شهدت أسعار المواشي في درعا انخفاضاً تدريجياً ملحوظاً على مدى عدة أشهر سابقة، فبعد أن كان كيلو الخروف واقفاً بداية العام الجاري ما بين ٧٥ إلى ٨٠ ألف ليرة تراجع تباعاً، حتى أصبح مؤخراً بين ٥٧ و٦٠ ألف ليرة حسب الوزن، إذ إنه كلما ارتفع الوزن انخفض السعر، أما العجل فقد انخفض من نحو ٧٠ ألف ليرة للكيلو حي إلى نحو ٤٧ ألفاً.
ويعيد متابعون ذلك الانخفاض إلى عدة عوامل متنوعة، لكن المستغرب أن هذا الانخفاض لم ينعكس على أسعار اللحوم الحمراء من الغنم والبقر عند القصابين بشكل متناسب، كما أن كلاً منهم يبيع على هواه، وتوجد فوارق ليست بقليلة بين أسعارهم من مدينة أو بلدة إلى أخرى.
مربون : المعروض كبير والطلب ضعيف.. والانصياع للبيع يأتي تحت ضغط تغطية نفقات التربية
طلب قليل
عدد من مربي الثروة الحيوانية أشاروا إلى أن هناك نمواً جيداً في عدد قطيع الثروة الحيوانية بعد تحسن ظروف التربية وحالة الاستقرار السائدة، لكن المشكلة في أن المعروض كبير قياساً بالطلب المنخفض، وذلك ما أرخى بظلاله الثقيلة على الأسعار، حيث تراجعت بنحو الثلث. وأمام ضغط تلبية مستلزمات التربية فإنهم -أي المربين- يضطرون للبيع مهما كان السعر، وإن كانت الجدوى محدودة، وهم يؤكدون أنه في حال توافرت المراعي الطبيعية وكانت أسعار نواتج الحصاد مقبولة، فإن انخفاض الأسعار بشكل يتناسب مع انخفاض تكاليف التربية لن يؤثر سلباً عليهم.
أسعار اللحوم متفاوتة
بالنظر إلى أسعار لحم العجل، يلاحظ أنها في بعض بلدات ريف المحافظة بحدود ١٠٠ إلى ١١٠ آلاف ليرة للكيلو بعد أن كان قبل نحو ثلاثة أشهر ١٧٥ ألفاً وما فوق، ويلاحظ أن بعض القصابين يعلنون على صفحات الفيس عروضهم معززة بصور توثق لمصداقية اللحم المعروض لديهم، لكن في مركز مدينة درعا قد يباع الكيلو “هبرة” بقيمة من ١٢٠ إلى ١٣٠ ألفاً، وإن انخفض سعرها قليلاً، فستكون نسبة الدهن فيها عالية.
الأسعار تسن بمزاج القصابين وتتفاوت بين بلدة وأخرى، فيما معادلتها لدى دائرة الأسعار حبر على ورق
لكن المثير للشك أن بعض القصابين يعلنون على واجهات محالهم عن سعر كيلو لحم البقر بقيمة ٦٥ ألفاً، ويرجح متابعون أنها لحم جاموس مع (جلاميط) حيث تباع مفرومة وليست قطعاً، وحال الأسعار بالنسبة للغنم أيضاً انخفض من ٢٢٥ -٢٥٠ ألفاً للكيلو “هبرة” إلى ١٥٠ ألفاً في الأرياف، وإلى نحو ١٧٥ و١٩٠ في مدينة درعا، وهناك محال في الأحياء التي تقع على أطراف هذه المدينة تبيع كما الأرياف.
الفقير لا تعنيه
لم يلقَ الانخفاض لدى المستهلكين من ضعيفي الدخل أي اهتمام، فالسعر حتى مع الانخفاض الذي حدث لا يزال بالنسبة لهم غير محتمل ولن يعيد اللحم الأحمر إلى لائحة أولويات موائدهم، التي باتت تقتصر كما هو معلوم للجميع على الضروريات جداً، وإن تجرأ البعض كل شهر على شراء كمية منه، فهي لن تتعدى ٢٠٠ غرام ، وقد تكون اللحوم الرخيصة بسعر ٦٥ ألفاً للكيلو خياراً أوحد عند الضرورة القصوى بالرغم من الشك بجودتها، وهنا يبرز عامل ضعف القوة الشرائية كأحد أسباب تراجع أسعار الخراف والعجول.
الفقراء لا يعنيهم الانخفاض، فمهما بلغ السعر يبقى خارج قدرتهم على التحمل
أسباب الانخفاض
عن عوامل انخفاض أسعار اللحوم الحمراء، ذكر مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش أنها تعود لأسباب عدة، أهمها وجود البديل وهو اللحوم البيضاء، ولاسيما الفروج بعد انخفاض أسعاره نتيجة لزيادة العرض وازدياد عدد المداجن العاملة بعد تقديم الدعم لها. أيضاً قلة الطلب على اللحوم الحمراء بسبب ارتفاع أسعارها من العوامل الأساسية، ما نتح عنه زيادة في العرض وقلة في الطلب، وأدى إلى انخفاض بسيط في أسعارها، علماً أن هناك بشكل عام تحسناً بنمو قطيع الثروة الحيوانية على مستوى المحافظة، نتيجة تحسن الظروف وتوفر المراعي الطبيعية في موسم الربيع وكذلك في موسم الحصاد.
القطيع بالأرقام
مدير الزراعة، أشار إلى أن قطيع الأبقار على مستوى المحافظة يبلغ ٤١٦٣٥ رأساً، يصل إنتاجها السنوي من اللحم إلى ٢٢٦٦ طناً، ويقدر إنتاجها من الحليب بكمية ٥١١٣٠ طناً، أما عدد قطيع الأغنام فيبلغ ٨١٧٤٠٧ رؤوس، يصل إنتاجها السنوي من اللحم إلى ٧٨١٨ طناً ومن الحليب إلى ٢٦٠١٨ طناً، ولجهة قطيع الماعز،فيبلغ عدده ١٢٧٦٨ رأساً ، إنتاجها السنوي من اللحم ٧٢٢ طناً ومن الحليب ٤١٦٤ طناً.
حالة القطعان جيدة
رئيس دائرة الصحة الحيوانية الدكتور محمد الجوابرة أوضح أن الحالة الصحية العامة لقطعان الأغنام والماعز والأبقار الحلوب والعجول اللاحمة جيدة على مستوى المحافظة، ولا توجد أي أعراض لأمراض سارية أو معدية، والكوادر البيطرية في مديرية الزراعة والوحدات الإرشادية تتابع حالة تلك القطعان ومستعدة لتقديم المشورة وإجراء الكشف الحسي في بعض الحالات التي تحتاج ذلك.
لحوم تباع بسعر بخس والشكوك بجودتها ومصدرها لا تجد من يبددها
التحصين متواصل
ولفت الجوابرة إلى أنه تم تنفيذ عدة حملات تحصين للقطعان، وحالياً يتواصل العمل لاستكمال تنفيذ خطة اللقاحات بشكل كامل مع نهاية العام، حيث تم قبل يومين استدراك ما يلزم من اللقاحات من الوزارة وهي متوفرة بشكل كبير، وتم التواصل مع المراكز البيطرية والوحدات الإرشادية لاستلام بقية اللقاحات واستكمال التحصين، وبذلك يكون القطيع مُمنّع بشكل جيد ما يجنبه التعرض لأي هزة وخاصة أننا مقبلون على فصل الشتاء، وكذلك الأمر بمجال الدواجن فحالها جيدة ولا مشكلات صحية على صعيدها، علماً أنه في حال الشك بوجود خلل ما تقوم كوادر الصحة الحيوانية كما ذكر آنفاً بالكشف الميداني وأخذ عينات ليصار إلى تحليلها في المخابر المركزية التابعة للصحة الحيوانية بدمشق أو مخابر دائرتها في درعا.
تفعيل الرقابة
تجدر الإشارة إلى أن انخفاض أسعار المواشي حية (واقفة كما يطلق عليها) من خراف وعجول، كان من المفروض أن ينعكس بنفس النسبة على لحومها عند القصابة، لكن على ما يبدو أن ضعف الرقابة أو غيابها التام هو العامل الأهم في تمادي أولئك القصابين بوضع الأسعار على هواهم، علماً أن لدى دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية معادلة يتم على أساسها تحديد أسعار اللحوم بالقياس إلى سعر الكيلو من المواشي حية، لكنها لا شك ستبقى حبراً على ورق إذا لم يتم إلزام القصابين بها، والمهم أيضاً أن تعمل الجهات الرقابية على تحري نوع اللحوم المعروضة ومصدرها وصلاحيتها للاستهلاك البشري، وتنظيم الضبوط الرادعة في حال مخالفتها، مع ضرورة منع المحال من بيع اللحوم مفرومة مسبقاً، لأن الزبون في هذه الحالة لن يستطيع تمييز نوعها وجودتها.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين