آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » ألمانيا بين الاعتراف بفلسطين وحق إسرائيل في الوجود: تحديات سياسية بمواجهة “الذنب التاريخي”

ألمانيا بين الاعتراف بفلسطين وحق إسرائيل في الوجود: تحديات سياسية بمواجهة “الذنب التاريخي”

 

جاء قرار القيادة الإسرائيلية بتصعيد القتال واعتماد خطة للسيطرة العسكرية على قطاع غزة ليدفع ببرلين إلى الرد بحزم على قرارات تل أبيب، وذلك باتخاذ إجراءات ضد شريكتها للمرة الأولى منذ بدء حرب غزة، إذ أقدمت نهاية الأسبوع الماضي على تقييد صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. يأتي ذلك مع تزايد حدة الانتقادات في ألمانيا لحكومة بنيامين نتنياهو، وإعلان عدد من الدول الأوروبية الكبرى، بينها فرنسا وبريطانيا، نيتها الاعتراف بفلسطين كدولة.

فهل تحذو برلين، صاحبة الشعور بالذنب التاريخي بسبب “الهولوكوست”، حذو جيرانها الأوروبيين وترسل إشارة سياسية واضحة المعالم بوجه نتنياهو؟ وماذا عن ضرورة تمييز ألمانيا بين الاعتراف الديبلوماسي بفلسطين وحق إسرائيل بالوجود؟

 

 

 

شرارة ديناميكية جديدة

فيما لا يزال المستشار فريدرش ميرتس يتجنب الالتزام بحل الدولتين، ويصب جهده لإطلاق سراح الرهائن والدفع بالمفاوضات الحثيثة لوقف إطلاق النار كأولوية قصوى لألمانيا، دعا حزب الخضر إلى تحول جذري في السياسة الألمانية تجاه الشرق، ونحو استقلالية أكبر في السياسة الخارجية، مع توجيه انتقادات واضحة لإسرائيل وتدابير ملموسة ضدها. وقد يتجلى ذلك أولاً في محورين رئيسيين: الاعتراف الديبلوماسي بفلسطين والضغط الاقتصادي على الحكومة الإسرائيلية.

وفي هذا الصدد، ذكر موقع “إي بن ميديا” عن السياسية المنتمية إلى الخضر لويزه امتسبرغ أن مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترسل إشارة قوية تجاه إسرائيل، وأن التزامات كهذه قد تطلق شرارة ديناميكية جديدة، وهو أمر يكاد يكون ميؤوساً منه، داعية ميرتس إلى اتباع مسار ماكرون، وأن تعمل برلين على إيجاد حل طويل الأمد للسلام والأمن في المنطقة.

وأضافت أنه حتى لو لم يفض اعتراف الدول الأخرى بفلسطين إلى قيام دولة للفلسطينيين، فسيساهم في إرسال إشارة قوية الرمزية لتل أبيب من بلد كألمانيا، ولا سيما أن الانتقادات السابقة للأخيرة لم تؤدِّ إلى امتثالها للقانون الدولي. وقد اعترفت حكومات دول النرويج وإسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا العام الماضي بفلسطين.

أما حزب اليسار، فقد دعا، ومن بين أمور أخرى، إلى تعليق اتفاقية الشراكة الإسرائيلية مع الاتحاد الأوروبي والاعتراف بفلسطين كدولة، فيما طالب سياسيون من الاشتراكيين ألا يكون فرض عقوبات ضد الوزراء الإسرائيليين من المحرمات.

حتى أن السياسية زيمتي مالرو، بعد عودتها أخيراً من زيارتها مع وزير الخارجية فاديفول إلى إسرائيل، كتبت رسالة إلى زملائها تفيد فيها بأن تل أبيب لن تتحرك دون ضغوط وعقوبات، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يتعين أن يكون أمراً يقع في نطاق المحظورات.

 

 

 

 

جانب من تظاهرة داعمة لغزة في برلين. (رويترز)

جانب من تظاهرة داعمة لغزة في برلين. (رويترز)

 

 

حل الدولتين

 

بين سياسيين من الاتحاد الأوروبي وصفوا إعلان ماكرون بأنه متسرع نسبياً، وبأنه يجب أن يأتي الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة في نهاية عملية السلام في الشرق الأوسط، وآخرين اعتبروا المسار الذي تتبعه فرنسا الآن مستداماً، رأى الكاتب غيرهارد شبورل، المهتم بالتغيرات العالمية التي تؤثر على دور ألمانيا في النظام الدولي، في مقال مع “تي أون لاين”، أنه من المنطقي الإصرار على حل الدولتين، لأن الحكومة الإسرائيلية لديها وبوضوح نية معاكسة، أي ضم غزة وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية بشكل هائل.

وفي الوقت نفسه، فإن موقف ألمانيا سيثير احتجاجاً كبيراً إذا ما أيدت حل الدولتين والاعتراف بفلسطين.

وأضاف شبورل أن الاعتراف الديبلوماسي لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن حق الوجود، بل يسد الفجوة التي تركتها إسرائيل منذ أن رفضت حكوماتها حل الدولتين. وإذا ما سارت الأمور على ما يرام، فإن المسؤولين في الخارجية الألمانية وفريق المستشار يعملون على خيارات بشأن المدى الذي يمكنهم الوصول إليه في علاقتهم مع إسرائيل، رغم الشكوك المثارة من ردات فعل داخل تل أبيب، لأن الاتهام سيكون أشد وطأة ضد برلين، وبأن الألمان يريدون التخلص من ذنبهم التاريخي القديم، وهم يثقلون أنفسهم الآن بذنب تاريخي جديد.

ويوضح شبورل بأن الوضع تغير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأصبحت إسرائيل القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وقواتها المسلحة متفوقة على كافة الصعد، ناهيك بأن الدعم الأميركي أثبت جدواه في الهجوم المزدوج على المنشآت النووية الإيرانية. وعليه، فإن حق إسرائيل بالوجود ليس على المحك حالياً، أو بتعبير أكثر حذراً أقل بكثير من ذي قبل. وفي السياق نفسه، بينت تحليلات أنه يمكن للمرء انتقاد أفعال الحكومة الإسرائيلية من دون انتهاك مبدأ الدولة.

 

 

 

تبعات الاعتراف

عن تبعات الاعتراف بفلسطين، لفت الباحث السياسي توماس ستيلر، في حديث لـ”النهار”، إلى أنه، وعملاً بموجب القانون الدولي، لا توجد عواقب لذلك، والاعتراف بها يشكّل “خطوة رمزية”، حتى أن “الاعتراف لن يمنح الأراضي الفلسطينية المزيد من الأموال أو المطالبات نتيجة لذلك”.

وفي هذا الصدد أيضاً، اعتبرت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط موريل اسبورغ أن الاعتراف بفلسطين في هذه المرحلة لن يأتي من فراغ، بل قد يحدث تحوّلاً جذرياً، بعد موجتي الاعتراف في عامي 1988 و2011، فله وقعه، والسبب في ذلك أن الوضع تبدل وأصبح أكثر تعقيداً من أي وقت مضى على الفلسطينيين.

وعما يقال بأن بعض النقاد يرون أن حركة “حماس” قد تفسر الاعتراف على أنه تنازل ومكافأة على مقاومتها ونشاطها العسكري بوجه إسرائيل، رأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط دانيال غيرلاخ الأمر بشكل مختلف، وجزم مع شبكة التحرير الألمانية بأن “حماس” لن تستفيد من ذلك، ولن تكون الجهة التي ستحكم القطاع، وذلك عملاً بإرادة المجتمع الدولي، وفيها أن يتم نزع سلاحها.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال إسرائيل لغزة تصعيد خطير وغير مقبول ويجب السماح بدخول المساعدات للقطاع

اعتبرت المجموعة العربية بالأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، الثلاثاء، إعلان إسرائيل عزمها احتلال كامل قطاع غزة “تصعيد خطير وغير مقبول”، داعية إلى السماح الفوري بدخول ...