آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » أنا لستُ حبة قمح..!

أنا لستُ حبة قمح..!

مالك صقور

كثيراً ما نسمع من يقول : هذا رأيي ، أو في رأيي ..أو، هذه وجهة نظري .. أو ، هذه قناعتي .. أو هذا موقفي .
السؤال :
كيف يتكون الرأي ؟ وبناء على ماذا تتشكل وجهة النظر ؟ والأهم ، كيف تتم القناعة ؟ من أجل اتخاذ الموقف !!
نقرأ قصة ، ونختلف في فهم مضمونها ، وهنا ، يقال تعجبني أو لا . وكذلك الأمر عند قراءة قصيدة ما ، أو رواية ، أو مسرحية !! وكذلك عند مشاهدة لوحة فنية ، والمسألة هنا تتعلق بثقافة المرء الجمالية والفنية ، وغنى معرفته بالمدارس الأدبية والنظريات الجمالية ، والأهم : ذائقته الجمالية والفنية .. ولكن ، إذا عممنا هذا السؤال على القضايا الاجتماعية والسياسة ، و ، و ، حقاً، لماذا الخلاف والاختلاف ، إذا كانت الأمور واضحة ، ولاغموض فيها. وسيقال : الخلاف لا يفسد للود قضية .. ويقال : هذا يتعلق بالعقيدة ، ومقياس التسامح ، ومقياس التعصب . والتعصب يعمي ويصم ..
كنت دائما ، وما زلت مع الرأي والرأي الآخر، أي مع الحوار الناجع ، شرط أن يسمع أحدنا للآخر . شرط أن يفهمه ويستوعبه ، ويصغي إليه أما إذا كان الحوار ، كما يقولون ، مثل حوار الطرشان ، وكل مستبد برأيه ، فإن الحوار يكون مضيعة للوقت ، كما حصل مع مريض نفساني :

” يحكى أن شاباً مرض مرضاً نفسياً ، كاد أن يودي بحياته ، وقد شكل أزمة حقيقة لأهله وأقاربه ، لاسيما ،انه كان طالبا ذكياً مجتهدا . لكن مرضه النفسي كان غريباً ، وهو يتخيل أنه ( حبة قمح ) ، ولذا فهو لا يخاف أحداً ، حتى لا يهاب
الأسود ، ولا الذئاب ولا الضباع ، ولكن يخاف من الدجاجات والديوك ، وحتى من الصيصان .. عرض أهل المريض ابنهم على كافة الأطباء المختصين ، لكن لم يُشف الشاب .وحار أطباء متخصصون في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في أمر هذا المرض ، فهم يعرفون حالات الانفصام ، والوسواس القهري ، والسيكوباتيا ، والقلق ، والإكتئاب ..إلى آخر مصطلحات الأمراض النفسية ..لكن ” شاب طويل عريض وسيم ، يتخيل نفسه (حبة قمح ) !! لم تمر عليهم حالة كهذه ، ولم يجدوا لها الدواء . وقال أحد الأطباء الذي يقضي ساعات طويلة في مستشفى ابن سينا ( العصفورية ) .. صحيح ، صحيح أن الجنون فنون . ولا يوجد مريض نفسي يشبه الآخر ، ولا يوجد مجنون يشبه الآخر ” .
انتشر خبر مرض هذا الشاب ، فجاء إلى أهله طبيب شعبي ، يداوي بالأعشاب ، يداوي حتى الأمراض المستعصية ، ومنها بعض حالات الجنون ، وبعد أن تحدث مع الشاب ، وسأله عدة أسئلة ، تكفل هذا الطبيب أن يشفي المريض ، خلال شهر ولا يتقاضى أجراً إلا بعد أن يُشفى ويتعافى تماما.. وافق الأهل ، واصطحب الطبيب الشاب ، وقام بعلاجه ، وقد استطاع الطبيب أن يقنع الشاب أنه ليس حبة قمح ، وأنه واهم وذلك وهمْ ، وفرح الطبيب بهذا الإنجاز . وكانت فرحة الأهل لا توصف بهذه النتيجة ، وأن الأبن عاد طبيعياً ، وشُفي من هذا المرض ..
وجاء الجيران للتهنئة ، والأقارب ، وعم الفرح الجميع ، لكن قبل أن يستلم الطبيب المكافأة المجزية ، والناس يتحلقون حول الشاب والطبيب ، قامت الأم كي تتأكد من شفاء ابنها ، وفتحت قن الدجاجات ، وما أن وقعت عين الشاب على الدجاجات ، حتى قفز راكضا واختبأ ..
أبعدوا الدجاجات ، وقالوا له : الحمد لله على السلامة ، على أساس أنك شُفيت وتعافيت، وأنت لست حبة قمح ؟! فقال : أنا أعرف أني لست حبة قمح ، ولكن اقنعوا الدجاجات أني لست حبة قمح . الدجاجات يروني حبة قمح ..
وهنا بيت القصيد ، ومربط الفرس : اقنعوا الدجاجات .. فالطبيب عالج المريض . لكن لم يقنع الدجاجات .
ومن يستطيع إقناع الدجاجات ؟! وهل يمكن إقناع الدجاجات…؟!
ومتى يمكن ….!!
(موقع أخبار سوريا الوطن-٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الصمت مقصلة الضمير

  سمير حماد يتبارى المثقفون العرب في تذكير الناس بأنهم توقعوا كلّ ما يجري الآن في أوطانهم قبل حدوثه بزمن، وأ نهم قرؤوا ما كتبه ...