آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » أرماجادون….(الجزء الأول)

أرماجادون….(الجزء الأول)

 

بقلم:باسل علي الخطيب

يوحي عنوان هذه المقالة بمضمونها، الكثير من اساطير الشعوب تتحدث عن معركة فاصلة ستحصل في نهاية الزمان بين قوى الشر و الخير….
أريد أن أشير إلى نقطة مهمة في هذا السياق، لا يجب أن نغفل دور الأساطير و المعتقدات في صنع الأحداث أو تحليلها أو فهمها….
تختلف النظرة إلى (أرماجادون) حسب الشعب و حسب العقيدة، و هذه المعركة لا تحمل ذات المسمى عند الكل، و بالتالي الكل يفصل هذا الأمر على قياس معتقده….
فكرة المعركة الفاصلة في نهاية الزمان كانت مؤثرة و طاغية على أفكار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة و تحديدا الصهيونية المسيحية، انعكس ذلك في كتاباتهم، و انعكس لاحقاً سياسات للولايات المتحدة الأمريكية على الأرض…. صموئيل هنتغتون في كتابه صراع الحضارات يشير إلى هذا الأمر، بل أنه يبني فكرة كتابه على هذه الفكرة، صموئيل هنتغتون يرى أن الصراع النهائي في العالم سيكون بين فريقين، الفريق الغربي تمثله اليهودية و البروتستانتية و الكاثوليكية و الأنجيليكانية اللوثرية ، الفريق الشرقي يمثله الإسلام و الأرثوذكسية و البوذية و الهندوسية….

لكل معتقد في العالم دولة رئيسية قائدة له تمثله، البروتستانتية بشقها الإنجيلي المتعصب و منه الصهيونية المسيحية تمثله الولايات المتحدة الأمريكية، الأنجيليكانية اللوثرية تمثلها بريطانيا، الكاثوليكية تمثلها فرنسا، اليهودية يمثلها الكيان الصهيوني، الأرثوذكسية تمثلها روسيا، البوذية الكونفوشيسية تمثلها الصين، الهندوسية تمثلها الهند، وحده المعتقد الإسلامي لا توجد له دولة رئيسية قائدة..

هناك ست دول يمكن أن تكون قائدة للعالم الإسلامي، إندونيسيا، باكستان، إيران، السعودية، تركيا، مصر، نستبعد إندونيسيا بسبب بعدها الجغرافي عن قلب العالم الإسلامي، نستبعد الباكستان رغم ثقلها السكاني و رغم أنها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي بسبب كثرة الاضطرابات الداخلية فيها، والخلافات المذهبية و عدم استقرار النظام السياسي، نستبعد إيران بسبب الاختلاف المذهبي رغم امتلاكها الإمكانات اللازمة لتكون قائدة للعالم الإسلامي، نستبعد مصر بسبب اقتصادها الهش و الاتكالي و التضخم السكاني الذي لا يتوازى مع النمو الاقتصادي الضعيف الذي يجعل مصر دائماً دولة تابعة لصناديق الإقراض العالمي و للمساعدات، نستبعد السعودية بسبب قلة عدد السكان و طبيعة النظام السياسي المتخلفة و عدم وجود قاعدة علمية و صناعية ذات قيمة….
كانت تركيا أكثر الدول الست المرشحة أو المؤهلة لقيادة العالم الإسلامي، تعداد سكاني كبير، اقتصاد جيد، نظام سياسي مستقر نسبياً، قاعدة صناعية و علمية، تقاليد عسكرية، جيش قوي….
سعت تركيا في بداية الألفية الجديدة لذلك، و اختارت الطريق الصحيح عبر بوابة دمشق، و صار لتركيا حظوة و سطوة على المستوى الإسلامي ككل لن تعرفها منذ أيام الساكنة العثمانية سيئة الذكر، وذلك لأنها تحالفت مع دمشق، الخطأ الأكبر الذي ارتكبه الأتراك في هذا السياق أنهم انخرطوا في قيادة ما سمي الربيع العربي و تحديداً عندما وصل إلى دمشق، و أرادوا تطويع سوريا قسراً و من ثم بقية العالم الإسلامي عبر أداتهم الإخوان المسلمين، وقد فشلوا،.و هذا ما جعل إمكانية أن تكون تركيا قائدة للعالم الإسلامي مستحيلة بالمطلق…..

لا أرى عنواناً للصراع حالياً على مستوى العالم إلا أنه صراع بين منظومات أخلاقية مختلفة، هذا هو المستوى الأعلى للصراع، و ما يظهر من هذا الصراع على السطح من أشكال اقتصادية و سياسية و عسكرية ليس إلا المستويات الدنيا للصراع الأساسي، فكل الصراعات التي عرفتها البشرية منذ بدايتها حتى تاريخه كانت صراعات بين منظومات أخلاقية بالدرجة الأولى، يقودها وعي إنساني من جهة و وعي شيطاني من جهة أخرى، و ليس كل ما حصل و يحصل على مستوى العالم منذ لحظة وجود الإنسان على هذه الأرض حتى تاريخه إلا تجليات لهذا الصراع….
ولأن الساحة الدينية هي الساحة الأفضل لتجييش الأتباع، و دفع الصراع -أي صراع- إلى حدوده القصوى، إلى حدود الخيارات الوجودية تم استغلال هذا الجانب في مختلف الصراعات التي عرفها العالم، و هذا ليس ناتجاً من فراغ، فالأسس الثقافية و الفكرية لكل فريق هنا أو هناك يلخصها معتقده، و هذه الأسس الثقافية و الفكرية هي من بنت المنظومات الأخلاقية المختلفة أحياناً و المتحالفة بعض الأحيان لكل المعتقدات، و ظهور الصراعات بشكلها الاقتصادي و العسكري ليس إلا إسقاطات و تجليات للأساس الصلب لها، ألا و هو صراع المنظومات الأخلاقية….

هذا البحث سيكون على حلقات و هذه الحلقة الأولى، ليست إلا توطئة لما سيلي لاحقاً، و في الحلقات القادمة سنتحدث إن شاء الله عن كل ما يجري في العالم، بما فيها و تحديداً الحرب الحالية التي تجري على ارض فلسطين المحتلة….
يتبع
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...