علي عواد
كشفت دعوى قضائية في الولايات المتحدة عن اتهامات خطيرة مفادها أن ميتا، الشركة الأم لفايسبوك، منحت منصة نتفليكس حق الوصول إلى رسائل الدردشة الخاصة بالمستخدمين على تطبيق مسنجر في اتفاقية بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، في مقابل اطّلاع ميتا على بيانات المستخدمين على نتفليكس ودفع الأخيرة 100 مليون دولار إضافية
يحار المرء من أين يبدأ حديثه عن ميتا. تواصل هذه الشركة ومن خلفها آل زاكربيرغ، الإمعان في ضرب حقوق المستخدمين وجني الأرباح من بياناتهم. بيانات لم يوافق أحد على بيعها بشكل واضح إلى أطراف أخرى. رُفعت الدعوى القضائية الأخيرة العام الماضي، إلا أنّ مضمونها انتشر أول من أمس على الإنترنت. تتعمق الدعوى في تكتيكات ميتا المناهضة للمنافسة، وتكشف عن اتفاقية مشاركة محادثات المسنجر الخاصة بالمستخدمين بين عمالقة التكنولوجيا، يعود تاريخها إلى عام 2013. ووفقاً لوثائق المحكمة، حصلت نتفليكس على حق قراءة الرسائل الخاصة عبر اتفاقية تدعى Inbox API. ومقابل هذا الوصول غير المسبوق، وافقت نتفليكس على تزويد ميتا بتقارير مفصّلة عن تفاعلات المستخدم مع توصيات البث الخاصة بها كل أسبوعين. أي إنّ الشركتين تبادلتا التقارير والبيانات عن المستخدمين.
باتريك شابات – لبناني سويسري
Banyas: البرجولات الآن بأسعار مخفضة!
البرجولات
كشف يناقض تأكيدات مؤسس الشركة مارك زاكربيرغ المتكررة عن أهمية حماية بيانات المستخدمين وحقوقهم. والجدير ذكره هنا، أنه على عكس الشائع، المحادثات عبر مسنجر غير مشفّرة مثل واتساب، وهي عرضة للقرصنة والاعتراض والقراءة من قبل أطراف أو كيانات خارجية. إلا أنّ ميتا أعلنت قبل أسبوع عن عزمها تشفير المحادثات في مسنجر قريباً. إعلان واضح يهدف إلى الحدّ من سخط الجمهور. ارتباط ميتا بنتفليكس والعكس من ناحية اتخاذ القرارات، يظهر جلياً عندما نجد أن الرئيس التنفيذي السابق لنتفليكس، ريد هاستينغز، كان عضواً سابقاً في مجلس إدارة فايسبوك من عام 2011 إلى عام 2019. وتكشف الدعوى القضائية أن هاستينغز لعب دوراً محورياً في تنسيق الشراكة الوثيقة بين الشركتين، بما في ذلك اتفاقيات تبادل البيانات. كما تكشف ملفات المحكمة أنه بحلول أوائل عام 2019، أصبحت نتفليكس مُعلناً رئيسياً على فايسبوك، حيث استثمرت حوالى 150 مليون دولار سنوياً في الإعلانات على المنصة. في المقلب الآخر، حاولت ميتا التقليل من أهمية هذا الكشف، ونشر مدير الاتصالات في ميتا، آندي ستون، بياناً على منصة إكس يشكك في منح نتفليكس حق الوصول إلى الرسائل الخاصة للمستخدمين. وجاء في المنشور: «لم تشارك ميتا رسائل الأشخاص الخاصة مع نتفليكس. سمحت الاتفاقية للأشخاص ببعث رسائل إلى أصدقائهم على فايسبوك حول ما كانوا يشاهدونه على نتفليكس، مباشرةً من تطبيق نتفليكس. هذه الاتفاقيات شائعة في الصناعة». بكلمات أخرى، تزعم ميتا أن نتفليكس تستطيع الوصول إلى رسائل المستخدمين، ولكنها لم تستخدم هذا الوصول لقراءة الرسائل الخاصة. علماً أن صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت تقريراً في عام 2018، يفيد أن نتفليكس وسبوتيفاي يمكنهما قراءة الرسائل الخاصة للمستخدمين، وفقاً للوثائق التي حصلت عليها.
دفعت هذه الفضيحة المدافعين عن الخصوصية ومنظمات حقوق المستهلك التعبير عن غضبهم إزاء هذه الادعاءات، وأدانوا الاستغلال المحتمل لبيانات المستخدم لتحقيق مكاسب للشركات. وقالت المديرة التنفيذية لـ«تحالف الحقوق الرقمية» سارة جونسون في حديث لها مع موقع «Techcrunch»: «إذا ثبتت صحة هذه الادعاءات، فإنها تمثل انتهاكاً صارخاً لخصوصية المستخدم وخيانة لثقة المستهلك». وقالت الخبيرة القانونية أماندا ريبلي للموقع نفسه: «تؤكد هذه القضية الحاجة الملحة لقوانين شاملة بخصوصية البيانات تعطي الأولوية لموافقة المستخدم والشفافية والمساءلة» و«أثبت التنظيم الذاتي لصناعة التكنولوجيا أنه غير كافٍ، وحان الوقت لصانعي السياسات للتدخل وحماية مصالح المستهلكين».
محاولة ميتا التنصّل من الفضيحة لن ينجح، فالأمر لم يحدث أصلاً بشكل اعتباطي. ملفات المحكمة واضحة، وتتحدث عن أنّ فايسبوك حقّق الأرباح من رسائل المستخدمين في مشروع مشاركة البيانات مع نتفليكس. ولا يهم ما تقوله شروط خدمة فايسبوك التي يوافق عليها المستخدمون من دون قراءتها كونها تحتاج إلى محامين لصعوبتها، ولا يجب لوم المستخدم على عدم معرفته كيفية عمل تكنولوجيا ميتا. أصل القضية أن المستخدمين لم يعطوا موافقة واضحة على تحويل رسائلهم الخاصة إلى أرباح لميتا. كشف وثائق المحكمة الجديد يأتي بعد كشف آخر، صدر يوم 26 آذار (مارس) الماضي، حيث أفردت محكمة فيدرالية في كاليفورنيا وثائق جديدة تم اكتشافها كجزء من الدعوى الجماعية بين المستهلكين وشركة ميتا، تتحدث عن كيفية حصول ميتا على ميزة تنافسية على منافسيها، بما في ذلك سناب تشات ولاحقاً أمازون ويوتيوب، عبر تحليل حركة مرور الشبكة لكيفية تفاعل مستخدميها مع منافسي ميتا.
تجسّست ميتا على سناب تشات ويوتيوب وفقاً لدعوى سابقة
ونظراً إلى استخدام التشيفر من قبل هذه التطبيقات، كان فايسبوك بحاجة إلى تطوير تقنية خاصة للالتفاف حول هذا الأمر. عملياً تجسست ميتا على تلك المنصات. وتكشف الوثائق أنه في عام 2016، أطلق فايسبوك مشروعاً سرياً يدعى Ghostbusters لاعتراض حركة مرور الشبكة بين المستخدمين وخوادم سناب تشات وفك تشفيرها. وكان الهدف الحصول على معلومات سلوك المستخدم على سناب تشات لمساعدة فايسبوك على التنافس بشكل أفضل مع التطبيق الصاعد. وبحسب الوثائق، بعث مارك زاكربيرغ بنفسه رسالة بريد إلكتروني إلى موظفيه، مشدداً على أهمية إيجاد «طريقة جديدة للحصول على تحليلات موثوقة» بشأن حركة المرور المشفرة في سناب تشات. واقترح المهندسون استخدام خدمة Onavo VPN الخاصة بفايسبوك، التي يمكنها الوصول إلى حركة مرور الجهاز وفك تشفيرها قبل التشفير، في هجوم برمجي يدعى Man in the middle attack. وتوسع برنامج التجسس ليشمل مراقبة حركة المرور من أمازون ويوتيوب أيضاً. وتأتي هذه الاكتشافات من دعوى قضائية جماعية رُفعت عام 2020 تزعم أن فايسبوك كذب بشأن جمع بيانات المستخدم لاستغلالها واكتساب مزايا على المنافسين مثل سناب تشات. حصل ذلك كله ولم يتحرك الكونغرس لحماية الأميركيين من أساليب ميتا الملتوية، في حين أنّ قرار فرض بيع تيك توك لشركة أميركية أو مواجهة الشركة الأم للتطبيق «بايت دانس» حَظَره على كامل الأراضي الأميركية وصل إلى مجلس الشيوخ في غضون ساعات (الأخبار 18 آذار 2024). فقط لأنه تطبيق صيني! أما مارك زاكربيرغ، فيصول ويجول من دون حسيب ولا رقيب ضارباً حقوق المستخدمين وشروط التنافس كلها.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية