| سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني
بينما يغيب جوكر الدراما السورية بسام كوسا عن الموسم الرمضاني المقبل، إلا أنه اختار أن يطل علينا كاتباً وروائياً من خلال روايته الأولى «أكثر بكثير»، التي تحوي كما قال على محاولات للدخول في عالم الكتابة كهاو هو اليوم، ربما في قادم الأيام سيحمله شغف جديد لاقتناص فكرة مثيرة والاشتغال عليها، أو قد تكون محاولة لإيقاظ دور الكتاب في مجتمعات تكدست فيها الكتب على الرفوف دون أي شوق لملاقاتها.. وما إن أعلن النجم السوري عن إصدار رواية له حتى تملكنا الوله لملاقاة منجز يكفي أنه من توقيعه لننساق وراء قلمه المبهر.. فلا شك أن شخصيته الفريدة والتي جسدت على مر تاريخها أبرز الأدوار.. وقدمت مختلف المواضيع؛ كفيلة بأن تضع اليوم بين أيدينا خلاصة ومنجزاً يجول بتركيبته وتفكيره ويلامس واقعنا ويحكي قصتنا..
لنهرع كحشود إلى اليوم المنشود ونلتقيه في غاليري «جورج كامل» الذي غص بالناس، فكان بانتظاره الإعلاميون والفنانون والمثقفون وحشد جماهيري كبير..
من الرواية
ومن الرواية ذيل ظهر الكتاب بهذه الفقرة المقتطعة حيث كتب: «بمنشارِ النجَّارِ الشابّ وعدّته الكاملة، تمكّنت أمّي من إنجاب خمسة أولاد، وكانت على استعداد لأن تنجب أكثر، لولا أن النجّار الشاب غادر الحارة كلّها، بعد أن قرّر الزواج من ابنة عمّه، بناءً على رغبة أهله. كان أبي يسير في الطرقات متبختراً مثل فحلٍ حقيقيّ، وهو يوزّع التحيّات والسلامات على كلّ من يصادفه في طريقه.
– أهلاً يا أبا مبروك. لقد سمّياني مبروكاً. أذكر أن أمّي كانت تغمرني بذراعيها البضَّتين، وتعصرني بقوة وحبّ كبيرين. تتشمَّمني بنهم، كأنَّها كانت تستعيد رائحة النجّار الشابّ، وهي تهمس في أذني ضاحكة: أحبّك يا ابن الحرام!».
استطاعتي وإمكانياتي
وكشف كوسا في تصريح للصحفيين أن: «الأصدقاء لم يأتوا لأنني كاتب كبير، فأنا رجل هاوٍ، معظم الناس التي أتت، نتيجة المخزون الفني الذي حاولت أن أقدمه عبر السنوات، وهذا يعطيني رسالة طيبة، وآمل أن يعود الكتاب للناس عبر كل الأعمال، وهذا العمل الروائي واحد من المشاريع التي يمكن التفكير بها، فهو أمر مرتبط بالشخص نفسه أن يبدي رأيه ووجهة نظره بموضوعات معينة، قد لا نستطيع قولها عبر الدراما أو السينما أو المسرح أو القصة القصيرة، وهو جنس فني أدبي كان يستهويني دائماً وحاولت أن أجرب فيه».
وأضاف كوسا إن: «العمل استغرق ما يقارب العامين ونصف العام وإلى الآن لست راضيا عنه، خاصة أن كتابة العمل الروائي هو عمل شاق جداً ومضن، وليس مضمون النتائج، ولدي كامل الثقة بأن هناك أناساً سيكونون مع هذا العمل أو ليسوا معه وربما ضده، والتباين في وجهات النظر هي ظاهرة صحية بين كل أنواع الثقافات والإبداعات، وما قدمته هو استطاعتي وإمكانياتي وأنا لست شخصاً محترفاً بل مجرد هاوٍ لا أملك سوى مجموعة قصصية صغيرة، وهو محاولة وتجريب في حقل لم أجربه سابقاً، وكنت أحلم دائماً بالقيام به وأتمنى أن يجد القبول».
وعن مضمون الكتاب كشف كوسا أنه: «عبارة عن وجهات نظر حاولت أن أعبر عنها بطريقتي الخاصة، عن أراء تخص حياتنا وتلامس بعض همومنا»، مشيراً إلى أن الرواية ليست بديلا عن حضوره الدرامي: «أنا لست مبتعداً عن الدراما، والكتابة ليست عملية ملء فراغ بل كتابة عمل وتقديمه أخذ وقتاً ربما قرابة سنتين أو أكثر إلا أنه بغض النظر عن النتائج التي لا أضمنها ولكن ليس هذا انقطاعاً فأنا لست كاتباً ولدينا روائيون محترفون قدموا إبداعاتهم، ولم أكتبه لأن لدي سلسلة نشاطات في الأدب، ولا أعتبر ما كنت أنشره بالصحافة المحلية والعربية يمت بصلة إلى الرواية، وهذا ليس انقطاعاً بل يدرج تحت بند الهواية وربما لا أكتب بعدها أو قد أكتب عملاً روائياً آخر يشجعني بعد فترة».
وعن رأيه بنحاح الكتاب وانتشاره بين كوسا: «المعرفة شأن أساسي وأساس معركتنا مع الحياة هي معركة ثقافية وأخلاقية، وبالتالي نسبة القراءة انخفضت وخاصة في دول العالم الثالث، والحصول على المعلومة بسرعة قلّل من القراءة الورقية التي انخفضت بشكل كبير ووصلنا إلى مكان لا نحسد عليه».
وعن تحويل الرواية إلى عمل درامي كشف كوسا: «لا أعتقد أن تكون موجودة كعمل درامي إلا إذا أخذ منها أجزاء لعمل درامي وليس كلها، وينوه إلى أن تجربته الدرامية الكبيرة ومخزونه المعرفي المتراكم في هذا المجال، ربما انعكس بجزء ما في الرواية، أي سيلاحظ القارىء بأن هناك مقاطع كتبت وكأنها مصورة أمامه».
تكنيك جديد
وبدوره هنأ الموسيقار طاهر مامللي النجم بسام كوسا على طريقته الخاصة قائلا: أبارك لكل المثقفين أننا مازلنا قادرين أن نعطي رغم الألم والظلام، هناك نور بداخلنا يظهر للناس، أبارك له ولجميع الناس أنه مازال قادرا على العطاء، وأتوقع أن يفاجئنا كما اعتاد على مفاجئتنا في أدواره، ربما يخرج لنا بحلول فنية، وهو تكنيك جديد يترجم على ورق، وكنت قد قرأت له التجربة السابقة «نص لص»، أتامل أن يكون هناك شيء جديد ومختلف، على الفترة الزمنية ما بين «نص لص» وبين «أكثر بكثير».
من جهته، علّق مدير دار نينوى أيمن غزالي بالقول إن «مصائر الناس التي ارتبطت بـ(كوسا)؛ قررت أن تعلن عن ذاتها في (أكثر بكثير)». وأشار إلى أن بطل الرواية «شخصية تعاند الظروف والحياة، وترى في الثقافة ملاذاً مثالياً، إلا أن الخيبة أكبر من كل شيء».
ورواية «أكثر بكثير» الصادرة عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع؛ ليست العمل الأدبي الأول لـ كوسا، إذ سبقتها مجموعته القصصية «نص لِص» التي صدرت طبعتها الأولى عن دار الجندي بدمشق عام 1998، كما كتب العديد من المقالات النقدية السياسية والاجتماعية والفنية، في الصحف والمجلات السورية والعربية.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن