علي عبود
بعدما خبرناه في ولايته الرئاسية الأولى، لم يتفاجأ أحد بأن يكون الشغل الشاغل للرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية شفط مليارات الدولارات من أثرياء العالم، سواء كانوا حيتان مال أو حكومات تستحوذ على ثروات بلادها وشعوبها.
وأعلنها ترامب قبل وصوله إلى البيت الأبيض مخاطبا الجميع بلا أيّ استثناء: عليكم أن تدفعوا!
ومن تجاوب سريعا وأعلن استعداده عن تسديد ولاء الطاعة والإنصياع، ردّ عليه ترامب بجلافة: عليكم أن تدفعوا أكثر!
نعم، وعد ترامب بإنهاء الحروب التي فجرتها إدارة سلفه جو بايدن، ولكن ليس مجانا بل مقابل عشرات المليارات، وهكذا انصاع الرئيس فولودمير زيلنيسكي ـ المنتهية ولايته ـ ، فأهدى ترامب الثروات النادرة لشعب أوكرانيا ثمنا للمساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لحكومته كي تشن الحرب على روسيا.
ولم يوفّر ترامب حتى حلفائه في الناتو وخاطب زعماء أوروبا: عليكم أن تزيدوا حصصكم المالية في حلف الأطلسي وان تدفعوا نفقات قواعدنا العسكرية في بلادكم وإلا سنتوقف عن حمايتكم!
وفجّر ترامب حرب الرسوم الجمركية، وهي حرب غير مسبوقة تأثرت بها كل دول العالم على مختلف قدراتها الاقتصادية وكررها مرارا: أن الآوان لتدفعوا مقابل استهلاكنا لسلعكم ولدوران عجلات اقتصادكم!
وخلال أقل من مئة يوم جمع ترامب مئات المليارات، مقابل هدر أسلافه لمليارات على الحروب والمنازعات والمساعدات والتي أوقعت أمريكا في مديونية تفوق سنويا ناتجها المحلي الإجمالي!
ولاحق ترامب حتى المستثمرين الراغبين بدخول أسواق أمريكا فابتكر لهم (البطاقة الذهبية) وثمنها 5 ملايين دولار، وقال لهم: حسنا، إذا كنتم تريدون جني الأرباح في بلادنا عليكم أن تدفعوا!
ويبدو إن حسابات رجل الصفقات كانت ناجحة جدا، بدليل أن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك كشف أن معدل بيع الحكومة الأمريكية للبطاقات الذهبية في الأشهر الأخيرة لم يقل عن ألف بطاقة يوميا بقيمة 5 مليارات دولار يوميا أيّ بقيمة 150 مليار دولار شهريا!
وحسب الوزير لوتنيك فإن هناك 37 مليون شخص حول العالم سيسعون لشراء البطاقة الذهبية وهم الأكثر إنتاجية وخلقا لفرص العمل في الأسواق الأميركية.
ولا يهتم ترامب خلال سعيه لإنهاء الحروب بإنقاذ الشعوب من ويلاتها، فشغله الشاغل المكاسب التي سيشفطها لاحقا وسريعا، وبالتالي كان ثمن محاولاته القائمة حاليا لإنهاء الحرب الأطلسية ـ الروسية على أرض أوكرانيا الإستيلاء على خاماتها النادرة، وبالنسبة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فقد قالها بلا أي مشاعر إنسانية: سننقل الفلسطينيين من غزة كي نحولها إلى أكبر منتجع سياحي وعقاري في العالم!
الخلاصة: استخف الكثيرون بإعلان ترامب عن خططه بإلحاق كندا بالولايات المتحدة وبشراء غرينيلاند، ولكن الرجل جاد جدا ولا أحد يدري ماذا يخطط في الخفاء لكندا وأوروبا والصين والشرق الأوسط فشعاره كرجل صفقات: بدلا من أن تنفق أمريكا مئات المليارات على الحروب في الخارج، فلتدفع الحكومات المليارات لإنهاء الحروب أو لحمايتها أو لتجنب اندلاع حروب جديدة على أراضيها!
(موقع أخبار سوريا الوطن-١)