ميساء السليمان:
باتت الأسواق منذ أشهرتشهد موجات متتالية من ارتفاع أسعارالمواد الغذائية والسلع الأساسية، الأمرالذي جعل تأمين الاحتياجات اليومية تحدياً حقيقياً أمام معظم الأسر، ورغم الإجراءات الحكومية لضبط الأسواق وتشديد الرقابة على المخالفات، إلا أن حالة الغلاء ما زالت تضغط على معيشة المواطن بشكل مباشر.
شهادات من الواقع
المواطنون الذين تحدثت إليهم “الثورة” عبّروا عن استيائهم من صعوبة تأمين احتياجاتهم اليومية..
أحمد السالم، موظف حكومي، يقول: راتبي لا يكفي أكثر من أسبوع، وكل يوم نلاحظ أن الأسعارارتفعت من جديد،
حتى الخضار التي كانت في متناول الجميع أصبحت تُحسب من الكماليات.
أما رنا المصري، ربة منزل من دمشق، توضح أن أسرتها اضطرت لتغيير عاداتها الغذائية: لم نعد نفكر بشراء اللحوم أو الفواكه، نعتمد على البرغل والخبز وبعض الخضار، الأولوية اليوم لتأمين ما يسد الجوع فقط.
تراجع “المؤونة”
وتظهر ملامح الأزمة بشكل أوضح في غياب عادة المونة التي كانت ركيزة أساسية في كل بيت سوري مع قدوم فصل الشتاء.. براءة محمد، وهي ربة منزل من ريف دمشق، تقول: كنا نحرص كل عام على تخزين الزيتون والمكدوس والمربيات، لكن أسعار الزيت والفليفلة والجوز باتت مرتفعة جداً بالكاد نؤمن احتياجات الطبخ اليومية..
هذا التراجع في تحضير المونة يعكس حجم الضغوط الاقتصادية على الأسر، ويمثل فقداناً لواحدة من العادات الاجتماعية التي ارتبطت بالذاكرة السورية لعقود.
وترتبط موجة الغلاء بعدة عوامل متشابكة، فبعض التجار يعزونها إلى ارتفاع تكاليف النقل وأسعار المحروقات وتذبذب سعر الصرف، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع.
كما ساهمت موجة الحرالأخيرة في تفاقم الوضع، إذ تسببت في تراجع كبير في واردات الخضار والفواكه إلى سوق الهال في العاصمة دمشق بنسبة تقدَّر بنحو 25 بالمئة، ووفقاً لمصادر في السوق، فإن ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الماضية أثّر على عمليات القطاف في المحافظات المنتجة، إذ واجه المزارعون صعوبات في العمل تحت أشعة الشمس، ما أدى إلى انخفاض الكميات المطروحة وارتفاع الأسعار بنسبة تقارب 10 بالمئة، ومع ذلك، يرجح أن تعود الأسعار إلى الاستقرار مع اعتدال الطقس وتحسن حجم المعروض.
في المقابل، يشير مواطنون إلى أن الأسواق بحاجة إلى رقابة أكبر لضبط حالات الاحتكار ومنع التلاعب بالأسعار، وهو ما يضاعف من آثار الظروف الطبيعية والاقتصادية معاً.
انعكاسات اجتماعية
ولم تقتصر تداعيات الأزمة على المائدة السورية فحسب، بل امتدت إلى العادات الاجتماعية، كثير من الأسر قلّصت من الولائم واللقاءات العائلية بسبب غلاء مستلزمات الضيافة، كما أصبح من الصعب على العديد من العائلات تحمل تكاليف المناسبات الكبيرة.
ورغم ذلك، يحاول السوريون التأقلم مع الواقع من خلال البحث عن بدائل أقل تكلفة، مثل الاعتماد على وجبات بسيطة، أو مشاركة بعض العائلات في شراء المواد بالجملة لتقليل النفقات، وتبقى المطالب الأساسية للمواطن واضحة: تثبيت الأسعار، تعزيز الرقابة على الأسواق، وتأمين حد أدنى من القدرة الشرائية يضمن الاستقرار المعيشي.
بين التحديات والتطلعات.. يبقى أمل السوريين معقوداً على خطوات عملية تضمن استقرار الأسواق وتعيد بعضاً من التوازن إلى حياتهم اليومية.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة