يوسف فارس
تتناسب فظاعة الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، طردياً، مع اقتراب زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى المنطقة، إذ كان أمس أكثر الأيام دموية منذ استئناف الحرب في 18 آذار الماضي، حيث أخذت المجازر الإسرائيلية طابع العشوائية، وتقصُّد استهداف المناطق الحيوية العامرة بالحياة والمكتظّة بالمئات من النازحين والأهالي، مثل مراكز الإيواء، والأسواق الشعبية والمطاعم. ونفّذ العدو، باستخدام الطيران المُسيّر، مجزرة جماعية طاولت مطعم «التايلندي» الذي كان يعجّ بالزبائن وسوق «الوحدة» الشعبية، في شارع الوحدة وهو أكثر شوارع القطاع حيوية.
وبدا المشهد على كراسي المطعم وفي السوق المحاذية له مأساوياً؛ إذ كان العشرات من الجرحى يلفظون أنفاسهم الأخيرة وهم مُلقون على الأرض، فيما غرقت عائلة كاملة مكوّنة من أب وأم وطفلة صغيرة في دمها، واستشهد طفل صغير كان يبيع القهوة للمارّة، وشابة في مقتبل العمر لم تعطها طائرات العدو فرصة لتناول قطعة من البيتزا، والصحافي يحيى صبيح الذي رُزق صباح أمس، مولودةً، وذهب إلى السوق باحثاً عن طعام لزوجته وحليب لصغيرته. وبالنتيجة، نُقل نحو 40 شهيداً وأكثر من 170 مصاباً، إلى مستشفى «الشفاء»، حيث تُرك الجرحى ذوو الحالات الخطيرة يلفظون أنفساهم الأخيرة، وسط عجز تام لدى المنظومة الصحية المنهارة عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية.
وفي حي التفاح شرق مدينة غزة، أغارت الطائرات الحربية على مدرسة «الكرامة» التي تؤوي نازحين، وسوّت مبانيها بالأرض. وعندما حاولت الطواقم الطبية والصحافية الوصول إلى المكان، جدّدت الطائرات الحربية القصف، ما تسبّب في استشهاد الصحافي نور الدين عبدو ومعه العشرات من النازحين. وفي حصيلة للمجزرة، أبلغت المصادر الطبية عن استشهاد 22 مواطناً وإصابة العشرات. وفي مدينة بيت لاهيا شمالي القطاع، أغارت الطائرات الحربية على عدد من منازل المواطنين المأهولة، ما أدّى إلى استشهاد عائلة مكوّنة من خمسة أفراد.
المقاومة تنفّذ كمائن «أبواب الجحيم» ضد جنود الاحتلال
وكانت الطائرات الحربية ارتكبت مجزرتين بحق الأهالي النازحين في مدرسة «أبو هميسة» في مخيم البريج وسط غزة، حيث كرّرت قصف تجمعات النازحين على مرحلتين. ووفقاً لشهود عيان، أغارت الطائرات الحربية على عدد من الخيام المكتظّة بالنازحين، ما تسبّب بارتقاء 20 شهيداً. ومع ساعات المساء، أنذر جيش الاحتلال مسجداً ملاصقاً للمدرسة نفسها بالقصف، ثم تعمّد قصف الأهالي الذين أخلوا محيط المسجد إلى ركن بعيد في داخل المدرسة، لتبلغ حصيلة المجزرتين 33 شهيداً وعشرات الجرحى. ولفتت مصادر طبية، تحدّثت إلى «الأخبار»، إلى أن أكثر من 100 مواطن استشهدوا، أمس، في مجازر تعمّد فيها جيش الاحتلال إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية.
في مقابل ذلك، أعلنت «كتائب القسام» تمكّنها من تنفيذ كمين محكم في مدينة رفح. وأطلق «الإعلام العسكري» التابع للكتائب، على تلك الكمائن المتتالية اسم «أبواب الجحيم»، وذكر في بيانه أن المقاومين استدرجوا قوة راجلة قوامها 10 جنود وكلبان عسكريان إلى كمين جُهّز مسبقاً بعدد من العبوات الناسفة، وفور وصول الجنود إلى مقتلة الكمين «تمّ تفجير العبوات وإيقاع الجنود بين قتيل وجريح قرب مفترق المشروع شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ورصد مجاهدونا هبوط الطيران المروحي للإخلاء».
وفي بيان آخر، أعلنت «القسام» أن مقاوميها استهدفوا قوة صهيونية تحصّنت داخل أحد المنازل في المنطقة ذاتها بقذيفتي «تي بي جي» وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، مضيفة أن «مجاهدينا عاودوا التقدّم صوب المنزل المستهدف وأجهزوا من مسافة الصفر بأسلحتهم الخفيفة على من تبقّى من أفراد القوة».
كذلك نشر «الإعلام العسكري» مشاهد الكمين الذي نفّذته «القسام»، مطلع الأسبوع الجاري، وظهر فيها مقاومو الكتائب وهم يخرجون من فتحة نفق داخل أحد المنازل، ويهاجمون جنود الاحتلال بالأسلحة الرشاشة بهدف استدراجهم إلى الفتحة المفخّخة؛ وحينما تقدّم الجنود، فجّر المقاومون فيهم عبوة ناسفة تسبّبت بمقتل جنديين من وحدة الهندسة «يهلوم» وإصابة أربعة آخرين. وجدير بالذكر أن جيش الاحتلال أقرّ، أمس، بإصابة أربعة جنود، جروح اثنين منهم خطيرة، ومقتل كلب من وحدة «عوكتس» في حدث أمني في رفح.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الأخبار