نبيه البرجي
العدمية (Nihilism) كرؤية فلسفية للوجود، قد يكون هناك ما يبررها منطقياً أي منطق حين يحوّلها العرب الى رؤية سياسية؟ العرب الذين ينظر اليهم الأميركيون كظواهر عدمية لا معنى لوجودها، وحتى لا وجود لها.
بين 22 دولة عربية، لم تتجرأ دولة واحدة على نقل الغرنيكا الدموية في غزة الى محكمة لاهاي. المهمة قامت بها جنوب أفريقيا، كدولة يحكمها نلسون مانديلا من قبره، وقد عانت الأهوال من النظام العنصري الآن الدولة اياها تثير الهلع في “اسرائيل” لأنها في صدد اثارة مسألة لا شرعية الاحتلال للضفة والقطاع ، المسألة ـ الأساس قانونياً وانسانياً التي تغاضى عنها العرب (عرب أحمد أبو الغيط ) على مدى 5 عقود.
العدمية أن يتحدث بعض وزراء خارجيتنا، وغالباً ما يكونون على شكل ألواح خشبية، عن “الصراع الحالي بين أميركا واسرائيل” (أي بين الثور والضفدعة)، كما لو أن هناك شيئا ما يدعى “الحالة الاسرائيلية” لولا الأرمادا الأميركية القابعة كحارس أبدي عند الباب.
الأميركيون يدركون أن حكومة بنيامين نتنياهو تعدّ للذهاب بالحرب الى حدودها القصوى، حتى ولو تحوّلت المنطقة الى مقبرة، للحيلولة دون حل الدولتين قيام الدولة الفلسطينية يعني توراتياً، زوال الدولة اليهودية.
هكذا تبدو الديبلوماسية الأميركية كمن يمشي على يديه تتصل بايران لتتمنى عليها عدم توسيع الجبهات (مقابل ماذا ؟)، وتتوسط لدى حزب الله لضبط أعصابه، وهي التي تعلم، أو هي التي قالت ان القيادة “الاسرائيلية” في حالة من البارانويا (وحتى البارانويا الايديولوجية) لاعتقادها أنها مهددة بوجودها، دون أن تتردد في اللجوء الى الخيار النووي ألا يفترض بأميركا أن تضع يدها على الترسانة “الاسرائيلية” مثلما فعلت مع الترسانة الباكستانية، لا حماية للهند
وانما حماية “لاسرائيل” مما وصفها اليوت أبرامز بـ “اللحظة الاسلامية” ؟ يا صاحبي الغيبوبة الاسلامية!
القنبلة الأخرى بأبعادها الأخلاقية والانسانية، قنبلة الترحيل بتلك الحجج الواهية أوقفت الولايات المتحدة مشاركتها في تمويل وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وأمرت البلدان الغربية الأخرى بأن تحذو حذوها، كي تضع فلسطينيي الضفة والقطاع في حالة من العوز والعجز عن تأمين الخبز والدواء تالياً، الهجرة الى مكان آخر ولو كان هذا المكان جهنم!ٍ
لم نجد العرب يهبّون ـ وقد فقدوا مروءة العروة بن الورد وعمرو بن كلثوم ـ للحلول محل الدول الغربية في تغطية الثُغر المالية التي أحدثتها المواقف الغربية، وهم يرون كيف تأكل الكلاب والقطط جثث الأطفال الفلسطينيين أمام مَن تبقى من آبائهم وأمهاتهم.
لكن الأميركيين يعدوننا، ربما منذ أن هبط آدم على الأرض، بحل الدولتين، وهم الذين لم يقوموا بأي خطوة جدية لحمل “اسرائيل” على تنفيذ أي من القرارات الدولية، وحتى على تنفيذ “شرط” هاري ترومان لدى الاعتراف بها، بتنفيذ قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 181 (تشرين الثاني 1947 ) القاضي باقامة دولة للفلسطينيين ودولة لليهود.
اين أميركا، أميركا العظمى (أم “اسرائيل” العظمى ؟) حين يقول وليم بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، العالم بالخفايا والنوايا، انه لم ير منذ أربعة عقود أي منذ الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، وتحديده لذلك التاريخ بالذات له مغزاه، أوضاعاً قابلة للانفجار في الشرق الأوسط كما هي اليوم، مؤكداً أن مخاطر التصعيد قائمة على جبهات أخرى.
لا أحد سأله أين حاملة الطائرات الجبارة “جيرالد فورد” التي اصطحبت معها 4 غواصات نووية، اضافة الى البوارج، لتلحق بها الحاملة “دوايت ايزنهاور” كل ذلك لحماية “اسرائيل” من حزب الله الأمبراطورية الأميركية بطة عرجاء أمام الأمبراطورية “الاسرائيلية” أين التكشيرة النووية التي تظهرها في وجه الآخرين ؟ هي الآن تفكر بالانسحاب من سوريا ومن العراق خشية السقوط في جحيم الشرق الأوسط ولكن من يصنع هذا الجحيم؟
لا دولة فلسطينية بالقفازات الحريرية، وانما بالدم الفلسطيني وبالارادة الفلسطينية كتبنا “فلسطين قامت حقاً قامت”. لا ندري اذا كانت أميركا تخاف على “اسرائيل” أم تخاف من “اسرائيل”. الفيلسوف اليهودي الأميركي نورمان فلينكشتاين قال “عجائب هذا الزمان”!!
(سيرياهوم نيوز ١-الديار)