آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » ألف خطوة إلى الوراء ..! 

ألف خطوة إلى الوراء ..! 

 

مالك صقور

 

 

إن كان لينين قد كتب ذات يوم “خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء”، فيقتضي الانصاف اليوم أن يكتب :” ألف خطوة إلى الوراء”

وإن فكرة “التقدم” الذي يزعم المفكر الفرنسي فرنسيس روجر بيكون أنه أبدعها وأطلقها في القرن السابع عشر، لتتحد فيما بعد مع نظرية التطور.. ففي أيامنا “الرائعة” جدا هذه ، لم ينفصل التقدم عن التطور فحسب ، بل يمكن القول:إن الإمبريالية نجحت في سحق

” التقدم و التقدمية” ، مستغلة ” التطور”

ذاته في حربها ضد كل ما هو تقدمي.. ولا يتسع هذا الحيز للتفاصيل في فكرة التقدم عبر التاريخ… وكيف تماهى التقدم مع التطور. وكثيرون لا يفرقون بين التقدم والتطور، مع أن تقدم الحضارات وتطورها كان بفضل الأثنين معا..

ومن البديهي ، القول إنه لا يوجد تطور من غير تقدم ، لكن هذا كان أيام كان العقل التنويري والفلسفة قد فرضا قيم الفضيلة والأخلاق. والمقصود فلسفيا، هو التقدم في الفكر والمعرفة والفلسفة والعلم … والتطور في مجال التكنولوجيا..

ففكرة التقدم التي طرحت في القرنين السابع والثامن عشر في اوروبا خاصة في فرنسا وبريطانيا كانت أساسا منطلقا للفكر التحرري التنويري، العلمي، العلماني.. التقدمية – كمصطلح اشتغلعليه كثيرون من المفكرين في أوروبا غير بيكون مثل فونتفيل الراهب دوسان بيير وفولتير وتورغو و روسو وسان سيمون… والتقدمية كانت تعني :العدالة، والمساواة.، والتنوير، وفصل الدين عن الدولة، والاشتراكية.. فيما بعد تبنت الماركسية فكرة التقدم واعتبرت التقدم نواتها.. وصارتحصيل حاصل كل ماهو ما ركسي أو اشتراكي أو بعثي فهو تقدمي. وبديهي صارت التقدمية العدو اللدود للرجعية، والرأسمالية والإمبريالية… ومع الانزياحات، والانحرافات،و التغييرات، والرياح الصفراء الهوج غاب مصطلح

( الرجعية)من قاموسنا ، وأدبياتنا وحتى من صحافتنا.. وإذا ماالتفتناقليلا إلى الوراء، إلى منجزات القرن العشرين، وجدنا الأمل المنشود في حركات التحرر العالمية. واتساع المعرفة، وهزيمة الفاشية النازية، وإعلان حقوق الإنسان، وهيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن.. ألخ… لكن الاستعمار بقي هو ذاته ، والإمبريالية غيرت جلدها، وشحذت مخالبها، وسخرت كل ما انتجه التطورالمذهل في حقل التكنولوجيا العسكرية وغير العسكرية على حساب التقدم الذي تراجع وانحسر، بعد تفكك الاتحاد السوفييتي و المنظومة الاشتراكية.. بلى.! انحسرالتقدم والتقدمية التي كانت وعاءالاخلاق والفضيلة والتنوير وتحرير العقل من ربقة الخرافات، والجهل والعقل الظلامي… وإن كانت بلدان أوروبا المتحضرة قد أمضت أكثر من ثلاثمئة سنة للانتقال من العصور الوسطى الظلامية إلى عصر النهضة والثورة الصناعية والتنوير والعقل النير ونبذ التعصب وفصل الدين عن الدولة.. فإن الردة الرجعية على النهضة العربية في معظم البلدان العربية التي تبنت طريق التقدم والتقدمية لم تستغرق بعض العقود.. حتى أعلنها حربا على هذه البلدان خاصة التي رفضت التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب المغتصب.. بمساعدة الإمبريالية والاستعمار القديم فرنسا وبريطانيا من نشر الظلامية التكفيرية وتعميق النعرات الطائفية البغيضة، والمذهبية المقيتة. واستطاعت القوى الظلامية بالمال وبإساليب شتى إن تحتل العقول وتغلقها.. ونجحت هذه القوى الظلامية من غسيل الأدمغة.. وقد وجدت مرتعا خصبا عند أصحاب النفوس الضعيفة أو النفوس المريضة أو النفوس الميتة.. وهذا كان سببا لاحتلال أميركا شرق الفرات وسرقة النفط والغاز والقمح والقطن. وفرض حصار على المواطن السوري تحت مسمى( قانون سيزر). نعم…

منذ عام ألفين وأحد عشر رجغنا ألف خطوة إلى الوراء… مقارنة مع ألفين وعشرة حين كنا نعيش السلم والسلام الأمن الأمان. ولا ابالغ إن قلت كنا في بحبوحة حسدنا عليها، يوم كانت ربطة الخبز.. ب خمس عشرة ليرة.. يوم كان بوسع أي مواطن إن يشتري سيارة عن طريق البنك أو بالتقسيط. يوم كان المواطن يجرؤ على الدخول إلى أي مطعم.. يوم كان المواطن يستطيع أن ينام في العاصمة في أي فندق. واليوم لا يستطيع…

ألف خطوة إلى الوراء..

وما زلنا متفائلين.. ولعل التغييرات الأخيرة تحمل أملا مشرقا ومستقبلا يخرجنا من هذه الأزمة المزمنة.. وإنها شدة وستزول..

(موقع سيرياهوم نيوز-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية: بين المشورة واتخاذ القرار

  حسان نديم حسن في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم وتنامي أهمية المؤسسات التشاركية، تبرز المجالس الاستشارية والمجالس التمثيلية كأدوات حيوية للإدارة وتقديم الخدمات ...