آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » آسيا الوسطى «تطعن» أنقرة: قبرص اليونانية (وحدها) تمثّل الجزيرة

آسيا الوسطى «تطعن» أنقرة: قبرص اليونانية (وحدها) تمثّل الجزيرة

 

محمد نور الدين

 

 

بصمتٍ، مرّت حادثة اعتراف ثلاث دول في آسيا الوسطى، بقبرص الجنوبية، وتعيين سفراء لديها. ففي الرابع من نيسان الجاري، انعقدت في مدينة سمرقند الأوزبكستانية، قمّة بين الاتحاد الأوروبي وخمس دول من آسيا الوسطى (أوزبكستان، تركمانستان، كازاخستان، طاجكستان وقرغيزيا)، أعلن المجتمعون، في ختامها، الالتزام بقرارَي مجلس الأمن الرقمين 541 و550، اللذين يدينان اعتراف تركيا بقبرص الشمالية، ويعترفان بقبرص اليونانية ممثّلة وحيدة للجزيرة.

 

ولعلّ أهمية القرار أن الدول الثلاث، أعضاء في «منظمة الدول التركية»، التي تُعتبر أنقرة «راعيها الأكبر»، فضلاً عن كونها ذات أهمية في مجالات الطاقة والموقع والمساحة. وكانت أوزبكستان أول مَن أعلنت افتتاح سفارة لها في قبرص في كانون الأول الماضي، لتتبعها كازاخستان في كانون الثاني، فيما قرّرت تركمانستان، نهاية الشهر الماضي، أن تعتمد سفيرها لدى إيطاليا، سفيراً غير مقيم لدى قبرص؛ علماً أن تركمانستان ليست عضواً كاملاً في «منظمة الدول التركية»، بل مجرّد مراقب، نظراً إلى سياسة الحياد التي تتّبعها.

 

وانعقدت «قمّة سمرقند» بمشاركة رئيسة المفوّضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، التي أعلنت عن استثمارات أوروبية في الدول الخمس، بقيمة 12 مليار يورو. وممّا جاء في البيان الختامي المشترك، أن الدول المشاركة في القمّة «تؤيّد القرار 541 لعام 1983، والقرار 550 لعام 1984»، الذي يدعو إلى الاعتراف بجمهورية قبرص كممثّل لكلّ الجزيرة، وعدم الاعتراف بشمال قبرص التي أُعلنت جمهورية مستقلّة، في الـ15 من تشرين الثاني 1983. وحتى الآن، لا يوجد أيّ دولة تعترف بقبرص الشمالية التركية، سوى تركيا.

 

ومنذ عام 2017، تقاطع أنقرة والجانب القبرصي التركي مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة حول قبرص، بحجّة أنها «تتعارض» مع موقف الطرفين من أن الحلّ هو في وجود دولتَين. وفيما لم تنجح تركيا في حشد الدعم الدولي لقبرص التركية، فهي اكتفت، إلى الآن، بقبولها عضواً مراقباً في «منظمة الدول التركية»، علماً أن رئيسها، أرسين تتار، شارك في قمّة بيشكيك للدول التركية (2024)، كضيف شرف، وهو ما استدعى إدانة الاتحاد الأوروبي، وقبرص اليونانية.

 

«على تركيا أن توجّه اهتمامها ليس فقط إلى الجنوب (سوريا)، بل أيضاً وبصورة أكبر إلى الشرق»

 

 

وكان لِتصاعد النفوذ التركي في المنطقة، أنْ أثار قلق قبرص الجنوبية من أن تذهب بعض الدول إلى الاعتراف بقبرص التركية، غير أن «قمة سمرقند»، ومخرجاتها، أراحت نيقوسيا، وبدّدت هواجسها. ولعلّ ممّا يلفت، في إطار التطوّرات الأخيرة، التزام أنقرة، حتى الآن، الصمت. وجاء تعيين السفراء من جانب ثلاث دول أعضاء في «منظمة الدول التركية»، ليطرح علامات استفهام حول التأثير الفعلي لتركيا في المنظمة، وليوجّه لها صفعة قوية، في ذروة صعودها الإقليمي منذ سقوط النظام السوري.

