وصل إلى مدينة جدة السعودية، بعد ظهر اليوم الاثنين، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارة إلى المملكة، هي الثانية خلال عام، تدوم يوما واحدا يلتقي خلالها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
وكان في مقدمة مستقبلي الرئيس التركي على أرض المطار نائب أمير منطقة مكة الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز.
ووصل أردوغان إلى المملكة ترافقه زوجته وعدد من الوزراء والمسؤولين و200 من رجال الأعمال الأتراك.
وتعد زيارة أردوغان إلى المملكة هي الثانية خلال ما يزيد عن العام بقليل، ومنذ أن تم طي صفحة خلاف بين البلدين تجاه عدد من القضايا الإقليمية وإزالة توتر طبع علاقات الرياض وأنقرة نتيجة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018 واستغلال تركيا لها سياسيا.
وتأتي زيارة أردوغان إلى المملكة اليوم، في إطار جولة خليجية تشمل أيضا كلا من دولتي قطر والإمارات وبعد إتمام تركيا مسيرة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أيار/مايو الماضي وفوز أردوغان بالرئاسة.
كان مصدر دبلوماسي تركي في الرياض قال في وقت سابق إن محادثات أردوغان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكبار المسؤولين السعوديين سوف تتركز حول “تعزيز التعاون في العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية ومجالات الطاقة ومنها النفط وتكريره والبتروكيماويات وكفاءة الطاقة والكهرباء والطاقة المتجددة”.
وقال المصدر التركي في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية ( د.ب.أ ) شريطة عدم الكشف عن هويته إن “الجانب التركي سيدعو الصناديق الاستثمارية العاملة في بيئة ريادة الأعمال السعودية للاستثمار في الشركات الناشئة في تركيا وإقامة شراكات معها” مشيرا إلى أن أكثر من 200 رجل أعمال سيرافقون أردوغان في جولته .
وتشهد تركيا أزمة اقتصادية خانقة في ظل انهيار كبير في قيمة الليرة التركية تجاوز 70 %.
وكانت السعودية أودعت في مارس /آذار الفائت وقبل شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا وديعة بقيمة 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي التركي بعد اقتناع الرياض “بأن جهود أنقرة في تنفيذ إصلاحات حقيقية باتت ملموسة على أرض الواقع”.
وأشار الرئيس التركي إلى أنّ التبادل التجاري مع دول الخليج زاد من 1,6 مليار دولار إلى قرابة 22 مليار دولار في السنوات العشرين الماضية.
وأضاف “مع تنظيم منتديات الأعمال، سنبحث عن وسائل لتحريك هذا الرقم إلى أبعد من ذلك بكثير”.
وهذه الزيارة الثانية لإردوغان للسعودية منذ المصالحة بين البلدين في نيسان/ابريل 2022، إثر قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018 والتي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الاقليميتين. وزار الأمير محمد أنقرة في حزيران/يونيو 2022.
ولم يُعلن عن أي مؤتمر صحافي. لكن يتوقع توقيع اتفاقات عدة خلال الزيارة، كما أفاد مسؤول سعودي كبير وكالة فرانس برس.
وكان التضخم في تركيا تراجع في أيار/مايو إلى ما دون 40 % للمرة الأولى منذ كانون الأول/ديسمبر. لكن يتوقع المحللون أن يرتفع أكثر في تموز/يوليو متأثرا بتراجع سعر صرف الليرة التركية التي فقدت 23 % من قيمتها في مقابل الدولار منذ نهاية أيار/مايو.
-“علاقات أعمق” مع الخليج؟-
لنحو عقد، طبع التوتر علاقات تركيا، التي تحتضن قيادات في جماعة الإخوان المسلمين، مع السعودية والامارات اللتين تصنّفان الجماعة على أنّها “تنظيم إرهابي”. كما كانت تركيا والبلدان الخليجيان على طرفي نقيض في عدد من النزاعات الإقليمية في سوريا وليبيا.
وساهم الحصار الذي فرضته السعودية على قطر، حليفة تركيا، لمدة ثلاث سنوات ومن ثم قضية خاشقجي في السنة التالية في تسميم العلاقات بين أنقرة والرياض.
وقالت الباحثة في العلاقات التركية الخليجية في جامعة قطر سينيم جنكيز “لا يُعد الاستقرار الاقتصادي والفرص التجارية القوة الدافعة الوحيدة وراء الزيارة”.
وتابعت في حديث لفرانس برس أنّ “المخاوف الأمنية الإقليمية ومناخ التطبيع الدبلوماسي يدفعان أنقرة إلى إقامة علاقات أعمق مع دول الخليج في الفترة المقبلة”.
وتأتي الزيارة بعد أشهر من انفراجات دبلوماسية شهدها الشرق الأوسط اثر اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في العاشر من آذار/مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران. كما أعلنت الرياض استئناف العلاقات مع سوريا، حليفة طهران، قبل أن تستضيف الرئيس السوري في القمة العربية قبل شهرين.
وأفاد دبلوماسي عربي في الرياض فضّل عدم ذكر اسمه أنّ زيارة إردوغان للمنطقة تأتي استكمالا للنهج الجديد في تبني سياسة “تصفير المشاكل” في المنطقة.
وتابع “كل من الرياض وأنقرة يتبع حاليا نهج تصفير المشاكل والتركيز على الجانب الاقتصادي الداخلي”.
وأضاف “تركيا تريد جذب استثمارات أجنبية وخليجية خصوصا لانعاش اقتصادها المتداعي والرياض تواصل إنهاء الخروج من النزاعات الإقليمية”.
وخلال الأشهر الأخيرة، كثفت الرياض من مساعيها للسلام في اليمن حيث تقود منذ سنوات تحالفا عسكريا ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
وقال مراقبون إنّ السعودية تريد التركيز على مشروعها الاقتصادي “رؤية 2030” الذي أطلقه ولي العهد ويلحظ استثمار مليارات الدولارات على تطوير البنى التحتية والاقتصاد المرتهن للنفط.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم