الرئيسية » ثقافة وفن » أثّر شيرلوك هولمز في تطورها.. كيف تحقق العلوم الجنائية العدالة؟

أثّر شيرلوك هولمز في تطورها.. كيف تحقق العلوم الجنائية العدالة؟

حسين شقير

 

على مرّ العصور، تطوّرت العلوم الجنائية، وأصبحت تؤدي دوراً محورياً في نظام العدالة. كيف بدأ هذا العلم؟ وأين أصبح؟

 

 

تطوّرت العلوم الجنائية على مرّ العصور، وأصبحت اليوم تلعب دوراً محورياً في نظام العدالة. فقد ساهمت في كشف الجرائم وتحقيق العدالة للضحايا. تعود أصول العلوم الجنائية إلى العصور القديمة، حيث كانت تُستخدم تقنيات وأساليب بسيطة للتحقيق في الجرائم وتحديد الجناة. ومع مرور الوقت، بدأت هذه العلوم في التطوّر والتحسّن، مع استخدام تقنيات وأدوات أكثر تقدّماً وتعقيداً.

 

ففي العصور الوسطى، بدأت العلوم الجنائية بالظهور كتخصص مستقل، حيث تمّ تطوير أساليب التحقيق وتحليل الأدلة. وفي القرون اللاحقة، شهدت العلوم الجنائية تطورات هائلة، خاصة مع استخدام التكنولوجيا والعلوم الأخرى مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم الحاسوب.

 

تعتمد العلوم الجنائية على مجموعة واسعة من التخصصات العلمية، مثل علم الأحياء الجنائي وعلم الوراثة الجنائي وعلم الكيمياء الجنائي وعلم الأدلة الجنائية. وتعمل هذه التخصصات جنباً إلى جنب على تحليل الأدلة المتاحة وتقديم تفسيرات علمية للجرائم.

 

ومع تطوّر التكنولوجيا، باتت العلوم الجنائية تستخدم أدوات وتقنيات متقدّمة لجمع الأدلة وتحليلها، من بينها: تحليل الحمض النووي (DNA)، تحليل البصمات الوراثية، تحليل الألياف والمواد الكيميائية، واستخدام الصور الفوتوغرافية والفيديو في التحقيقات.

 

كما تتقاطع العلوم الجنائية مع مجالات علمية أخرى، مثل علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإحصاء. فعلى سبيل المثال، يستخدم علم النفس الجنائي دراسة السلوك الجنائي وتحليل العقلية والشخصية للمشتبه بهم، في حين يستخدم علم الاجتماع الجنائي دراسة العوامل الاجتماعية والثقافية التي تؤثر في ارتكاب الجرائم.

 

بشكل عام، تُعَدّ العلوم الجنائية أداة قوية في تحقيق العدالة. ومع استمرار التطور العلمي، من المتوقع أن تستمر العلوم الجنائية في إحراز تقدم نوعي، ما يعزّز قدرتها وفعاليتها في مكافحة الجريمة.

 

تأثير شيرلوك هولمز

أحد الشخصيات الرئيسية التي لعبت دوراً في تطوير العلم الجنائي، كان المحقق الخيالي شيرلوك هولمز. ذلك أن استخدامه للتفكير المنطقي والأساليب العلمية في حل الجرائم، ألهم في الواقع، العديد من أخصائيي العلوم الجنائية. وكان مؤلّف هولمز، آرثر كونان دويل، صديقاً للدكتور إدموند لوكارد، رائد علم الطب الشرعي، الذي أنشأ أول مختبر للجريمة في فرنسا عام 1910.

 

ومن أسباب تأثير هولمز، استخدامه للمنهج العلمي في التحقيقات الجنائية. فقد قدّم نموذجاً للمحقق الذي يعتمد على الأدلة والملاحظة والتفكير المنطقي. هكذا ألهم هذا النموذج العديد من العلماء والمحققين لاستخدام العلم في تحليل الأدلة وتطوير تقنيات جديدة.

 

فقد استخدم هولمز بشكل مبتَكر العديد من التقنيات المبنية على الملاحظات الدقيقة والتجارب العلمية، مثل تحليل البصمات، وتحديد سمات الشخصية من خلال المظاهر الخارجية، وتحليل الأدلة الكيميائية. بالإضافة إلى ذلك، ألهم هولمز العلماء لتطوير تقنيات جديدة في مجال علم الطب الشرعي، حيث دفع استخدامه للتحليل الجيني والأدلة الوراثية في حلّ الجرائم إلى تطوّر هائل في هذا المجال.

 

كما أصبح تحليل الحمض النووي أداة قوية في تحديد هوية المشتبه بهم، وربطهم بمسرح الجريمة. بالإضافة إلى الأثر العلمي، لا يمكن إغفال تأثير هولمز في الثقافة الشعبية. فقد أصبح رمزاً للذكاء والتفكير المنطقي، وزاد من شعبية القصص الجنائية والتحقيقات الشرطية في الأدب والسينما والتلفزيون.

 

تطوّر التكنولوجيا في علم الجريمة

 

خلال القرن الـ20، حقّق علم الطب الشرعي تقدّماً كبيراً بفضل التقنيات الجديدة. فقد اكتشف السير فرانسيس جالتون أهمية البصمات كمعرِّف فريد، وأصبحت تقنية تحديد سمات الحمض النووي أداة لا تُقدَّر بثمن في تحديد المشتبه بهم.

 

وتُعتبر التكنولوجيا أداة قوية في هذا المجال، حيث تساهم في توفير الأدلة القوية وتحليلها بشكل أسرع وأكثر دقة. فمن بين التطورات التكنولوجية الرئيسية في هذا المجال، نجد تحليل البصمات الوراثية الذي يُعتبر من أهم الابتكارات التكنولوجية في علم الجريمة، حيث يمكن استخدامه لتحديد هوية المشتبه بهم، وتوفير أدلة قوية في قضايا الجرائم.

 

كما تطوّرت تقنيات تحليل الفيديو والصور، لتمكين الشرطة من تحديد هوية المشتبه بهم، وتتبّع حركتهم بشكل أكثر دقة وفعالية. كما يمكن استخدامها لتوثيق الجرائم وتقديمها كأدلة قوية أمام المحاكم. إضافة إلى استخدام تحليل البيانات الرقمية للكشف عن أنماط وتوجّهات الجريمة، وتحديد المشتبه بهم، وتوفير أدلة قوية في قضايا الجرائم المعقدة.

 

تطور الأدوية والسموم

العلوم الجنائية: من التاريخ إلى التكنولوجيا

يتمّ تطوير أدوات وتقنيات جديدة باستمرار لتحسين قدرة العلماء الجنائيين على الكشف عن الأدوية والسموم

أما في مجال العلم الجنائي، فيلعب تطور الأدوية والسموم دوراً حاسماً في تحليل الأدلة وفهم الجرائم. تُقدّم التكنولوجيا الحديثة والأبحاث العلمية المستمرة تحسينات هائلة، مما يساهم في تعزيز قدرة المحققين على تحديد وتحليل السموم والأدوية المستخدمة في الجرائم.

 

وتُستخدم الأدوية والسموم في العلم الجنائي لعدة أغراض، بما في ذلك تحديد سبب الوفاة، وتحليل العينات الحيوية للكشف عن وجود مواد مخدرة أو سموم في جسم الضحية أو المشتبه به.

 

واحدة من هذه التقنيات هي التحليل الكيميائي للعينات، حيث يتمّ استخدام الكروماتوغرافيا الغازية والسائلة، والطيف الكتلي، لتحديد وتحليل المركبات الكيميائية الموجودة في العينات. على سبيل المثال، يمكن استخدام هذه التقنيات لتحديد وجود مواد مخدرة في عينات الدم أو البول، وبالتالي تقديم دليل قوي في قضايا المخدرات. كما يمكن استخدامها لتحديد وجود مواد سامة مثل الزرنيخ أو السيانيد في عينات الأغذية أو السوائل، وبالتالي توفير أدلة مهمة في قضايا التسمم.

 

بالإضافة إلى ذلك، يتمّ تطوير أدوات وتقنيات جديدة باستمرار لتحسين قدرة العلماء الجنائيين على الكشف عن الأدوية والسموم. مؤخراً، تمّ تطوير أجهزة الكشف عن المخدرات المحمولة، التي تسمح للمحققين بتحليل العينات في الموقع نفسه بشكل سريع وفعّال.

 

التحديات والآفاق المستقبلية

يواجه علم الطب الشرعي تحديات متعددة ومتنوعة، ومع ذلك، فإنه يتطور باستمرار، ويتمتع بآفاق مستقبلية واعدة.

 

أحد هذه التحديات الرئيسية هو التطور التكنولوجي السريع. فمع تقدم التكنولوجيا، يصبح من الصعب على الأطباء الشرعيين مواكبة التحديات الجديدة، وفهم كيفية التعامل مع الأدلة الجديدة والتقنيات المتقدّمة.

 

وكذلك تحديث الأطباء الشرعيين لمهاراتهم ومعرفتهم بالتكنولوجيا مع التطور المستمر الذي تشهده تقنيات التحليل الجيني والتحليل الحيوي وتحليل البصمات الوراثية.

 

تُعتبر زيادة حجم الأعمال والضغط الزمني أيضاً تحدّياً لعلم الطب الشرعي، حيث يتطلّب تحليل الأدلة، وإعداد التقارير والشهادات الطبية، والمشاركة في الجلسات القضائية والاستجوابات الشرعية، الكثير من الوقت والجهد.

 

لذا، يجب أن يكون هناك استثمار في تعزيز البنية التحتية، وتوفير الموارد اللازمة لتمكين الأطباء الشرعيين من أداء مهامهم بكفاءة وفعالية.

 

يُتوقّع أن يستفيد علم الطب الشرعي من تقدّم التكنولوجيا والابتكارات الجديدة في مجال التحليل الجيني والطب الشخصي. قد يتمّ تطوير تقنيات جديدة تساهم في تحسين دقة وسرعة تحليل الأدلة، وتوفير نتائج أكثر موثوقية. كما يمكن أن يتطوّر علم الطب الشرعي في مجالات أخرى، مثل التحليل السلوكي والتحليل النفسي والتحليل الرقمي. فضلاً عن تطوير تقنيات جديدة لتحليل الأدلة السلوكية، وفهم النوايا والدوافع والعوامل النفسية للجرائم. وكذلك تطوير أدوات وتقنيات جديدة لتحليل الأدلة الرقمية، مثل الهواتف الذكية والحواسيب الشخصية، للكشف عن الأدلة الرقمية المهمة في التحقيقات الجنائية.

 

سيرياهوم نيوز1-الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حفر اسمه بأحرف من نور نجماً متلألئاً في سماء الإبداع والتميز … عبد اللطيف عبد الحميد.. عاشق السينما السورية وعلامتها الفارقة … حقق فيلم «رسائل شفهية» نجاحاً جماهيرياً كبيراً سيبقى في ذاكرة السوريين طويلاً

وائل العدس   كان عاشقاً للسينما حد الثمالة، تعامل معها كامرأة وحيدة في حياته، أعطاها كل جهده، لم يبخل عليها بشيء، فنجح في حفر اسمه ...