سميح صعب
سرعان ما انفك لغز اللقاء الذي عُقد على عجل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين.
إنه الإعلان عن تحقيق اختراق في المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، وعن الاجتماع الذي سيعقد في سلطنة عُمان بين المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مع اختلاف يظهر في الشكل، هل سيكون لقاءً مباشراً أم غير مباشر.
استدعى ترامب نتنياهو ليعلن عن بدء التفاوض بشأن الملف النووي الإيراني، الذي يوليه الرئيس الأميركي أولوية قصوى في سياسته الخارجية، إلى جانب وقف الحرب الروسية – الأوكرانية والوصول إلى تسوية في غزة، وزيادة التعريفات الجمركية على دول العالم.
أكبر عامل ساهم في الاتفاق على مفاوضات عُمان، كان عدم رغبة ترامب وطهران في الوصول إلى مواجهة عسكرية. والحشود العسكرية الأميركية الأخيرة وضرب الحوثيين في اليمن، كانت عرضاً للقوة يدعم ديبلوماسية تبادل الرسائل بين الولايات المتحدة وإيران.
والديبلوماسية التي ينخرط فيها أكثر من طرف إقليمي أيضاً، ظهرت مؤشراتها الغنية بالدلالات، مع الأنباء التي تواترت من العراق، عن موافقة الحرس الثوري الإيراني على الحوار بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وفصائل “الحشد الشعبي”، الذي أفضى إلى قبول الفصائل بنزع سلاحها كي لا تتعرض لضربات أميركية أو إسرائيلية.
رسالة المرونة الإيرانية الآتية من العراق، هي ثمرة للديبلوماسية التي قادت إلى مفاوضات عُمان. هل تنسحب هذه المرونة على لبنان؟
على أن هذه المفاوضات ستكون مليئة بالصعاب والتحديات التي لم تكن موجودة، عندما تفاوضت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.
إيران، بإجماع الخبراء ووكالات الاستخبارات الغربية، لديها مخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، يمكن رفعه في غضون أسبوع أو أسبوعين إلى نسبة 90 في المئة، الضرورية لصنع سلاح نووي. والكمية التي في حوزة إيران تؤهلها لصنع ستة رؤوس نووية.
والشهر الماضي، أبلغت وكالات الاستخبارات الأميركية الكونغرس، بأن مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي لم يعطِ الضوء الأخضر للمضي في صنع القنبلة، على رغم تصاعد ضغوط المتشددين عليه كي يفعل.
هذا يفسر إلحاح ترامب على ضرورة المفاوضات المباشرة، لأنه يعتقد أنها هي الكفيلة بتسريع التوصل إلى اتفاق، علاوة على أن تجربة إدارة الرئيس السابق جو بايدن في المفاوضات غير المباشرة مع طهران لا تشجع على تكرار هذه التجربة.
بالنسبة لترامب، يشكل التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني إنجازاً يستدعي “احتفالاً كبيراً” وفق ما يكرر، لأن عملية ترتيب الشرق الأوسط التي تنخرط فيها واشنطن، تمر باتفاق مع إيران، في حين أن نتنياهو يرى أن “تغيير الشرق الأوسط” يمر باستخدام الخيار العسكري ضد إيران وصولاً إلى إسقاط النظام.
هنا يفترق ترامب عن نتنياهو. الرئيس الأميركي يريد تغيير سلوك النظام الإيراني بدءاً باتفاق نووي جديد أكثر صرامة من اتفاق 2015 إلى تقييد النشاط الصاروخي والإقليمي لطهران ونيل “صفقة” تعيد الولايات المتحدة إلى سوق الاستثمارات في إيران، وتسحب البساط من تحت أقدام اتفاقات التعاون الاستراتيجي مع الصين وروسيا. اختيار ويتكوف “قطب العقارات” بمهمة التفاوض مع إيران، يعزز هذا الاعتقاد.
أما نتنياهو، فيرى أن أي اتفاق مع إيران لا يحتذي “النموذج الليبي”، لن يكون سوى فسحة من الوقت كي تعيد إيران ترتيب أوضاعها وترميم خسائرها الإقليمية، من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق.
أولوية إيران الآن، هي اتفاق لا يمكن إلغاؤه كما حصل عام 2018 عندما انسحب ترامب نفسه في ولايته الأولى من اتفاق 2015. اتفاق يسمح بإنعاش الاقتصاد الذي أنهكته العقوبات الأميركية، ويجعل النظام يلتقط أنفاسه.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار