آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » آثار سلبية نفسية وإنتاجية تحدثها العلاقات السامة.. والتخلص منها يحتاج إلى إرادة وبرنامج علاجي

آثار سلبية نفسية وإنتاجية تحدثها العلاقات السامة.. والتخلص منها يحتاج إلى إرادة وبرنامج علاجي

 

تضج تفاصيلنا اليومية بالعلاقات العديدة بالأشخاص ممن حولنا، منها ما يمر مرور الكرام، ومنها ماله أثره الطيب والإيجابي فنشعر بالسعادة لوجودهم في حياتنا، لما يحملونه من طاقة إيجابية وتفاؤل، وبعضهم  يعكس وجودهم القلق والحزن والتعاسة في داخلنا، فنقف عاجزين عن كيفية التعامل أو التخلص من علاقتهم بنا، وهي ما يطلق عليها بالعلاقات السامة، وكرد فعل طبيعي.. نحاول الابتعاد عن مسببيها قدر المستطاع، وبالتالي قد يؤثرون سلباً على حياتنا “بعلاقاتهم السامة والسلبية” والتي قد تحتاج للوقت والجهد للتخلص منها، ومن هذه العلاقات السامة “الزوج أو الصديق أو الزميل أو الجيران أو غيرهم”.

مرحلة صعبة
أوضحت إيناس ربة منزل من خلال حديثها مع “تشرين”, أنها كانت على علاقة وطيدة جداً بصديقاتها، والتي امتدت من سن مبكرة لمرحلة الدراسة، ولأكثر من 17سنة.

كل علاقة سامة تتضمن علامات معينة مثل السلبية المستمرة، الشعور بالإحباط والإنفصام العاطفي

وأضافت: ربما لا قيمة للصداقة.. بسبب ما خلفوه من جروح في نفسها، رافضة الحديث في التفاصيل، وتصف تلك المرحلة  بالمرحلة الصعبة جداً من حياتها.
أما فاطمة عابدين، فقد أكدت أنها تعرضت فيما مضى للمرحلة الأسوأ والتي وصفتها بالمدمرة، بسبب ما لاقته من  معاملة قاسية من قبل  زوجها السابق من تنمر وضرب وعدم احترام، ما أودى بها للوصل إلى حافة الانهيار العصبي، ما جعلها تقرر الطلاق للخلاص من ما خلفه من سموم في حياتها، وما خلفه من آثار سلبية في إنخفاض ثقتها في نفسها لدرجة التفكير بالانتحار، و”تبتسم” قائلة: لكن والحمد الله..لم أفعلها.

كرهت عملها
تصف صفاء تجربتها في مجال “العلاقات المسمومة”، مبينة أنها تخرجت من كليتها، وكانت من الأوائل، فحصلت على وظيفة في القطاع العام، وحين التحقت بعملها كانت تملؤها الطاقة وحب العمل لتطوير مهاراتها، وتقديم كل ما يحسن أداء مؤسستها، إلا أنها وجدت في مكتبها زميلتين أكبر منها سناً، قامتا باستقبالها بشكل جميل، وتناولت القهوة معهما، وتوطدت العلاقة، وأصبحت هناك اتصالات وزيارات منزلية ورحلات مشتركة، لكن معظم الجلسات كانت تقتصر من زميلتيها على التذمر من الواقع، وعدم حبهما للعمل انطلاقاً من مقولة “ما في شي محرز”، وبعد أشهر قصيرة باتت تكره التوجه إلى عملها، وأهملت واجباتها، واقتصر عملها على تناول المتة والقهوة، والحديث الذي وصفته بالفارغ، ولاحظت أن المسؤولين عنها وباقي زملائها من المميزين، انفضوا عنها، ولازمها شعور بأن قدومها إلى العمل لا يقدم فائدة لأحد، حتى لنفسها، فأصابها نوع من الاكتئاب وكره الذات.
لذلك قررت صفاء في أحد الأيام الابتعاد عن هاتين الزميلتين، واقتصار العلاقة معهما على تبادل تحية الصباح، وقد لاقت صعوبة في بداية الأمر، لكن انشغالها بالعمل وتطوير مهاراتها، أنساها الشعور بالذنب لابتعادها عن سم العلاقة مع زميلتيها، لتتغير فيما بعد نظرة باقي زملائها لها، بل حتى نظرتها إلى نفسها، بأنها عضو فاعل في المجتمع والمؤسسة.

علامات
من جهتها أوضحت الخبيرة الأسرية نغم حسلاوة في تصريحها لـ”تشرين” أن كل علاقة سامة تتضمن علامات معينة مثل السلبية المستمرة، الشعور بالإحباط والإنفصام العاطفي، و حسب موقع Very Well Mind هناك “علامات للعلاقة السامة”، التي يمارسها الطرف الآخر علينا، منها التقليل من شأنك، وعدم الاحترام، تعطي أكثر مما تأخذ ما يولد شعوراً بالضعف والاستنزاف للطاقة، عدم تلبية حاجاتك، أو الشعور بأنك غير مدعوم ويساء فهمك من قبله، كذلك الإحساس بالاكتئاب، الغضب، التعب، الملل من التحدث أو الوجود مع الشخص الآخر، إذ يظهر كل طرف الجانب الأسوأ فيه، كأن يجعلك متنمراً على غير عادتك، أو يجرك إلى عادات سيئة كالتدخين أو شرب الكحول أو ما هو أسوأ من ذلك، أو بطريقة غير مباشرة يجعلك تقضي الكثير من الوقت والقوة العاطفية في محاولة إسعاده أو إرضائه، إلقاء اللوم عليك دائماً، تعمد الطرف الآخر على قلب الأمور، بحيث تصبح الأشياء التي أخطأ فيها “هي خطأك أنت”.

الوقت اللازم
أكدت حسلاوة أن التخلص من العلاقات السامة، يتطلب شجاعة وتركيزاً على رعاية الذات والتطور الشخصي، من خلال فهم الديناميكيات العاطفية واتخاذ الخطوات اللازمة، ليتمكن الشخص من  بناء حياة أكثر سعادة وتوازناً.
لافتة إلى أن الوقت اللازم للتعافي من العلاقات السامة يختلف باختلاف الأشخاص وطبيعة العلاقة، وأنه قد يستغرق التعافي أسابيع، أو شهور أو حتى سنوات، اعتماداً على عدة عوامل, مثل مدى تأثير “العلاقة السامة، التاريخ النفسي للفرد، ودرجة التحمل العاطفي”.

خبيرة نفسية: التخلص منها يتطلب شجاعة وتركيزاً على رعاية الذات والتطور الشخصي

أما في حال طالت مدة التعافي من العلاقة السامة، ينصح بالتوجه للمساعدة من قبل خبراء نفسيين، في حال استمرار الصعوبات العاطفية، فالاستشارة النفسية يمكن أن تساعد في فهم ومعالجة الآثار السلبية التي خلفتها العلاقة السامة،
وحسب حسلاوة، يوجد أيضاً الاستثمار في الرعاية الذاتية، فقد تحتاج إلى الاهتمام بصحتك النفسية والبدنية، بممارسة الرياضة، الاسترخاء، التأمل أو الانخراط في أنشطة إبداعية، يمكن أن تساعدك على تقوية نفسك وتقليل التوتر، ولا ننسى تطوير العلاقات الإيجابية، من خلال البحث عن العلاقات الداعمة والإيجابية، التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على تعافيك، باختيار الأصدقاء والمقربين الذين يفهمونك ويدعمونك، وأن العفو والتسامح مع الآخرين خطوة مهمة يمكن أن تساهم في تقبل الماضي والتقدم نحو المستقبل، وللتعافي من العلاقات السامة يتطلب القيام بعمل داخلي عميق ويؤدي للنمو الشخصي من خلال إعطاء فرصة لتجارب جديدة والتعلم والاستفادة من الخبرات السلبية، بالالتزام بالعمل على الذات والسعي للتوازن العاطفي.

كيفية التخلص من العلاقات السامة
التخلص من العلاقات السامة من وجهة نظر حسلاوة، يتطلب فهماً عميقاً للديناميكيات العاطفية والنفسية التي تحدث داخل هذه العلاقات، فيجب علينا أولاً التعرف على هذه العلامات، حتى نتمكن من تحديد العلاقات التي نحتاج التخلص منها، لافتة إلى أن التخلص منها قد يتطلب مجهوداً خاصاً لتجاوزها.
مضيفة: إن أولى الخطوات الصحيحة، أن نحافظ على حدودنا الشخصية، ونتعلم كيف نعزز قدرتنا على وضع تلك الحدود الصحية مع الآخرين، فنتعلم قبول الرفض والقدرة على القول “لا” عند الحاجة، إضافة للبحث عن الدعم النفسي، من الأصدقاء المقربين أو من المحترفين مثل المستشارين النفسيين أو العلاقات الطيبة، والتفكير بالتوازن، حيث يجب أن نعتبر أن التوازن في الحياة أمراً أساسياً، كما علينا تحديد العلاقات التي تساعدنا على النمو الشخصي والإيجابي، والابتعاد عن تلك التي تضر بالصحة، كما تقول: إننا قد نلجأ لاتخاذ القرارات الصعبة والضرورية، مثل قطع العلاقات مع الأشخاص الذين يؤثرون سلباً علينا بوضع حدود واضحة مع الأصدقاء الذين يسببون لنا الإحباط أو الضرر، وعدم الخوف من الابتعاد عنهم لحماية صحتنا النفسية، والتواصل بصدق مع الطرف الآخر والتحدث بصراحة حول المشاكل التي نواجهها في العلاقة، وإبلاغهم بكيفية تأثير سلوكهم علينا، التركيز على العلاقات الإيجابية، طلب المساعدة من الأهل أو المختصين، في حالة عدم القدرة على التعامل بمفرده مع العلاقات السامة.
واختتمت حسلاوة: على الفرد أن يتذكر أن التعافي من العلاقات السامة يتطلب وقتاً وصبراً وتصميماً، وأن كل شخص يتحرك بوتيرته الخاصة نحو الشفاء، لكن  من الضروري أن يكون الفرد متصارحاً مع نفسه ويتعامل بلطف مع مشاعره خلال هذه الرحلة، فالتغيير له وقته ولا يأتي بسهولة، وأنه عندما نتجاهل العلاقات السامة ونبني علاقات إيجابية ومثمرة، نجد أنفسنا نزدهر ونتقدم نحو السعادة والتوازن.

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_تشرين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...