| غسان فطوم
مقترحات وأفكار بنّاءة بدأ الحديث عنها لتطويق عواقب الزلزال وإغاثة المتضرّرين، وتأمين ما يحتاجونه للعودة تدريجياً إلى ما كانوا عليه قبل الكارثة. ولعلّ ما كشف عنه المشاركون في الندوة الحوارية، التي نظمتها كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، مطلع هذا الأسبوع، حول “التداعيات الاقتصادية والإنسانية على سورية جراء الزلزال”، يمثل بوصلة يمكن أن نهتدي بها لإيجاد حلول إستراتيجية نأمل أن تلقى الاهتمام والعمل الجاد، فدعوة المشاركين في الندوة لإنشاء مجمع تأميني لمواجهة الكوارث فكرة بنّاءة وباتت ضرورية، وفرض نظام تأميني إلزامي على المساكن بأسعار بسيطة أيضاً مقترح يستحق الدعم والتنفيذ، ولا تقلّ الدعوة إلى وضع إستراتيجية وطنية للحدّ من مخاطر الزلازل أهمية عن ذلك، عدا عن المطالبة بوجود جهة حكومية واحدة معنية بإدارة الكوارث، حتى لا تتشتّت المسؤوليات وتضيع الجهود بتواكل كلّ جهة على أخرى وتحميلها المسؤولية عن التأخير أو التقصير. وكان اللافت في المقترحات الدعوة لإحداث صندوق وطني للبناء والتنمية يمتلك صفة الديمومة ليتمّ الانتقال من إعادة بناء ما دمّرته الكارثة إلى بناء ما دمّرته الحرب خلال السنوات السابقة.
ومن خارج إطار الندوة، كثُرت المقترحات الإيجابية، ومنها اقتراح فرض “ضريبة الكوارث” على رجال الأعمال والأغنياء، أم أن الحكومات المتعاقبة “شاطرة” فقط في فرض الضرائب والرسوم على أصحاب الدخل المحدود؟!
بالمختصر، إن “أخلاقيات الألم” تفرض علينا في هذا الظرف الصعب كمؤسّسات حكومية وأهلية التحرك السريع لتخفيف الألم من عواقب الزلزال، وخاصة الآثار الاقتصادية والاجتماعية، لذا المطلوب ملاقاة أي فكرة والسير بأي خطوة تثبتُ فعاليتها وجدواها وفق خطط مدروسة للمعالجة وتقدير تكاليفها، وما طُرح من أفكار، وما نسمعه ونقرأه، جدير بالمتابعة وبناء الثقة، وهي الخطوة الأولى لمواجهة العواقب الخطيرة، فبحسب إحصائيات مبدئية أشار لها المشاركون في الندوة بلغ إجمالي الخسائر نحو 40 مليار دولار حتى اللحظة، منها 20 مليار دولار أضرار مادية، وبحدود 21 مليار دولار أضرار اجتماعية، عدا عن تسبّب الزلزال بأزمة صحية كبرى قد تتجاوز أضرارها الخسائر المادية والبشرية إن لم نحسن التعامل، ما يعني أننا أمام كارثة تفوق طاقة وقدرة إمكانياتنا الاقتصادية التي تعاني بالأساس جراء الحرب الطويلة، بل ما قبل الحرب!.
ويبقى الأهم أن نرسخ روح التعاون والتكافل الاجتماعي، فهذا أهم سلاح يمكن أن نواجه فيه الآثار المدمّرة للزلزال، وخاصة معالجة “الموت النفسي” عند الضحايا الذين عاشوا لحظات عصيبة تحت الأنقاض، وهم بأمسّ الحاجة لنعيش معهم ونغمرهم بمشاعر الحب الصادقة ونمدّ لهم يد المساعدة لتخفيف وتقليل أضرارهم بالفعل لا بالقول رسمياً وشعبياً، فقد أثبتت هذه الكارثة أن عند السوريين ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم.
(سيرياهوم نيوز3-البعث)