آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » أعراسٌ بلا عريس.. كيف غيّرت الحرب عادات زواج السوريين؟

أعراسٌ بلا عريس.. كيف غيّرت الحرب عادات زواج السوريين؟

| سارة سلوم

فرضت الحرب في سوريا، انتشار نوعٍ جديد من حفلات الزفاف، عرس بلا عريس! إذ إنه من غير المستغرب اليوم، حضور أفراحٍ تجتمع فيها العروس والمدعوين من العائلة والأصدقاء في صالةٍ ما، وينضمّ العريس لهم لاحقاً، لكن بمكالمة فيديو من حيث يقيم في الخارج.

وتستعد العرائس بعد الحفل، للدخول في مرحلة انتظار غير محدودة المدة، قبل أن تستطعن اللحاق بأزواجهن.

الواقع هو الحكم

أواخر الصيف الماضي، احتفلت يارا بزفافها بين أهلها وأصدقائها في حلب، كان كل شيء كما حلمت به تماماً، بفارق واحد هو عدم وجود العريس إلى جانبها.

تشرح الشابة العشرينية ضاحكةً، ما حدث في ليلة عمرها للميادين نت، وتقول: “أصرّت والدة زوجي على أن يحضر ابنها العرس بأي طريقة، فقامت ببدء مكالمة معه عبر تطبيق سكايب، ووضعت الهاتف المحمول على الكرسي المخصص للعريس إلى جانبي”.

لكن المكالمة لم تجر كما يجب، بسبب بطء الانترنت في سوريا، وصعوبات تقنية أخرى خلفتها الحرب، فكان “صوت زوجي يتقطّع أحياناً، أو تجمد صورته، ثم ينقطع الاتصال نهائياً، ليتعالى صوت حماتي مناديةً المسؤول عن الانترنت في الصالة”، تقول يارا.

تصف المهندسة المعمارية، التي انتظرت ثلاث سنوات كي تتم الموافقة على “لم شملها” مع زوجها، تجربة الزواج عن بعد، بأنها “محفوفة بالمخاطر”، لكنها لم تندم أبداً لأنها وجدت زوجها عيسى “أفضل بكثير على أرض الواقع”.

يعلق الشاب الثلاثيني على حديث زوجته قائلاً: “كوّنت صورة جميلة عن يارا من خلال محادثاتي معها عبر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، ووجدت أن بيننا قواسم مشتركة، يمكن أن تكون منطلقاً لبناء حياة زوجية ناجحة، وكانت الحياة المشتركة في الواقع هي الحكم والفيصل”.

اكتشفتُ أن لديه ابنة غير شرعية!

تواجه العروس تحدّيات كثيرة حتى تصل إلى البلد الذي يستقر فيه الزوج، الذي لم تره من قبل سوى عبر الإنترنت، متسلحةً بوعوده بحياة وردية، وبداية جديدة ومختلفة، لكن النهايات ليست سعيدة دائماً.

فبينما تنجح بعض هذه الزيجات، يفشل بعضها الآخر، لأسباب تتعلق “بعدم التفاهم”، أو “الغش والخداع”، كما حدث مع لين ذات الـ21 عاماً، قائلة للميادين نت: “تعرفت إليه من خلال صديقتي، فهو خالها، وأعجب بي كما قال من خلال صوري معها وتعليقاتي في فيسبوك، هو يقيم في هولندا، وبحكم أنني وعائلتي لا نعرف أحداً في الخارج، لم نستطع السؤال عنه، لكن أقاربه وعائلته أجمعوا على أنه شخص خلوق وجيد”.

تصف لين مراحل ما قبل الزواج من تعارف وخطوبة، بأنها كانت أجمل ما عاشته على الإطلاق، “لأننا كنا متفقين ومتفاهمين للغاية وكان كريماً معي في كل شيء”، لكن “كل شيء انهار في لحظة”، بحسب تعبير العروس، التي اكتشفت أنه على علاقة بفتاة أجنبية ولديه منها ابنة غير شرعية.

لم يكن هذا كل شيء، فالصدمة الكبرى بالنسبة للشابة العشرينية، حين طلب منها أهلها الاستمرار معه وكأن شيئاً لم يكن، وتتابع لين:
“اتضح فيما بعد، أن أهله أيضاً لم يكونوا على علم بذلك، لكنني لست مضطرة أن أمشي في طريق بدأ بالكذب والخداع، لذلك طلبت الطلاق، وما زلت أتعلّم اللغة الهولندية، كي أستطيع إكمال دراستي التي تركتها من أجله في سوريا”.

لا أُزوّج ابني بأجنبية

تملك أم محمد محلاً صغيراً للألبسة النسائية في سوق العنابة باللاذقية، تتواجد للعمل فيه بالفترة الصباحية، بينما يتولّى ابنها الأصغر المهمة في ساعات المساء.

تسعى السيدة الخمسينية لإيجاد عروس لابنها الأخير، قبل أن يلحق بأخوته الاثنين، الذين سبقاه في رحلة اللجوء إلى ألمانيا، وتقول للميادين نت: “عدد كبير من شبان البلاد أصبحوا في الخارج، وغالبية من بقي هنا لا قدرة لهم على الزواج في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وغلاء كل شيء، وهذه أسباب رئيسية جعلت الأسر ترغب في تزويج بناتها لسوريين في الخارج، حيث يجري التعارف والخطوبة والزواج عبر الإنترنت، الأمر الذي كان غير مقبول في السابق، إلا أنه اليوم صار مألوفاً لا بل مرغوباً أكثر”.

زوجت أم محمد ابنها الأكبر لفتاة كانت تساعدها في العمل ببيع الألبسة، أما الأوسط فاختارت له فتاة أعجبتها في إحدى حفلات الزفاف التي حضرتها، وتشرح: “تجري الأمور حالياً بأن يتم الاختيار من الأقارب، والجيران، أو المعارف، حتى أن بعض الأمهات يقمن بالبحث عن عروس مناسبة بمواصفات معينة عبر مواقع التواصل، وعندما يقع الاختيار على واحدة، تزور الأم منزل الفتاة، وتطلب صورتها لإرسالها للشاب المغترب، فإن أعجبته يتم التواصل الذي قد يتكلل بالزواج أو لا يكتمل”.

رفضت ابنة حي العوينة، أن يتزوج أبناؤها بأجنبيات، فهن “بعيدات كل البعد عن نهجنا وثقافتنا وعاداتنا ولا أود لأحفادي أن تربيهنّ أمّ غريبة”، على حد تعبيرها.

تؤكد السيدة التي تشارف على عمر الستين، أنها كانت تتمنى أن يحظى ابنيها بعرس اعتيادي، يكونان متواجدين فيه جسدياً، لا أن يحضراه “بالبجامة” عبر سكايب، وتتابع: “شعرت بالغرابة الشديدة حين جلستُ مكان ابني الأول في سيارة العرس، إلى جانب عروسه، لكنني اعتدت”.

عروسات على قيد الانتظار

“لم يتغير شيء في حياتي، سوى أنني لبست المحبس باليد اليسرى”، بهذه الكلمات تصف حلا الوقت الذي تمضيه، بانتظار أن تأتي موافقة لم الشمل.

أقامت الشابة العشرينية حفل زفافها العام الماضي، على شاب يسكن في ألمانيا، كانت تعرفت إليه عبر فيسبوك، بناء على اقتراح زوجة خالها، وتقول للميادين نت: “لم أكن أرغب بتنظيم الحفل قبل أن تأتي موافقة لم الشمل رسمياً، لكنني غامرت في النهاية، بناءً على طلب والديّ وزوجي وأهله، لرغبتهم في رؤيتي بالثوب الأبيض، كون ذلك سيدخل البهجة والفرح إلى قلوبهم”.

تشعر خريجة كلية الصيدلة في جامعة دمشق، “بضياع سنوات العمر الأحلى”، والتعب من الانتظار، والمحاولات التي لم تتكلل بالنجاح حتى الآن ، وتضيف: “إنهم يطلبون صوراً تثبت خطوبتنا وزواجنا، أو أي صور عادية لنا معاً، لتسريع الإجراءات، ولكننا لم نستطع إثبات ذلك، فكل المراحل التي مررنا بها كانت جميعها عبر الإنترنت، فنحن لم نعرف بعضنا من قبل، ولا صور تجمعنا”.

50% نسبة الزواج عبر الوكالات

تعكس الأرقام التي توثّقها المحاكم الشرعية السورية، تعاظم أعداد “المتزوجين عبر الانترنت”، الذي يُعدّ صحيحاً شرعاً “باعتبار أن الفقهاء أجازوا زواج المراسلة”، كما يقول القاضي الشرعي الأول في دمشق سابقاً محمود المعراوي.

ويُعرَف هذا الزواج بأن يرسل الراغب في الزواج رسالة إلى الفتاة، أو والدها، يطلب فيها الزواج، ثم تقرأ الرسالة مباشرة وتجيب الفتاة، أو يجيب والدها بالقبول.

وحسب القاضي المعراوي، فإن نسبة عقود الزواج خارج سوريا، التي تتم عبر الوكالات، وصلت إلى 50% من مجمل العقود التي تعقد في المحكمة الشرعية، بعدد يومي يبلغ نحو 60 عقداً.

من ناحية أخرى، كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية السورية في آخر إحصائيةٍ لها، أن هناك أكثر من 3 ملايين فتاة عازبة فوق سنّ الثلاثين عاماً في البلاد.

وذكرت الوزارة، أن نسب “العنوسة” في سوريا باتت قرب الـ70%، وفقاً لما أسمته “المعايير الاجتماعية المحلية”.

 

سيرياهوم نيوز3 – الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حكاية مغترب سوري في كندا  عن علاقة المغترب بوطنه الأم

  سعاد سليمان   علاقة المغترب بالوطن الأم – حكاية مغترب سوري في كندا : عنوان المحاضرة التي ألقاها الدكتور جميل بدران المغترب الذي يعيش ...