آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب الأسبوع » أربطة: تشريح رمزية العلاقات في رواية دومينيكو ستارنونه

أربطة: تشريح رمزية العلاقات في رواية دومينيكو ستارنونه

أقيمت جلسة نقاشية حول رواية “أربطة” للكاتب الإيطالي دومينيكو ستارنونه في أمسية أدبية نابضة بالتأمل والحوار وذلك ضمن نادي لينا للكتاب، بإدارة لينا بيتموني، التي افتتحتْ الجلسة بمداخلة عميقة تناولت رمزية الغلاف وفكرة الرواية الجوهرية.

من هو دومينيكو ستارنونه؟

روائي وكاتب سيناريو وصحفي إيطالي من مواليد عام 1943 في مدينة سافيانو قرب نابولي. عمل في العديد من الصحف والمجلات الساخرة ، وكتب سيناريوهات لأفلام شهيرة منها La scuola وThe Ties. فازت روايته البيت على فيا جيميتو بجائزة ستريغا، أرقى الجوائز الأدبية في إيطاليا، كما اختيرت رواية “أربطة” ضمن أفضل كتب عام 2017 من قبل نيويورك تايمز وساندي تايمز.
قالت بيتموني في مداخلتها: تتناول رواية ‘أربطة’ موضوع العلاقات الزوجية، وكيف يمكن أن تتحول الروابط التي تجمع بين الزوجين من مصدر استقرار إلى قيدٍ يمنع كلًّا منهما من السير في طريقه بحرية.”
ثم أضافت أن الغلاف نفسه يعبّر عن هذه الفكرة بطريقة رمزية مؤثرة، حيث يظهر زوج من الأحذية مربوطان بأربطة غير متناسقة، وكأن كل فردة مشدودة بطريقة مختلفة، مما يجعل السير بثبات أمرًا مستحيلًا. هذا التفاوت في الربط يعكس اختلال التوازن في العلاقة، ويطرح سؤالًا جوهريًا: هل الحب يعني التقييد أم الحرية؟

العلاقة بين ألدو وفاندا

تدور الرواية حول زوجين، ألدو وفاندا، يعيشان علاقة مختلة منذ بدايتها، لأن “الأربطة” التي جمعت بينهما كانت مشدودة بطريقة خاطئة. ألدو رجل صامت، تربّى في بيتٍ يسوده العنف والخوف، فوالده كان يضرب والدته ويهينها، مما جعله يكبت مشاعره ويخشى التعبير عنها. وعندما تزوّج فاندا، استمر في الصمت ذاته، فلم يناقشها ولم يواجهها، بل تركها تفرض سيطرتها على كل تفاصيل حياتهما.
أما فاندا فهي امرأة متوترة، مهووسة بالنظام والاحتفاظ بكل شيء، لا تعرف التخلّي، سواء عن الأشياء أو الأشخاص. تتعلق بأبنائها بشكل مبالغ فيه، وتريد أن يكون كل شيء كما تشاء. وهكذا، غابت الحوار والمشاركة عن حياتهما، لتحلّ مكانها العادة والجمود.

الخيانة والانهيار

تشير بيتموني في ظل هذا الجمود، أن ألدو يجد نفسه منجذبًا إلى امرأة أخرى أصغر سنًّا وأكثر مرونة وحيوية، تُشعره بأنه ما زال حيًّا. يشعر معها بالحرية التي افتقدها طويلاً، فيقرر ترك زوجته فاندا.
لكن فاندا لا تتقبل الخيانة، وتعيش صراعًا نفسيًّا عميقًا يصل إلى حدّ الاكتئاب. تحاول أن تستعيد زوجها من خلال أبنائهما، فتستخدمهم كوسيلة ضغط، مما يفسد علاقتهم جميعًا ويترك أثرًا عميقًا في نفوس الأولاد.

الجيل الجديد ومرآة الماضي

في نهاية الرواية، يعود الأبوان من رحلة ليجدا أن الأبناء قد خربوا البيت الذي كانت الأم تحافظ على نظامه بدقة مفرطة. كأنّ الأولاد ينتقمون من الماضي ومن القسوة التي عاشوها داخل جدران ذاك البيت المرتّب أكثر من اللازم.
وبينما يكتشفان صورة قديمة لحبيبة الأب “ليديا”، ورمزية القطة التي سمّاها باسم غريب يعكس مشاعره المكبوتة، يبدأ الأبناء بالحديث بصراحة للمرة الأولى. يتحاوران، يتشاركان ذكرياتهما، ويدركان أن الحوار الذي غاب بين والديهما كان يمكن أن ينقذ الكثير.

ملاحظات

شهدت الجلسة تفاعلًا لافتاً عبر مداخلات متنوعة حول الشخصيات والصراع الداخلي في الرواية.
فأشارت إحدى الحاضرات إلى أن شخصية “ألدو” تمثل نموذجًا للرجل الذي يحمل إرثًا من العنف والصمت، ويعيد إنتاجه في حياته الزوجية دون وعي، بينما رأت أخرى أن “فاندا” تجسّد المرأة التي تخلط بين الحب والسيطرة، وتخشى فقدان النظام أكثر من فقدان العلاقة نفسها.
كما تمت مناقشة  أثر الخيانة في الرواية، معتبرة أن ألدو لم يخن فقط زوجته، بل خان صمته الطويل، وخرج منه بطريقة مؤذية للجميع. بينما ركّزت مداخلة أخرى على الأبناء، ورأت أن الرواية تنجح في تصوير كيف تنتقل آثار العلاقة المختلّة إلى الجيل الجديد، الذي يعيش في بيت مرتب أكثر من اللازم، لكنه يفتقد الدفء والحوار.

الحب يُصان بالحوار

في ختام الجلسة، اتفقت الحاضرات أن رواية “أربطة” ليست مجرد قصة عن زوجين، بل مرآة للعلاقات الإنسانية التي تختنق حين يغيب الحوار، وتنهار حين تتحول الروابط إلى قيود.
إنها دعوة لأن نعيد التفكير بمعنى الحب، كمساحة مشتركة تُمنح فيها الحرية والاحترام. فالحب الحقيقي يُرافق بخفة، ويُصان بالحوار.
من الجدير ذكره أن نادي لينا للكتاب مساحة ثقافية حرة تجمع بين القراء والمهتمين بالأدب بهدف خلق حوار عميق حول النصوص الأدبية وتبادل وجهات النظر في بيئة داعمة ومحفزة. ويحرص النادي الموجود في دمشق على اختيار أعمال روائية تحمل قضايا إنسانية وفكرية، ويستضيف جلسات دورية تدار بأسلوب يدمج بين التحليل الأدبي والتفاعل الوجداني .

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

ملخص كتاب “سيكولوجية التحكم بالعقول” 

    د. محمد قاسم عبد الله     الفكرة العامة: العقل هو الميدان الحقيقي للحروب الحديثة، والكتاب يكشف بوضوح كيف يمكن للرسائل الإعلامية، والإشاعات، ...