زياد غصن
خلال مشاركتي مؤخراً في المؤتمر الإقليمي للتغير المناخي، والذي نظمه قسم الجغرافيا في جامعة حلب، أخبرتني رئيسة القسم الدكتورة رؤى ناشد أنها أجرت بحثاً لقياس راحة الإنسان في سورية من الناحية المناخية، وتبين معها أن أكثر الأشهر إزعاجاً للمواطن السوري من الناحية المناخية هي أشهر فصل الشتاء، أما الأشهر الأكثر تحقيقاً للراحة التامة فقد تمثلت في شهري أيار وتشرين الأول.
سألت نفسي، وأنا استمع إلى شرح الدكتورة رؤى عن بحثها الشيق: وماذا لو جرى قياس راحة المواطن من حيث السياسات والقرارات الحكومية؟
دون أدننى شك، فإن جميع أشهر العام ستصنف ضمن خانة الأشهر الأكثر ازعاجاً للمواطن السوري، ولن يكون هناك شهر واحد مريح، إذ لا يكاد يمر شهر واحد من دون قيام الحكومة برفع أسعار بعض السلع والخدمات، والتسبب تالياً بزيادة معدلات التضخم والغلاء في الأسواق المحلية إلى مستويات جديدة غير معتادة سابقاً.
وعليه فإن ما ستقدمه لنا أي دراسة بهذا الخصوص لن يكون أكثر من ترتيب الأشهر تبعاً لدرجة إزعاجها.
قد يجد البعض في هذا الكلام تحاملاً على الحكومة أو مبالغة في تقدير أثر السياسات والإجراءات الحكومية على راحة المواطن، وهذا ما يدفعنا إلى مقاربة الأمر من زاوية أخرى…
هل فكرت الحكومة يوماً في قياس أثر سياساتها وإجراءاتها على راحة المواطنين؟
وهل خطر ببالها أن تبدي قليلاً من الاهتمام لجهة اختيار توقيت مناسب لإصدار بعض قراراتها ومشروعاتها بحيث تأتي في وقت يكون أقل إزعاجاً بالنسبة للمواطنين؟
عندما سألت رئيسة قسم الجغرافيا إن كانت هناك جهة حكومية أو خاصة حاولت الاتصال بها بغية الاستفادة من مخرجات البحث المنشور في إحدى المجلات الجامعية، كانت إجابتها بالنفي.
وهذا ليس مستغرباً في ضوء طريقة التفكير القائمة على التعامل مع المواطن على أنه فاقد للأهلية لا يعرف مصلحته جيداً من جهة، وعلى الإهمال الحكومي المتعمد في قياس مدى رضا المواطن عن السياسات والإجراءات المتبعة من جهة أخرى.
وكي لا أطيل عليكم، فإنني اقترح على الحكومة الرشيدة إما أن تجمع قراراتها وتصدرها في الأشهر الأكثر ازعاجاً وتبقي لنا شهري أيار وتشرين الأول كمتنفس وحيد، أو تفعل العكس وتصدر ما تريده خلال شهري الراحة على أن تقلل من درجة إزعاجها لنا في باقي الأشهر، إذ يكفينا إزعاج درجات الحرارة والرطوبة.
(سيرياهوم نيوز ٣-شام اف ام)