تحقيق فادية مجد:
أحاديث ذات شجون، ومعاناة مزمنة، هي العنوان العريض لممرضات يعملن في مستشفيات القطاع العام في محافظة طرطوس، بدأت بحرمانهن من الحوافز، إضافة إلى ضآلة طبيعة العمل، إلى حقوقهن شبه الغائبة، أمام تعبهن الكبير الذي لم يقدر، وهن اللواتي لم يتوانين يوماً، عن مواصلة الليل بالنهار لبلسمة الآلام، والقيام بواجبهن الإنساني والمهني والأخلاقي على أكمل وجه.
معاناة مزمنة
خلال تواصل صحيفة الثورة مع عدد من الممرضات في عدد من المستشفيات العامة في المحافظة عبّرن عن معاناتهن المزمنة، وافتقادهن لمعظم حقوقهن، مؤكدات أن إنهاء تلك المعاناة يكون بتأسيس نقابة تمريض فعلية، لا شكلية!.
وأضفن: ١٣ عاماً مضت على صدور مرسوم بإحداث نقابة للتمريض، ولكن حتى تاريخه لم يفعّل، ولم يقر النظام الداخلي والمالي، ولم نجد من تلك النقابة سوى تسليمنا هويات نقابية لقسم منا، دون أن يكون للنقابة أي دور في الدفاع عن حقوقنا، والسعي لنيل جزء منها، وكذلك وزارة صحة في عهد النظام المخلوع لم تنظر بأمرنا، ولا أي جهة، بعكس كل العاملين الذين ينتسبون لنقابات تعنى بشؤونهم.
طبيعة عمل متدنية
وأشرن إلى معاناتهن المتمثلة بطبيعة العمل المتدنية، والتي مقدارها أربعة بالمئة، إضافة إلى معاناتهن من عملهن المتعب الطويل، ودوامهن أيام العطل الرسمية والأعياد، بعكس باقي الفئات والوظائف.
تقول الممرضة “عبير” العاملة في المستشفى الوطني: هل يعقل أن تكون طبيعة العمل لمن هن اليد اليمنى للأطباء أربعة بالمئة، بينما المعالجون الفيزيائيون وممرضو التخدير طبيعة العمل عندهم ٧٥ بالمئة؟!.
أما الممرضة “منى” من مستشفى الأطفال فتقول: إضافة لتدني طبيعة العمل والحوافز التي حرمنا منها رغم التعب الكبير، وأداء واجبنا على أكمل وجه، لا يوجد مبيت لنا، ونضطر لركوب ثلاثة سرافيس حتى نصل لمكان عملنا وكذلك عند العودة لبيوتنا، نحن اللواتي نسكن في أرياف المحافظة، عدا عن معاناتنا من عدم وجود سرافيس تقلنا من مركز المدينة بطرطوس، حيث مكان عملنا بعد الساعة الرابعة ظهراً.
وتتابع “منى”: إن معاناتنا قاسية، وندفع أكثر من ٦٠٠ ألف ليرة شهرياً، بينما رواتبنا هي ٣٥٠ ألفاً، ونطالب بتوفير وسائل نقل أو صرف بدل تنقل.
لا وجبة غداء
عدد من الممرضين والممرضات من مستشفيات الدريكيش ومستشفيات الأطفال ذكروا لنا أنهم محرومون من وجبة الغذاء، وهم الذين يعملون لمدة ٢٤ ساعة متواصلة، الأمر الذي يضطرهم لإحضار طعامهم معهم.
وأشاروا إلى أنه تم إيقاف قانون الأعمال المجهدة الذي ينص على أن السنة تحسب بسنة ونصف السنة، والذي يؤدي إلى التقاعد المبكر.
وشكا البعض أنه بعد منح عدد من الممرضات إجازات مأجورة، والاستغناء عن عمل الممرضين الذين أنهوا الخدمة الإجبارية بعد سقوط النظام البائد، زاد الضغط على الكادر التمريضي المتبقي، ونتيجة عدم رفد مشافي القطاع العام بخريجي مدرسة التمريض، حيث لم تجر مسابقة لهم منذ عام 2013 حسبما ذكروا.
نقابة من دون تفعيل لنقل شكوى الممرضات
تواصلت صحيفة الثورة مع نقيب التمريض والمهن الطبية والصحية المساعدة – فرع طرطوس الدكتورة رنا خضر، فقالت: صدر مرسوم بتأسيس نقابة التمريض عام 2012، وقد بدأ العمل به في جميع المحافظات السورية عام 2017، أما في محافظة طرطوس فلم يتم العمل به حتى عام ٢٠١٨، ولكن كتفعيل عمل بشكل جدي لم يحدث إلا في عام ٢٠٢٥ بعد سقوط النظام.
وأوضحت د. خضر أن مهامهم كنقابة تتمثل بتقديم الخدمات، والدفاع عن حقوق الكوادر، وإقامة الدورات العلمية والتدريبية، والمؤتمرات العلمية لرفع مستوى الكوادر التمريضية.
مطلب حق
وبخصوص طبيعة العمل التي يراها الممرضون غير منصفة، أشارت إلى أنه من أجل العمل على رفع طبيعة عمل الكوادر، تم التواصل مع الجهات المعنية في وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، حيث نقلنا مطالب الكوادر، وقد أبدى وزير الصحة في الحكومة الجديدة كل التعاون، مؤكداً أنها مطالب محقة، وستعمل الوزارة على رفعها، لافتاً إلى أنه في الوقت الحالي توجد أولويات، وهي موضوع إعادة المفصولين، ودراسة التوزع الجغرافي لكافة الكوادر العاملة.
مراعاة التخصصات
وأوضحت د. خضر أن رفع الرواتب سيكون فيه مراعاة للتخصصات، وأن نظام الحوافز لم يتم التطرق إليه بعد، مشيرة إلى أنه عندما يتم رفع الرواتب، سيكون ذلك وفق سلم رواتب معتمد، تراعى فيه التخصصات، وذلك حسبما ذكر وزير الصحة، حيث أفاد أنه مع نهاية 2025 سيكون أقل راتب بحدود 200 دولار.
ولفتت د. خضر إلى أنه يجري العمل حالياً مع وزارة الصحة على التوصيف الوظيفي لخريجي مدارس وكليات التمريض، أما النظام الداخلي فقد تم إقراره، وسوف يتم إطلاع الكوادر على بنوده من خلال جولات ميدانية سنقوم بها على المشافي والمؤسسات الصحية، بالتعاون مع مديرية الصحة.
إيرادات النقابة ضعيفة
وحول صندوق النقابة بيّنت خضر أنه لم يتم تفعيله في الوقت الحالي لأن إيرادات النقابة ضعيفة جدا، والتي من المفترض أن تأتي من اشتراكات المنتسبين والمنتسبات من خلال دفعهم الاشتراك السنوي، ولكن للأسف هم لا يبادرون ولا يسددون، مبينة أن عدد المنتسبين هو 2700 منتسب ليسوا فقط من التمريض، بل من المهن الصحية، حيث تندرج تحت نقابتنا 17 مهنة، (المعهد الصحي بكل اختصاصاته، خريجو المعاهد والتجميل والتغذية والعلوم الصحية)، موضحة أنه في حال الالتزام بدفع الرسوم سيكون هناك مجال لمنح القروض.
وأشارت د. خضر إلى أن تأمين وسائل النقل أو بدل النقل والوجبات الغذائية، أمور تختص بها مديريات الصحة وليس النقابة.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة