هل خطر لك يوماً أن تتجولين بين جدران تروي أساطير مضت عليها آلاف السنين، أو أن تلمحي في زوايا مقبرة فرعونية صندلاً ملكياً أو قطعة قماش شفافة تغطي ذراع ملكة، فتشعرين أن الماضي ما زال يتنفس بيننا؟ في مدينة الأقصر، موطن وادي الملوك وملوك طيبة، يتحول التاريخ إلى تجربة حية تداعب الحواس وتدهش الخيال.
ضفتان… ورحلة متكاملة
تنقسم الأقصر إلى ضفتين يفصل بينهما نهر النيل:
الضفة الشرقية: حيث المعابد المهيبة والحياة النابضة والمرافق السياحية.
الضفة الغربية: واحة هادئة تحتضن المقابر الملكية التي خلدت ملوك الدولة الحديثة.
زيارة كلا الضفتين تمنحك لوحة متكاملة لتاريخ المدينة وروحها، خاصة عندما تخطين داخل مقابر طيبة المزينة برسوم ورموز تحكي رحلة الفراعنة إلى الحياة الأخرى. هنا، وسط هدوء الصحراء، يختلط سحر الأساطير بالتفاصيل الصغيرة التي تذكرك بأن هؤلاء الملوك كانوا بشراً، لهم حياة يومية وأشياء شخصية بقيت شاهدة على عصرهم.
التحليق فوق التاريخ
مع أول خيوط الفجر، تتزين سماء الأقصر ببالونات الهواء الساخن، تحلق فوق المعابد والحقول الخضراء والصحراء المترامية. إنها تجربة لا تضاهيها الكلمات: صمت مهيب، ونهر النيل يبدو من الأعلى كخيط فضي يفصل بين الخضرة والرمال. الانطلاق يتم من الضفة الغربية، لكن شركات البالون توفر النقل من أي فندق، مع رحلات فجراً أو بعد ساعة من الشروق بأسعار أقل.
بالدراجة بين المعابد
لمن يرغب في الجمع بين النشاط والمشاهدة، يمكن استئجار دراجة للتنقل بين معابد الجنائز المنتشرة بين النيل ومقابر طيبة، وصولاً إلى المعبد الجنائزي للملكة حتشبسوت، حيث يلتقي الإبداع المعماري بروعة الطبيعة.
دراما الليل في الكرنك
عند حلول الظلام، يتحول معبد الكرنك إلى مسرح حي للضوء والصوت، حيث تمتزج الموسيقى بالإضاءة لتعيد الحياة إلى أعمدته وتماثيله. المشهد لا يقتصر على البناء، بل يشمل الظلال التي ترقص على أرض المعبد وكأنها كيانات من زمن آخر.
الحرف اليدوية… لمسة شخصية من الأقصر
في ورشة فخار “راماسيوم” يمكنك تشكيل إناء بلمستك الخاصة، مستوحى من تصاميم استخدمها الفراعنة منذ قرون. كما يمكن مشاهدة صناعة المصابيح الألباسترية، والنسيج اليدوي، وورق البردي، لتأخذ معك قطعة فنية تحمل روح المكان.
إبحار على طريقة الفراعنة
رحلة على متن فلوكة نيلية تُكمل التجربة. هذه القوارب التقليدية بأشرعتها البيضاء كانت تجوب النيل منذ آلاف السنين. أفضل وقت للإبحار قبل غروب الشمس بساعة، حين تتلون المياه بأطياف ذهبية ووردية، لتغدو المشاهدة من القارب لوحة فنية طبيعية.
الأقصر ليست مجرد مدينة أثرية، بل مسرح مفتوح للحياة والتاريخ، حيث تتجاور الحضارة القديمة مع الحاضر في مشهد واحد، وتترك لكل زائر ذكريات لا تمحوها الأيام.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم