هنادة الحصري:
في هذا العصر المتفجر بكل وسائل التيه من التواصل الاجتماعي , بات من الصعب على الآباء ونعني الوالدين أن يكونا قادرين على مراقبة وتتبع سلوك أبنائهم , ولكنهم في النهاية سوف يصلون إلى الكثير مما يجري معهم , فما الدور الذي يجب ان يمارسوه , النصيحة ام الحكم أم أن يكونوا آباء لاقضاة ؟
افمحاولة رصد الواقع الاجتماعي الأسري بموضوعية تكشف بوضوح التشوش والتخبط الذي تعيشه الأسرة العربية، ولعل أكبر دليل على هذا التخبط طريقة ممارسة الوالدية ..
فعلى الصعيد التربوي نجد أن لدينا أزمة تربية ، فنحن نتصرف كقضاة فقط لانستمع بل نطلق الأحكام ، والصراخ والاستهزاء والسخرية والمقارنة والنقد والعقاب هو مانجيده..
يقول علم النفس الاجتماعي التربوي : إن غياب التواصل الجيد بين جيل الأبناء وجيل الأباء من أبرز المشكلات المجتمعية التي ينعكس أثرها في سلوكيات الأبناء ، فالتواصل الحالي أصبح مادياً في حين اختفى التواصل المبني على علاقات وثيقة دائمة تتضمن الثقة بين الطرفين والتراحم والتعاطف . والسبب في ذلك يرجع إلى العولمة ووسائل الاتصال الحديثة التي باعدت بين الأبناء وأسرهم.. وأكثر ماتبرز الأخطاء وضوحاً بالتسلط والمنع والرفض الدائم لرغبات الطفل والصرامة والعنف والحرمان والأمر والنهي والإكثار من إبداء النصائح والتوجيه المستمر الذي يهدف إلى تنشئة الأبناء على غرار نوع التربية التي تعرض لها الأباء في الصغر ، فقد يلجأ الأبناء إلى تحديد طريقة نوم أبنائهم وطريقة استذكار دروسهم ونوعية أصدقائهم وكذلك ملابسهم.. وهذا بدوره يسبب للأبناء الحرمان من ممارسة حقوقهم وإلغاء شخصيتهم مما يؤدي إلى شعور الأبناء بالنقص وبالتالي التحطيم ..
نقطة أخرى قد يلجأ الأباء إلى استخدام القسوة في تربية الأبناء وممارسة العقاب البدني والنفسي والتقليل من شأنهم وهذا مايجعل الطفل يفقد الثقة في نفسه ويخاف من تحمل المسؤولية ويشعر بالقهر …والقصور والدونية .. إني أرى أن الأطفال في مجتمعاتنا ضحايا العنف التربوي ، السؤال هنا كيف نحقق التواصل الناجح بين الأباء والأطفال بمعنى أخر كيف نحوز على إعجاب أبنائنا؟..
يركز علماء التربية أن للإعجاب مدمرات وهي الصراخ والاستهزاء والسخرية والمقارنة وكثرة النقد واللوم وعلينا استبدالها بالابتسامة ..
الإنصات للابناء وهم يبثوننا همومهم مع مايترافق من ابتسامة يجعل العلاقة جميلة وينال الأباء إعجاب أبنائهم ..ولابأس من لمسة اليد والاحتكاك الجسدي كتشابك أصابع الطرفين ..وهذه اللمسة هي رسول الحب وهي كفيلة بالتعبير عن المشاعر .. إضافة إلى التشجيع والدعم والمدح ولاننسى الحوار والمناقشة واستعمال المصطلحات ذاتها فهي تحدث الألفة والانسجام .
بديهياً فكرة أن الأبناء حتماً يحبون أباءهم ولكن لانريد محبتهم فقط لأننا أباؤهم ونقدم لهم الرعاية والهدايا نريد أن يحبوننا لأنهم أعجبوا بنا وبسلوكياتنا الراقية فالصدق في التعامل وخاصة عندما نحدث أبناءنا عن حياتنا ، فبذلك تترسخ الصورة الذهنية عنا في مخيلتهم فبصبح الإعجاب محبة ثم تقليد ثم قدوة في وقت نسأل أبناءنا من هم قدوتهم أكثرهم يعطي اسم ممثل أو شخصية اجتماعية … ونادراً مايقولون إن قدوتهم والداهم ..
وفي النهاية لابد من الابتعاد عن العقاب لأن العقاب ومشتقاته تدمر الصورة الذهنية الإيجابية بين الأباء والأبناء لأنهم سيلجؤون إلى سلوكيات عدائية تجاهنا . سلوكيات مقاومة سلوكيات النفور والتفادي ولايمكن للإنسان أن يتفادى إلا شيئاً لم يعجب به ، فلنكن قدوة لأبنائنا.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة