تنطلق غداً الانتخابات البرلمانية وهي الأولى بعد سقوط النظام.
الدكتورة الأديبة عبير خالد يحيى أكدت لـ “الحرية” أنه في منعطفات التاريخ، تكون صناديق الاقتراع أحياناً أثقل من البنادق، لأنها تحفظ النصر وتصونه من الضياع، ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية في سوريا بعد التحرير، يتجدّد السؤال: هل نكتفي بالاحتفال بالخلاص من الطغيان، أم نمضي خطوة أبعد نحو بناء وطنٍ يليق بتضحيات أبنائه؟
ترسيخ الشرعية الشعبية
وتكمن أهمية المشاركة بالانتخابات البرلمانية القادمة –حسب يحيى- في ترسيخ الشرعية الشعبية بعد عقود من القمع والانتخابات الصورية، إذ تصبح المشاركة الفعلية للناس في اختيار ممثليهم فعلاً سيادياً يرسخ شرعية البرلمان، ويؤكد أن السلطة الجديدة منبثقة من إرادة الشعب لا من فرض النظام.
إعادة الثقة بالعمل السياسي
ونوهت يحيى إلى أن سوريا بلد متعدّد المكوّنات (دينية، قومية، ثقافية)، والبرلمان القادم يجب أن يعكس هذا التنوّع، والمشاركة الواسعة تضمن أن كل صوت يجد صدى في التشريع وصنع القرار، لافتة إلى أن سنوات الحرب والفساد ولّدت عزوفاً عاماً عن السياسة، وبرأيها المشاركة تفتح نافذة أمل، وتعيد إحياء فكرة أن المواطن شريك فعلي في صناعة مصيره لا مجرد متفرّج أو ضحية.
حماية مكتسبات التحرير
وترى يحيى أن الانتخابات الحرة والنزيهة ستكون خط الدفاع الأول ضد محاولات الالتفاف على تضحيات الشعب، لذلك المشاركة الواسعة تحصّن البلاد من عودة الاستبداد بصيغ أخرى، والمطلوب والمتوقّع بعد عودة الحياة البرلمانية، إيجاد إطار قانوني ودستوري جديد، يضمن فصل السلطات، واستقلال القضاء، حرية الإعلام، وحقوق المواطنة الكاملة بلا تمييز.
برلمان فعّال وليس شكلياً
والمطلوب أن يكون البرلمان سلطة رقابية وتشريعية حقيقية، يمارس دوره في سنّ القوانين العادلة، ومراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها، وفتح ملفات الفساد والانتهاكات، وتمكين المجتمع المدني والشباب، من خلال إدخال قوى جديدة إلى البرلمان: “الأحزاب الناشئة، المستقلون، الشباب، النساء، والنقابات المهنية”، فهذه القوى يمكن أن تشكل توازناً مع الأحزاب التقليدية وتمنع احتكار القرار.
برنامج وطني لإعادة البناء
وترى يحيى أن البرلمان الجديد سيكون أمام تحديات ضخمة أهمها: إعادة إعمار البنية التحتية، وعودة اللاجئين، ومعالجة آثار الحرب النفسية والاجتماعية، وإعادة دمج المناطق المحررة في جسد الدولة، والمطلوب تجاوز عقلية الولاء للأشخاص أو الطوائف، إلى عقلية المواطنة والبرامج.
وتؤكد الدكتورة عبير خالد يحيى أن الانتخابات القادمة ستكون اختباراً، والمشاركة فيها ليست مجرد واجب وطني، وإنما هي شرط لاستمرار الحرية، وبداية لمسار طويل من بناء دولة مدنية ديمقراطية،خ والمطلوب أن يكون البرلمان القادم صوت الشعب لا صدى للسلطة، وأن يتحول إلى منصة للتغيير والإصلاح، لا مجرد مسرحية سياسية كما اعتدنا.
محطة تاريخية
وبينت الشاعرة سميا صالح أن الانتخابات القادمة تشكل محطة تاريخية في مسار سوريا بعد التحرير، إذ تمثل العودة إلى الحياة البرلمانية بداية لعقد اجتماعي جديد يقوم على الإرادة الشعبية.
وأكدت صالح أن المشاركة الواسعة في هذه الانتخابات ضرورية لتثبيت الشرعية السياسية ومنع عودة الاستبداد، كما أنها تفتح المجال لبناء دولة عادلة تقوم على المحاسبة والشفافية.
الوعي السياسي
وأضافت: المطلوب من المواطنين أن يتعاملوا مع هذه المرحلة بوعي سياسي، واختيار ممثليهم على أساس الكفاءة والنزاهة لا على أسس طائفية أو مصلحية، وأن يساهموا بفاعلية في الرقابة وضمان نزاهة العملية الانتخابية.
ومن المتوقع –تتابع صالح- أن يشهد البرلمان القادم دوراً محورياً في صياغة الدستور والقوانين الجديدة، وإصلاح المؤسسات، وتمكين المجتمع المدني ليشارك في صناعة القرار.
ولفتت إلى أن المشاركة ليست مجرد ورقة في صندوق بل هي إعلان واضح أن الشعب هو مصدر السلطة، أن المستقبل يبنى بإرادته الحرة.
اختيار المرشحين الأكفاء
بدورها ترى الأديبة فيحاء نابلسي أن الانتخابات هذه المرة مميزة بعدم المشاركة المجتمعية والاقتصار على أصوات الهيئة الانتخابية، التي تم اختيارها من اللجنة الانتخابية حسب ما قامت به من دراسة حول الشخصيات المقترحة عليها من نشطاء ووجوه اهل البلد.
والمتوقع من الهيئة الانتخابية أن تختار من المرشحين الأكفأ والانسب لتحمل المسؤولية، خصوصاً في هذا الظرف الصعب، لافتة إلى أن عضو مجلس الشعب أو المجلس النيابي ليس منصباً شكلياً، وإنما عضو فاعل مؤثر في تمكين الدولة وتصويب مسيرتها.
صوت الناخب أمانة
والمطلوب بالتأكيد -تضيف نابلسي- التواصل المستمر بين العضو المنتخب وبقية أعضاء الهيئة الانتخابية، الذين هم بدورهم على تواصل مع الناس، لتكوين شبكة من التفاهمات والرؤى، التي تساهم في توجيه دفة القيادة إلى الوجهة الأفضل، لضمان مصلحة الجميع.
المطلوب أكثر من ذلك برأي نابلسي، التعامل مع المجلس النيابي، كجسد واحد مهمته النهوض بالبلد، بعد زمن الخراب والبؤس الذي خلفه النظام البائد، وهنا يجب التركيز على ان صوت الناخب أمانة، ولابد من الأخذ لمعايير الكفاءة والمؤهلات الأعلى، والتحرر من النظرة الطائفية والمناطقية، من أجل الوصول إلى أفضل حال يناسب الجميع.