آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » ألفريد بخاش سليل الرواد الحلبيين.. فنان المرأة.. والنحات المنسي … مع والده قدّم أول معرض تشكيلي له عام 1938 في حلب .. خمسة عقود أمضاها في شتى الفنون جعلته حديث الناس والثقافة

ألفريد بخاش سليل الرواد الحلبيين.. فنان المرأة.. والنحات المنسي … مع والده قدّم أول معرض تشكيلي له عام 1938 في حلب .. خمسة عقود أمضاها في شتى الفنون جعلته حديث الناس والثقافة

سعد القاسم

أشرت في حلقة سابقة إلى أن مدينة حلب قد شهدت منذ نهاية القرن السابع عشر وخلال القرن التاسع عشر قدوم عدد من الفنانين المستشرقين، كانوا نافذة أطل منها الحلبيون على فن التصوير الغربي، وتتلمذ على أيديهم بعض المصورين الحلبيين أمثال نديم بخاش ومنيب النقشبندي. وحين تأسس المكتب السلطاني (ثانوية المأمون) بحلب مطلع القرن العشرين، عُيّن الفنان منيب النقشبندي أول مدرس للفنون فيه، وكان من تلاميذه غالب سالم ووهبي الحريري. وقد عاد غالب سالم من روما عام 1936 كأول متخرج في أكاديمية الفنون الجميلة، وتبعه في العام التالي وهبي الحريري الذي أسس أول محترف للفنون بحلب، في الوقت الذي تألق فيه اسم الفنان الفريد بخاش (1994-1921) ابن نديم بخاش حين أقام عام 1938 أول معرض له بالاشتراك مع والده في مرسمهما خلف مقهى الكلداني في منطقة التلل بحلب. وأتبعه عام 1948 بالمشاركة في (معرض أصدقاء الفنون) أول معرض جماعي للفن التشكيلي في المدينة مع مجموعة من الفنانات والفنانين الهواة في دار الحمصي بمنطقة العزيزية، وقدمه الشاعر عمر أبو ريشة، ويقال إن دليل المعرض كان كتاباً من 68 صفحة مع مقدمة باللغة العربية كتبها الأديب سامي الكيالي، وقد استخدمت كلمة يقال لأني لم أرَ هذا الدليل. وأتمنى أن يحصل هذا.

 

بين اللوحة والنحت

 

ويذكر الناقد والفنان طاهر البني في كتابه (الفن التشكيلي في حلب) أن الفريد بخاش عرض في هذا المعرض 92 عملاً فنياً بالألوان الزيتية والمائية، وبالأقلام الملونة، وثمانية أعمال نحتية، وأن مواضيعه في هذا المعرض: «تنوعت بين رسم الشخصيات المعاصرة له، وسيدات المجتمع الأرستقراطي، وبين تصوير الطبيعة المحلية بحلب، إضافة إلى تصوير الزهور وغيرها من الموضوعات التي يغلب عليها الطابع الرومانسي والتزييني».

 

معارض في الداخل والخارج

 

ومن ثم تتالت معارضه الفرديّة، ومشاركاته في المعارض الجماعيّة في حلب، واللاذقيّة، ودمشق، وبيروت، وكذلك في فرنسا وسويسرا وأميركا، وشارك في المعرض السنوي منذ عام 1950 وحتى عام 1956. ونال الدرجة الثالثة في التصوير مناصفة مع فاتح المدرس والدرجة الثانية في النحت في معرض 1951 وفي معرض عام 1952 نال الدرجة الأولى في النحت، ونال الدرجة الثانية في النحت في معرض عام 1953.

 

كل أنواع التشكيل

 

مارس أجناس الفن التشكيلي كافةً، إضافة إلى الرسم على الكريستال، والرسوم التوضيحيّة، كما عمل مشرفاً فنياً في المكتب الصحفي الأميركي للشرق الأوسط في بيروت، وهذا ما دفعه إلى أن يترك محترفه في حلب والانتقال للإقامة بشكل دائم في بيروت، حيث افتتح صالة عرض باسمه. وخلال حرب عام 1982 في لبنان، أصيب محترفه في بيروت عدة مرات، وأتى الدمار على معظم محتوياته. وبعد ذلك بدأت صحته بالتدهور إلى أن فارق الحياة.

 

ولد الفريد بخاش في الخامس من شباط / فبراير 1921 في مدينة حلب، وتذكر الفنانة سميرة بخاش في مقابلة صحفية أجرتها معها سمر وعر ونُشرت في مدونة وطن eSyria في حزيران/ يونيو 2014، أن والده نديم كان مهندساً إلى جانب كونه فناناً تشكيلياً، وأن جده رزق اللـه كان أيضاً فناناً تشكيلياً. وقد درس الفريد المرحلة الابتدائية في مدرسة (مار يوسف) للراهبات، وتابع المرحلة الثانوية في معهد الإخوة. وبدأ الرسم وهو في الخامسة من عمره بتشجيع والده الذي علمه أصول وتقنيات فنون الرسم والتصوير والنحت. وقد أسهمت مطالعاته لما وقع تحت يده من كتب في مكتبة والده، وما كان يصل إلى حلب من كتب عربيّة وأجنبية، في تكوينه الثقافي والفني.

التشكيل غناءً

 

يقول عنه الدكتور عفيف البهنسي بأنه «اتبع في رسمه ونحته طابعاً غنائياً جميلاً» وأنه «يُحرك موضوعاته حركات رائعة، رشيقة كأنها على موعد مع فرحة الأضواء التي تشع على جميع الألوان في اللوحة». ويصفه الكاتب اللبناني الدكتور فاروق سعد بأنه «كان مالئ دنيا الفن وشاغل جمهوره في سورية ولبنان طيلة خمسة عقود امتدت من أوائل الأربعينيات حتى منتصف التسعينيات. وكانت أعماله في الرسم والتصوير والنحت والديكور وتصميم الكتب، محل تقدير نقاد الفن. لُقّب بفنان المرأة لما أبدعت فرشاته من لوحات تُعبّر عن جمالها روحاً وجسداً». وكان د. فاروق سعد قد أصدر كتاباً عنه عام 1998 بعنوان (الفريد بخاش: السيرة المنسيّة لفنان رائد). فيما أقام الفنان اللبناني عارف منيمنة في حزيران/ يونيو 2014 معرضاً في بيروت وفاء لذكرى أستاذه الراحل الفرد بخاش، تضمن لوحات زيتية مقتبسة من أعمال أستاذه، وكتابات مؤرخة عن سيرة حياته. حيث رأى منيمنة بدوره أن الفريد بخاش «الذي رحل قبل22 عاماً كان رائداً من رواد الفن التشكيلي وفن التصوير والنحت في سورية ولبنان، وقد ساهم في نهضة الحركة التشكيلية في لبنان في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات».

 

رصد حياته وجهوده

 

لم يتح لي الاطلاع على كتاب د. فاروق سعد، وإنما قرأت فقط عرضاً له قدمه د. محمود شاهين في صحيفة (البيان) الإماراتية أواخر عام 2014 ومن خلال هذا التقديم فإن الكتاب يستعرض تفاصيل حياة الفريد بخاش من خلال مقدمة وخمسة وعشرين فصلاً وخاتمة، ومزود بصور عدد كبير من رسوم ولوحات ومنحوتات الفنان، إضافة إلى صور شخصيّة تغطي مراحل حياته منذ كان في السنة الأولى من عمره وحتى عام رحيله.

 

يُشير المؤلف إلى أنه عرف فن ألفريد بخاش عام 1958، بعد أن انتقل من حلب للإقامة في بيروت عام 1953، وتعرف إلى شخصه عام 1969 وذلك في صالة العرض التي تحمل اسمه في بيروت. ويرى أنه «في النحت يمتاز كل من الفريد بخاش وجاك وردة بالرشاقة والنعومة في تماثيلهما النصفيّة والكاملة عن المرأة». ويقول الناقد طارق الشريف في بحثه المؤسس عن فن النحت المعاصر في سورية الذي نشره عام 1996 في مجلة (الحياة التشكيلية): «لجأ النحات الفريد بخاش إلى التعبير عن الأعماق الداخلية، عبر الحركة أيضاً، ونرى ذلك في تمثاله (الأمومة)، وخضعت التماثيل إلى التحوير والمبالغة فيه، عن طريق إطالة متعمدة من أجل تصوير حنو الأم على وليدها، أو من أجل تفضيل الليونة على الجمود، والرشاقة التي تقدم الإيقاعات الموسيقية التي يُعبّر الخط عنها، بتداخله وانسيابه». ومع ما سبق فإن الملف المهم لم يتضمن صورة لهذا التمثال أو سواه. ولم أعثر على أي صورة لأي عمل نحتي لالفريد بخاش، رغم كل ما سبق، باستثناء تمثال رأس رجل في صورة للفنان داخل مرسمه (المنشورة هنا). ولا عن تصميمه لنصب (السجين السياسي المجهول) الذي اختير في معرض تايتي غاليري في لندن عام 1953 كما ورد في غير مصدر، ولم أجد أيضاً ما يؤكد الحكاية، ولم أعثر على صور لأي من أعماله التي نالت جوائز المعرض السنوي ثلاث مرات. وكل هذا يؤكد أنه لا يزال ينقصنا الكثير لأجل كتابة تاريخنا الفني موثقاً.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المؤسسة العامة للسينما تعيد تأهيل صالات الكندي

تماشياً مع رغبة المؤسسة العامة للسينما في تقديم أفضل ما يمكن من أساليب العمل السينمائي، وتأكيداً لضرورة تأمين حالة عرض متقدمة ومتميزة لجمهورها، فإنها عملت ...