بقلم معد عيسى:
اخترقت الصيحات المطالبة بمنع التمدد العمراني على الأراضي الزراعية قاعات قصر المؤتمرات خلال انعقاد فعاليات المؤتمر الزراعي الأول ولا شك هي صيحات حق، ولكن أيضاً خلال انعقاد ملتقيات الاستثمار كانت الصيحات أعلى مطالبة بمنح مزيد من التسهيلات لمنح التراخيص على الأراضي الزراعية وذهبت الأصوات لأبعد من ذلك لاتهام القائمين على الأمر بعرقلة الاستثمار وسيكون الأمر مشابهاً في مواضيع أخرى، أي إننا نركب موجة الأمر القائم ونرفع سقف الاتهامات وننسى كل الأمور الأخرى.
قوانين الدولة قوية متماسكة وهناك مؤاءمة بين جميع القطاعات، بمعنى أن قانون تصنيف التربة يضبط عمليات التراخيص على الأراضي، وهناك أيضاً قوانين للإدارة المحلية تضمن الشروط الصحية والبيئية وتمنع التشويه العمراني والبصري وتضمن وصول الخدمات وطريقة تقديمها، وكذلك الأمر هناك قوانين لحماية التراث والآثار وغير ذلك من تاريخ البلاد.
وعليه عندما تتشدد مثلاً وزارة الزراعة في تطبيق قوانينها فإنها لا تكون معرقلة، وكذلك الأمر عندما تتشدد وزارة الإدارة المحلية في تطبيق نظام ضابطة البناء ومنح التراخيص الإدارية ومراعاة الشروط البيئية فإنها كذلك تقوم بذلك من باب الحرص وليس من باب العرقلة.
هناك مؤاءمة بين القوانين ولذلك عندما تطرح أي جهة مشروعاً فعليها أن تعمل ضمن هذه القوانين وعندما لا تحقق الشروط فالمشكلة فيها وليست عند الجهات المعنية وبالتالي ليس لها الحق في كيل الاتهامات يمنة ويسرة وإنما عليها أن تتقيد بالشروط.
للحدّ من هذا الاحتكاك تم إحداث مناطق خاصة وبشروط وقوانين مختلفة عن غيرها من المناطق الأخرى ومن أراد العمل فعليه الذهاب إليها مثل المناطق والمدن الصناعية التي تمنح المزايا الخاصة والخدمات الأفضل.
كثيرون ممن طالبوا اليوم بالتشدد في حماية الأراضي الزراعية كانو قد اتهموا القائمين على القطاع الزراعي بعرقلة مسيرة الاستثمار ومنع قيام الاستثمارات، بالمطلق الأمر ليس منابر ولكل مقام مقال، الأمر مرتبط بمشهد كلي محكوم بقوانين شاملة، الاستثناء فيها مخالفة وخرق.
المخططات التنظيمية للمدن والقرى والبلدات من المفترض أن تكون شاملة لتقديم كل الخدمات الصناعية والترفيهية والاستثمارية والبيئية ولكن ضعف الدارسين وتغليب الشخصنة أحدث اختلالات كبيرة وتشوهات يصعب اليوم مع تراكم السنوات تصحيحها وما تقوم به اللجان الإقليمية اليوم يسير بالمنحى نفسه، مصالح وكيديات ومدد مفتوحة أوقفت كل شي، الخدمات والاستثمارات وتحسين الواقع العام.
عمل اللجان يجب أن يكون محدداً بزمن وغير مفتوح، والأنكى من كل ذلك أن هذه اللجان تخضع إدارياً لوزارة الأشغال العامة فيما عملها كامل في إطار الإدارة المحلية وهذا أضر كثيراً وزاد من تردي الوضع وحول النقمة على وزارة الإدارة المحلية فيما المعني وزارة الأشغال وهذا خلل كبير في التبعية والإدارة ولن تستقيم الأمور ما لم تتم معالجة المرجعية.