احتشد عشرات الآلاف من الإثيوبيين في وسط العاصمة أديس أبابا، متعهدين بالوقوف في وجه المتمردين المتحالفين ضد حكومة الرئيس أبي أحمد، ومؤكدين قدرتهم على صد القوات الزاحفة نحو العاصمة.
وفي ساحة ميسكل في أديس أبابا، اليوم، ارتفعت حدة التصريحات في وجه المتمردين، إذ اتّهمت رئيسة بلدية أديس أبابا، أدانيش أبيبي، «أعداء» إثيوبيا بأنهم يحاولون «ترويع سكاننا»، معتبرة أن «المكان المناسب لجبهة تحرير شعب تيغراي هو الجحيم».
وفي خطوة ترسم معالم الصراع المتأزم بين الحكومة ومؤيديها في العاصمة من جهة، والمتمردين من جهة أخرى، خاطب أبي أحمد، مناصريه، مؤكداً لهم بأن «هناك تضحيات يجب تقديمها لكن هذه التضحيات ستنقذ إثيوبيا»، بحسب ما جاء في تغريدة نشرها عبر «تويتر».
كما جاء في تغريدة مكتب الاتصالات الحكومية: «شرف لنا أن نموت من أجل سيادتنا ووحدتنا وهويتنا. لا انتماء إلى إثيوبيا من دون تضحيات».
وأتى التصعيد الحكومي عقب إعلان تحالف من تسع منظمات متمردة من مختلف المناطق والأعراق في إثيوبيا في العاصمة الأميركية واشنطن. المنظمات انضوت تحت ما يسمي بـ«الجبهة الموحدة» رافعة شعار «قلب نظام» أبي أحمد، إلى نظام «أكثر عدلاً وتنوعاً».
وعلى الجهة المقابلة، يصرّ المتمردون أن عدوهم هو أبي أحمد وليس سكان العاصمة؛ وفي محاولة لطمأنة السكان، نفى متمردو إقليم تيغراي، اليوم، احتمال حصول «حمام دمّ» في أديس أبابا، في حال دخلوا إليها لإسقاط الحكومة، مؤكدين أن هدفهم ليس السيطرة على العاصمة وأن سكانها «لا يعارضونهم بشدة».
جاءت تصريحات المتمردين على لسان المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيغراي، غيتاشيو رضا، لـ«فرانس برس»؛ إذ اعتبر أن «القول إن سكان أديس (أبابا) يعارضوننا بشدة، مبالغ فيه»، شارحاً أن «المدينة بوتقة يعيش فيها ناس من كافة الاهتمامات، والقول إن أديس أبابا ستتحوّل إلى حمام دمّ إذا دخلناها أمر سخيف جداً. لا أعتقد أن هذه الفرضية (…) تتمتع بالصدقية».
وأكد رضا أن السيطرة على العاصمة «ليست هدفاً»، مضيفاً «لسنا مهتمّين بشكل خاص بأديس أبابا بل نريد التأكد من أن أبي لا يشكل تهديداً لشعبنا، وفي حال لم يرحل أحمد بالطبع سنسيطر على العاصمة».
وفي حين لا تزال حكومة أبي أحمد تنفي تقدم المتمردين، أوضح رضا أن المتمردين يتقدّمون نحو الجنوب و«يقتربون من أتاي» التي تبعد 270 كلم شمال العاصمة، وكذلك نحو الشرق باتجاه ميل الواقعة على الطريق المؤدي إلى ميناء جيبوتي الأساسي لإمدادات أديس أبابا.
وبالأمس، وجه أبي أحمد تلميحات للتغير في تعاطي الدول الغربية مع الأزمة الراهنة، قائلاً: «واجهنا المحن والعقبات وهذا جعلنا أقوى… لدينا حلفاء أكثر من الذين انقلبوا علينا». تزامن ذلك مع انتقاد رئيسة بلدية أديس أبابا، الحكومة الأميركية التي قامت الأسبوع الماضي بإلغاء امتيازات تجارية ممنوحة لإثيوبيا، قائله «إن كانت المساعدات والقروض ستجردنا من حريتنا، وإن كانت ستقودنا للتضحية بحريتنا، فلن نضحي بحريتنا».
وحمل المتظاهرون اليوم، لافتات تنتقد وسائل الإعلام الغربية لبثها «أخباراً كاذبة» والمبالغة في المكاسب التي حققها المتمردون. وحثّت لافتات أخرى الولايات المتحدة على «التوقف عن مص دمائنا».
وتبدو المفاوضات التي دعت إليها الأسرة الدولية على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، مستحيلة في الوقت الراهن. إذ دعت 16 دولة، اليوم، لمساءلة جادة للمسؤولين عن ارتكاب «انتهاكات حقوق الإنسان» في إثيوبيا والتحقيق فيها، الأمر الذي ترفضه الحكومة في أديس أبابا.
وطالب البيان «جميع الأطراف بوقف الأعمال العدائية على الفور والدخول في مفاوضات من دون شروط مسبقة بشأن وقف دائم لإطلاق النار والالتزام بتحقيق سلام دائم في البلاد». كما دعا إلى «الانسحاب الفوري للقوات الإريترية من إثيوبيا وضمان حكومة إريتريا للمساءلة عن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها قواتها في إقليم تيغراي (شمال)».
ومع ضبابية المشهد طالبت كل من إسرائيل ولبنان، اليوم، مواطنيها وديبلوماسيها إما بالمغادرة أو الاستعداد للرحيل في أي وقت، كما جاء في بيانات أصدرتها خارجية الدولتين.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)