسرائيلية إنه لن يكون هناك أي هوادة في حملة القصف والضربات الجوية على القطاع. وأضاف “في قطاع غزة كل مكان مرت عليه حماس أو تمر عليه سيضرب ويدمر”.
* “قتلوا الأطفال”
قالت وزارة الصحة في غزة اليوم الخميس إن ما لا يقل عن 3785 فلسطينيا استشهدوا في غزة وأصيب 12493 آخرين جراء الضربات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وفي خان يونس جنوب قطاع غزة، هرع رجال لمستشفى ناصر وهم يحملون بين أيديهم أطفالا شهداء ومصابين نقلتهم سيارات إسعاف وشاحنات بعد قصف منزل في وضح النهار.
وقال مسعفون إن أربعة قتلوا وأصيب العديد أغلبهم أطفال نازحون من شمال القطاع وكانوا يلعبون كرة القدم في ساحة مجاورة.
وقال حسن الهندي وهو من الجيران الذين شاهدوا الضربة وهو يبكي ويصيح “رأيت أشلاء.. رأيت أطفالا ممزقين. ماذا يمكن أن أصف لك؟… قتلوا الأطفال.. لم أر أي شيء في حياتي مثل هذا. إنهم يقتلون الأطفال!”
وهزأ سكان في قطاع غزة من بادرة التعهد بدخول مساعدات محملة على 20 شاحنة لسكان يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة محاصرين دون طعام ولا ماء ولا وقود ولا إمدادات طبية وأدوية.
وقال العوض الدالي (65 عاما) وهو يتحدث بالقرب من أنقاض المنازل المدمرة إن المساعدات شيء تافه، وليست هناك حاجة من الدول العربية والأجنبية سوى وقف القصف العنيف على المنازل. وقال “نريدهم أن يوقفوا القصف على الذين يقتلون داخل منازلهم”.
في مكان آخر وعلى مد البصر تحولت منطقة تسوق إلى ركام وساد الدمار وتناثرت لعب أطفال على الأرض في ظل تهشم لواجهات المتاجر الزجاجية وتحطم المركبات.
وقال رأفت النخالة الذي جاء للمنطقة بعد أن استجاب لأمر من إسرائيل للمدنيين بالفرار من مدينة غزة في الشمال إلى جنوب القطاع “تخطى عمري السبعين وعشت حروبا عدة ولم يكن الأمر أبدا على هذه الشاكلة لم يكن أبدا بهذه الوحشية”.
وفي مكان آخر في خان يونس، قبل رجل جثمان رضيع في كفنه قبل أن يسجيه في القبر. وقال المشيعيون في الجنازة إن أربعة أطفال صغار دفنوا في هذا المكان وثلاثة في مكان آخر بين أسرة قتلت في ضربة لمنزل مؤلف من ثلاثة طوابق.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو نصف سكان قطاع غزة باتوا بلا مأوى وهم تحت حصار مطبق.
وأثارت المحنة الإنسانية الطاحنة التي يعانيها سكان قطاع غزة الحنق في الشرق الأوسط مما جعل مهمة بايدن وقادة غربيين آخرين أصعب في حشد تأييد دول عربية حليفة لمنع الحرب من التوسع في المنطقة.
ومن المقرر أن يذهب سوناك بعد إسرائيل إلى السعودية للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي كان يبحث مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل تنفيذ حماس لهجومها.
وقبل أن يغادر بايدن، ناشد الإسرائيليين كبح غضبهم وقال “وأنتم تشعرون بهذا الغضب العارم، لا تسمحوا له بأن يستغرقكم. بعد (هجمات) الحادي عشر من سبتمبر، شعرنا بالغضب العارم في الولايات المتحدة وارتكبنا أيضا الأخطاء ونحن نسعى للعدالة وبعد أن حصلنا عليها”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم