علي عبود
ليست مصادفة على الإطلاق أن ينفذ الرئيس التركي أردوغان تهديدات نتنياهو لسورية على خلفية دعمها لقوى المقاومة، بعد ساعات قليلة من إطلاقها علنا، وأن يأمر الجماعات الإرهابية بفتح جبهات القتال ضد الجيش السوري في الشمال.
وليست مصادفة أبدا أن يشن أردوغان حربا إرهابية جديدة واسعة على سورية بعد أتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل التي هددت مجددا باستئناف الحرب ضد حزب الله إن لم يقم الجيش اللبناني بإرغامه على الانسحاب من الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة وبتجريده من سلاحه الثقيل وتحديدا من الصواريخ الدقيقة!
ولا يُمكن تجاهل (الأصبع) الأمريكي في فتح جبهات قتال واسعة ضد مواقع الجيش العربي السوري، فتركيا عضو فعال في الحلف الأطلسي، وكانت وستبقى ـ منذ عام 2011 ـ منطلقا لأي عدوان على سورية تنفيذا للأجندة الأطلسية ـ الإسرائيلية!
وبما أن الحرب الأمريكية ـ الإسرائيلية الرئيسية على المنطقة تستهدف أساسا الوجودين الروسي والإيراني في سورية فقد تلقّى أردوغان (أمر عمليات) بتفجير جبهات القتال ضد الجيش العربي السوري مباشرة بعد سريان اتفاق النار بين لبنان وإسرائيل، إلى حد يمكن فيه الجزم بأن إنهاء الحرب على لبنان ولو مؤقتا، كان بهدف فتح جبهات أخرى ضد محور المقاومة.
وإذا كانت تركيا ستشرف على جبهة القتال السورية، فإن إسرائيل بدأت تهدد بفتح جبهة قتال في العراق ضد قوى المقاومة التي توجه ضربات موجعة إلى جيش العدو.
وما يُعزّز انخراط الأمريكي في تفجير الأوضاع في سورية معلومات مؤكدة حول مشاركة قوات خاصة من أوكرانيا لفصائل المسلحين الإرهابيين في عملياتها ضد الجيش السوري!
وليس صحيحا التحليلات التي زعمت بأن سبب (الهجمة) التركية على سورية هي ردة فعل غاضبة على الرئيس الرئ الأسد لأنه لم يستجب لعقد لقاء مع أردوغان لتطبيع العلاقات بين البلدين، فالنظام التركي لم يتوقف عن الكذب والإحتيال لإخفاء مطامعه في سورية، وهولايزال يراهن على احتلال مدينة حلب، وهاهو يحاول فعلها مجددا بعد ساعات قليلة من وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان!
أكثر من ذلك، سبقت التهديدات الإسرائيلية لسورية، تهديدات تركية لدمشق بذريعة رفض الرئيس الأسد التحاور مع أنقرة قبل إعلان أردوغان عن قبوله ببرنامج زمني لجدولة نسحاب جيشه من الأراضي التي يحتلها في سورية!
السؤال: ما نتائج الحرب الأمريكية ـ الإسرائيلية ـ التركية ضد مواقع الجيش السوري في ريف حلب الغربي وفي ريف إدلب؟
لاشك إن أردوغان مارس الكذب مجددا على نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد اجتماعات أستانا الأخيرة، فهو أخلف بتنفيذ وعوده بتطبيع العلاقات مع دمشق بانتظار نتائج الحرب على حزب الله، ولم ينتظر طويلا، فبعد ساعات على وقف إطلاق النار في لبنان، شن من خلال أذرعه وفصائله الإرهابية حربا على مواقع الجيش السوري والهدف احتلال مدينة حلب، وربما غيرها من المناطق في سورية.
صحيح أن الإرهابيين تمكنوا في الساعات الأولى من السيطرة على مناطق عديدة محافظتي حلب وإدلب، لكن التصدي للعدوان الاردوغاني الإرهابي أتى سريعا من الجيش العربي السوري، والطيران الروسي، ونجح وكبّد الحليفان الإرهابيين أكثر من 400 قتيل على الأقل!
السؤال الذي يطرحه السوريون الآن: ماذا بعد اندلاع الحرب التركية الإرهابية ضد سورية تنفيذا للمخطط الأمريكي ـ الإسرائيلي؟
نتوقع مثل الكثير من المتابعين للمستجدات، إن استقدام الجيش السوري لتعزيزات كبيرة إلى مناطق القتال هو استعداد لوجستي لبدء عملية واسعة لتحرير سورية من الإرهابيين نهائيا، والقضاء على الوجود التركي فيها بالقوة بعدما فشلت الدبلوماسية الروسية بإقناع أردوغان بالإنسحاب سلميا من سورية.
وماجرى في الأيام الأخيرة ليس مناوشات أو عمليات محدودة ضد مواقع الجيش العربي السوري كما كان يحدث في السنوات الأخيرة، فالنظام التركي تعهد للأمريكي والإسرائيلي بالقضاء على الوجود الإيراني وبإضعاف الوجود الروسي من خلال احتلالات جديدة لمدن ومناطق في سورية، بدليل إن فصائل تركيا الإرهابية وبمشاركة فرقة أوكرانية خاصة تحت قيادة (هيئة تحرير الشام، أي جبهة النصرة ـ فرع تنظيم القاعدة السابق في سورية استخدمت في هجماتها أسلحة ثقيلة ومتوسطة وسيارات مفخخة وطائرات مسيرة حديثة معظمها فرنسي، وبعضها للإستطلاع وبعضها الآخر إنتحاري.
المسألة قطعا لن تنته باتفاق جديد لخفض التصعيد يعيد الأوضاع إلى ماكانت عليه، فالجيش السوري يستعد لتطوير عملية التصدي إلى عملية تحرير حلب وإدلب المنتظرة منذ أعوام، والدليل حجم التعزيزات العسكرية للجيش العربي السوري، والتي تشير التقارير أنها كبيرة جدا وتضم تشكيلات مختلفة قامت بشكل مبدئي بتعزيز تحصينات حلب، وستبدأ قريبا جدا بعملية معاكسة ستنهي حالة الجمود القائمة منذ عام 2020، بعد أن فشل الحليفان الروسي والإيران بإقناع التركي من سحب الإرهابيين وجيشه المحتل من حلب وإدلب.
أكثر من ذلك، ليس مستبعدا نشوب مواجهات عسكرية سورية ـ تركية مشابهة لتلك التي شهدها ريف إدلب منذ أربعة أعوام، وما يُؤشّر على ذلك مقتل أكثر من 400 إرهابي في يوم واحد، ماقد يضطر تركيا للتدخل مباشرة بتشجيع أمريكي ـ إسرائيلي!
ونشير هنا إلى امتعاض تركي من روسيا في لقاء أستانا في نسخته الـ 22 قبل نحو ثلاثة أسابيع عندما اتهمت موسكو أنقرة بأنها تمارس سلوكا احتلاليا من خلال رفضها الانسحاب من سورية.
الخلاصة: قالها الرئيس بشار الأسد منذ عدة سنوات بأن الجيش العربي السوري إذا قرر أن يدخل إلى منطقة سيدخلها حتما، وبالتالي إذا اتخذت القيادة قرارا بتحرير ريف حلب من الفصائل الإرهابية المدارة من تركيا فإن الجيش سيحرره حتما ولو تطلب الأمر استهداف القوات التركية في حال تدخلت لمؤازرة الفصائل الإرهابية كما حدث في إدلب عام 2020.
(موقع اخبار سورية الوطن-١)