علي عبود
من الأسئلة المحيّرة جدا: كيف لأمريكا الغارقة في ديون غير مسبوقة تتجاوز ناتجها الإجمالي أن تهيمن على اقتصاد العالم ؟
البعض يرى أن السبب يعود لقوتها العسكرية الطاغية ولانتشار قواعدها العسكرية في القارات الخمس من جهة، ولفرضها الدولار كعملة عالمية في المبادلات التجارية الدولية وخاصة في الصفقات النفطية (البترودولار) عبر نظام (سويفت) من جهة أخرى، والأهم ان هذا النظام يتيح لها فرض العقوبات الاقتصادية على أي دولة مناوئة أو معترضة أو منافس لها بهدف تدميرها اقتصاديا وماليا أو الحد من نموها..الخ.
والملفت أن العالم يتابع بقلق واهتمام أيّ تصريح لوزارة الخزانة الأمريكية عن قيامها بتخفيض أو رفع الفائدة على الدولار، وخاصة الدول المستثمرة بسندات خزينتها أو أسهم أسواقها المالية..الخ.
وفي حين توقعت إدارة بايدن عجزا قدره 1.6 تريليون دولار للسنة المالية الحالية، كانت الخزانة تقترض بمعدل سنوي يبلغ 2.3 تريليون دولار، والسبب هو أسعار الفائدة المرتفعة.
وهذا الدين الإضافي، الذي يصدر بأسعار الفائدة الحالية المرتفعة، من شأنه أن يزيد من نفقات الفائدة السنوية للخزانة بأكثر من 100 مليار دولار
وتتجاوز ديون أمريكا مبلغ 31.4 تريليون دولار، وتتصدر اليابان قائمة أكبر حائزي سندات الخزانة الأمريكية بقيمة 1.1 تريليون دولار تليها الصين بمبلغ 822 مليار دولار، والملاحظ أن بكين تخلت عن سندات خزينة أمريكية بقيمة 13.6 مليار دولار وبدأت تميل للإستثمار في الذهب.
وتتصدر السعودية قائمة أكبر الدول العربية والخليجية الدائنة لأمريكا، والـ 16 عالميا، ووصلت قيمة الاستثمارات السعودية من سندات الأمريكية 119.7 مليار دولار في العام الماضي، وهي مثل اليابان بدأت بزيادة شرائها للذهب كاحتياطي آمن مع تراجع حصة الدولار في التجارة الدولية.
وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية بالإستثمارات في سندات الخزانة الأمريكية فقد بلغت 63.98 مليار دولار في العام 2023
ولا تزال سندات الخزانة الأمريكية بالنسبة لغالبية الدول الغنية من الأصول الآمنة، خاصة بفعل سياسة رفع أسعار الفائدة التي يتبعها “البنك المركزي الأمريكي” بهدف زيادة جاذبيتها للمستثمرين، وهذه السياسة يرفضها الرئيس المنتخب دونالد ترامب وسيعمل على تخفيض سعر الفائدة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي ورفع معدلات النمو، وسيخوض مواجهة حادة مع مدير البنك الفيدرالي في الأشهر الأولى من عام 2025.
وبما أن الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية للعالم فإن قائمة طويلة من السلع المهمة مثل النفط والقمح يتم تسعيرها بالدولار، وفي حالة تخلف الحكومة عن سداد ديونها فمن المحتم أن تنخفض قيمة الدولار بشكل حاد.
ولا يفهم الكثيرون أسباب إقدام الإدارات الأمريكية جميعها على الطلب من الكونغرس رفغ سقف الديون الأمريكية عاما بعد عام لتتمكن من سداد ديونها التي تجاوزت العام الماضي 31,4 تريليون دولار، والسؤال: هل تسدد أمريكا فعلا ديونها
يرى كل المحللون أن أسعار الفائدة المرتفعة نسبيا اليوم تؤثر على أكثر من مجرد الإنفاق الحالي على العجز؛ وذلك لأن أميركا لا تسدد الديون في الواقع، بل تجددها فقط، فعندما يحين وقت سداد الديون القديمة، تصدر الخزانة ديونا جديدة لتغطية سداد ما تم اقتراضه في الأصل.
(موقع اخبار سورية الوطن-2)