 

وفي هذا الإطار، يرى الكاتب التركي، عثمان كيبينك، أن «الهدف الأساسي من وراء قرار تعيين السفراء، هو تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة النفوذ المتنامي لكل من روسيا والصين»، موضحاً أن «الدول التركية في آسيا الوسطى، تحاول أن تتّبع سياسات متوازنة مع الجميع: من الصين وروسيا إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».

 

وإذ لا شكّ في أن هذا التعيين «أصاب تركيا بخيبة أمل كبيرة»، كونه يعني «الاعتراف بقبرص اليونانية ممثّلةً لكلّ الجزيرة»، فهو سيتسّبب أيضاً في إلحاق ضرر بعلاقات أنقرة مع دول آسيا الوسطى. وفي محاولة لتبرير ما جرى، يلفت الكاتب إلى أن الدول الثلاث «تعرّضت للتهديد بأنه إذا لم تعترف بقبرص اليونانية، فلا مجال لأيّ مساعدات». كذلك، فإن من شأن تلك الخطوة أن تلقي بثقلها على مناخ التعاون المستجدّ بين أنقرة وبروكسل.

 

من جهتها، تقول الباحثة يلدز ديفيجي بوزكوش، إن «المصالح والواقعية، لا الأيديولوجيات، هي التي لعبت دوراً في تطوير مناخ العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى. فأوروبا، بعد الخلاف مع أميركا ولا سيما حول أوكرانيا، تريد أن تؤمّن بدائل أخرى للطاقة. ونتج من ذلك، قرار الاتحاد رفع مستوى العلاقات مع آسيا الوسطى، إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية».

 

ويسعى التكتُّل، وفقاً لبوزكوش، إلى «لجم النفوذ التركي، بعد أحداث قره باغ، وانفتاحه على آسيا الوسطى»، فيما تعتبر الباحثة أن «خطوة تعيين السفراء كانت مفاجأة، وغير متوقّعة وغير مناسبة بالنسبة إلى تركيا وتتعارض مع مبدأ (الأخوّة والوحدة)» على المدى البعيد، إذ إنها قد «تؤذي تركيا وتضرّ بحقوقها السيادية في البحر المتوسط، حيث يُتوقّع أن ترفع أنقرة الصوت في وقت ليس ببعيد. لهذا، تكتسب قمّة الدول الناطقة بالتركية التي تُعقد في المجر، في أيار المقبل، أهمية استثنائية».

 

وبالنسبة إلى المؤرّخ البارز، إيلبير أورطايلي، فإن ما جرى «يشكّل تهديداً ليس فقط لقبرص التركية، بل كذلك لمستقبل تركيا»؛ فرئيسة المفوّضية، فون دير لايين، «تحمل المال إلى تركيا وتقول لها: لك مليار يورو مقابل المزيد من اللاجئين؛ وتذهب إلى آسيا الوسطى، وتقول: لكم 12 مليار يورو مقابل الاعتراف بقبرص اليونانية». ويرى أورطايلي أن «أمل تركيا التي يتناقص عدد سكانها بسبب انخفاض المواليد وتفكّك الزيجات، كان في المزارعين المجتهدين، ومربّي المواشي في أوزبكستان وقرغيزيا وغيرهما.

 

لكنّ تركيا امتلأت بالسوريين، فيما نحن نعيد اللاجئين الأويغور والتركمان إلى بلادهم»، لافتاً إلى أن «اليونان ضغطت كي يشترط الاتحاد الأوروبي على آسيا الوسطى الاعتراف بقبرص اليونانية مقابل المال». من هنا، فإن «على تركيا أن توجّه اهتمامها ليس فقط إلى الجنوب (سوريا)، بل أيضاً وبصورة أكبر إلى الشرق ودول آسيا الوسطى. نحتاج إلى سليمان ديميريل جديد».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

فرنسا… المعارضة تهدد بالإطاحة بالحكومة

عبر تصويت بحجب الثقة بعد أن قال وزير المالية إن ميزانية العام المقبل ستتطلب توفير مليارات اليورو.   هددت أحزاب المعارضة الفرنسية اليوم الاثنين بالإطاحة ...