بقلم:علي عبود
ليست مصادفة على الإطلاق أن تنخفض أسعار الموز “دراماتيكياً” من 12 ألف ليرة إلى مستوى 1200 – 2000 ليرة بالتوازي مع تدفق الحمضيات إلى الأسواق!
وبشّرتنا وزارة التجارة بانخفاض السعر إلى 800 ليرة، ليصبح الموز منافساً ليس للحمضيات فقط وإنما للتفاح السوري أيضاً. والسؤال: ما الذي طرأ لكي تنخفض أسعار الموز بنسب كبيرة سوى البدء بتسويق الحمضيات؟ ألا يجب أن تسأل وزارة التجارة الخارجية المستوردين عن أسباب ارتفاع الموز الجنوني في الأشهر السابقة وقيامهم بخفضه بما لا يقلّ عن عشرة أضعاف؟.
الفارق بين سعر الأمس واليوم يكشف تقصير وزارة التجارة بتحديد الكلفة الحقيقيّة للموز المستورد، فالمؤكد أن المستورد لا يزال يربح ولن يخسر أبداً!.
إن من يحتكر استيراد الموز منذ عقود يتلاعب بالتسعيرة من خلال التحكّم بالعرض، ولعدم وجود منافس فعليّ له باستثناء الفترة القصيرة التي يتمّ خلالها طرح الموز اللبناني في الأسواق. ونشير هنا إلى أنها ليست مصادفة أيضاً أن يصدر قرار باستيراد الموز اللبناني المنافس بالسعر للتفاح وللحمضيات السورية!.
نستنتج بسهولة أن وزارة الاقتصاد غير معنية بحماية المنتج الزراعي السوري، وهي تكرّر في كل عام فعلتها، أي توافق على استيراد الموز في عزّ موسم التفاح والحمضيات. ولم يفرح منتجو الحمضيات كثيراً بتحسّن الأسعار هذا الموسم، ولم تصح توقعاتهم بإمكانية تعويض خسائر المواسم السابقة، فأعداء المنتج المحلي كانوا كعادتهم دائماً بالمرصاد. والسؤال هنا: هل وزارة الاقتصاد مرغمة على السماح باستيراد الموز لمصلحة محتكر واحد أو أكثر؟.
ما من حكومة في العالم لا تحمي منتجاتها الزراعية، سواء بفرض رسوم مرتفعة على مثيلاتها المستوردة، أو بمنع استيرادها في ذروة مواسمها باستثناء وزارة الاقتصاد عندنا.. فلماذا؟.
لو كان منتجو الحمضيات يعوّلون على تصريف إنتاجهم محلياً لما كانت هناك مشكلة باستيراد الموز، ولكنهم يعرفون جيداً أن عرض الحمضيات أكبر بكثير من الطلب. وزيادة العرض ليس سببها وفرة الإنتاج وإنما ضعف الإقبال عليها من ملايين الأسر السورية التي بالكاد يكفيها دخلها لشراء احتياجاتها الأساسية.
وها هو وزير الزراعة يتوقع انخفاضاً حاداً في الاستهلاك المحلي للحمضيات من 650 ألف طن إلى 500 ألف طن “لأن الناس ليسوا قادرين على استهلاك الحمضيات بشكل كبير، لأن هناك أولويات”. والسؤال: ماذا سيفعل المنتجون بباقي الكمية التي لا تقلّ أيضاً عن 500 ألف طن؟.
بما أن المقتدرين مالياً لديهم سلعة منافسة للحمضيات، فإن الخيار لن يكون لمصلحة المنتج المحلي. أما التصدير فهو آخر اهتمامات التّجار، فهم لم يبذلوا جهوداً فعلية لفتح أسواق مع الدول الصديقة التي أعربت عن استعدادها بل وترحيبها في عدة مناسبات بشراء الحمضيات السورية.
التّجار يريدون تصدير سلع جاهزة وسريعة لا تحتاج إلى مستلزمات فنية يرونها مكلفة كالحمضيات، وبدورها لم تقدّم وزارة الاقتصاد محفزات مغرية للتصدير، وهذا يعيدنا إلى البدايات، أي إلى وجود جهات معادية للمنتج المحلي.
وبالمحصلة المزارع يدفع الثمن، وهو ثمن يحرص أعداء المنتج المحلي أن يكون باهظاً جداً!.
(سيرياهوم نيوز-البعث10-11-2020)