سوسن صيداوي
, 13-10-2021
بين الشفافية والصدق كلمات تُقال بكل عفوية، تُنطق لأنها من الداخل، صاحبها اعتاد على هذا الأسلوب الواضح، منطلقاً من أمرين يجمعهما في شخصيته الطيبة والقلب النقي، رغم أنه ينتمي إلى وسط مثله كباقي الأوساط الحياتيّة يحتاج التلّون بالأسلوب والكلام للوصول إلى المُبتغى. إنها الفنانة علا باشا والتي لا تهوى أبداً الوجود في الساحة لمجرد الوجود، بل تكتفي بالبقاء مع عائلتها وحياتها الخاصة وبين مطالعاتها، إلى أن يأتيها دور بشخصيته يعنيها ويؤثر في مشوارها الذي اختارته عن رغبة. «الوطـن» حاورت الفنانة لتعلن من خلالنا انفصالها بشكل رسمي عن المخرج يزن أبو حمدا، بعدما أنجبا طفلتهما «كارلا»، متحدثة عن الحياة الزوجية، ولتتابع حول ما يدور في الدراما السورية والمشتركة من تطورات أقحمتها بها المنصات، إضافة للمزيد.
• بداية حدثينا عن أسلوبك في تكوين الشخصية المقدّمة بالسيناريو من بعد قراءة النص.
أٌقوم أولاً بقراءة النص كاملاً، مع التركيز على الشخصية المطلوب مني تجسيدها وبأماكن وجودها، وعلى وصفها بلسان الشخصيات الأخرى، بمعنى أنني أحاول أن أراها من وجهة نظر الشخصيات المكتوبة، ومن ثم أنطلق بخيالي في تشكيلها حسب تفكيري ووجهة نظري الخاصة، لأتعمّق أكثر بتفاصيلها الدقيقة سواء بطريقة حديثها وبصوتها وبحركاتها الجسدية…. إلخ، واضعة نفسي مكانها وفق الأحداث. أخيراً وبالتدريج أكون قد وصلت إلى عوالم الشخصية المكتوبة والتي أعيشها وأتقمصها وكأنها أنا.
• إلى أي مدى تتمكن الشخصية من علا باشا وتعيش بداخلها؟
بحسب أنواع الشخصيات. هناك شخصيات أعجب بها بشدة لدرجة أنني أصل معها لعيش كامل تفاصيلها، وهذا الأمر ينعكس علي بالواقع، بحيث أختار بعض خياراتها وأستفيد من قراراتها بالحياة، لأن هذا النوع من الشخصيات يأسرني حقيقة ويؤثر بي إلى حد يضيف لي بالثقافة وحُسن الاختيار. وبالمقابل هناك شخصيات تمر مرور الكرام، ولا تؤثر بي على الإطلاق.
ظروف الأزمة في السنين العشر السابقة والتي بطبيعتها أثّرت على الدراما السورية… هل هي من أحد أسباب ابتعادك عن الساحة الفنية… ومن جهة أخرى ماذا عن أسباب الابتعاد الأخرى؟
في الحقيقة يمكننا القول إن الأزمة هي من أحد الأسباب، وليس على صعيد شخصي بل بالعموم، إذ أثرت في كل اتجاهات الحياة السورية وأخّرتها، وانعكست علي شأني شأن كل المواطنين السوريين، وهي من أحد أسباب ابتعادي عن الساحة. ومن الأسباب الأخرى، طبيعتي الشخصية، فأنا شخص «بيتوتي» بالعموم، وبعيد عن مجاملات وطبيعة علاقات الوسط الفني، إضافة إلى أنني في الفترة الماضية كنت مشغولة بحياتي الخاصة وبتأسيسي لعائلتي.
• قليلاً ما نجد أن الثنائية الفنية تنتقل لتصبح ثنائية في الحياة… ماذا عنك وزوجك المخرج يزن أبو حمدا…. كيف يكون التعامل بينكما ما بين أمور الحياة والفن؟
أنا والمخرج يزن أبو حمدا انفصلنا ولكننا لم نعلن بشكل رسمي. والأسباب كانت شخصية، وليس لها أي علاقة بالوسط الفني. فنحن شخصان لهما طباع وطريقة تفكير مختلفة، ومع العشرة والمشاركة في الأمور الحياتيّة، أصبحت المسافة بيننا أكبر، ووصلنا إلى مكان، لم نعد فيه قادرين على إيجاد طريقة لنكمّل بعضنا، لهذا قررنا الانفصال، وهو الحل الأنسب لكلينا، ولابنتنا «كارلا».
طبعا رأيي واحترامي لـ«يزن» لن يتغير بالانفصال، وأتمنى له دائماً النجاح والتوفيق بحياته الشخصية والمهنية، فهو مميز على صعيد الإخراج، وأنتظر منه بأن يقدم عملاً مهماً.
• هناك حالة يعاني منها الممثلون الشباب والذين في بدايات الطريق، وهي الوقوف أمام نجم… إلى أي مدى هذه الحالة تؤثر سلبا في الممثل الشاب بحيث الظهور يكون محسوبا فقط للنجم؟
على العكس أنا أرى بأن الظهور أمام نجم حقيقي واثق من نفسه يعطي للممثل الشاب دعماً ودفعاً للأمام، كما يعطيه حضوراً، لأنه أمام شريك قوي. وطالما كان الشاب واثقا من نفسه ومن أدائه ومنتظراً للفرصة، فعليه اقتناصها وإثبات نفسه أمام النجم، لينطلق في مشواره الفني.
• الجزء الأخير لمرايا والذي تم تصويره في الجزائر وللأسف لم يره الجمهور… حدثينا عن تجربتك مع القدير ياسر العظمة…. والسؤال الآخر: إلى أي مدى يُحبَط الممثل عندما لا تُعرض الأعمال التي يمثل بها؟
تجربتي في مسلسل «مرايا» كانت تجربة ممتعة ومثمرة جداً إلى جانب الفنان الكبير والإنسان النبيل ياسر العظمة. وأحب أن أشير إلى نقطة مهمة، طبيعة عملنا في التمثيل، تتطلب منا السفر من أجل التصوير، في هذه الفترة نبتعد عن العائلة والأصدقاء، وهذه الفرصة تتيح لنا قدراً أكبر بالاحتكاك مع العاملين معنا في الفن، فهذا الوقت يبيّن معدن الأشخاص. والقدير ياسر العظمة، كان يقوم بخلق أجواء من الأُلفة والمحبة والاحترام، ولم نشعر بأننا في غربة عن أهلنا. وأضيف على هذا الأمر الإيجابي أمرا آخر، أن لقائي مع العظمة كان مثمراً فهناك متعة بالوقوف والتمثيل أمامه، إضافة للخبرة التي استفدت منها فهو صاحب تاريخ عريق.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، بالطبع الأمر محبط ومزعج للغاية، لأنك تشعر بأن تعبك تم حجبه، وكأنه ملف وُضع في درج وأقفل عليه. ولكن في النهاية كل شيء في الحياة يخضع للقسمة والنصيب.
• ما رأيك اليوم بالحالة التي تتوسع بالانتشار من حيث ظهور المنصات الإلكترونية التي تعرض المسلسلات العربية… وكيف أن المسلسل بحلقاته أصبح يقتصر على عدد قليل منها وغيره من الأمور الأخرى؟
إنّ توّسع وانتشار ظهور المنصات الإلكترونية هو شي إيجابي، إذ يضيف لساحة العرض والطرح للأعمال العربية مساحة ثانية، مثل افتتاح قناة تلفزيونية جديدة أو شركة إنتاج، طبعاً إذا كان التنفيذ وفق شروط جيدة وبشكله الصحيح. هذا والمنصة الإلكترونية لا تقتصر على صفحات السوشال ميديا، المنصات الإلكترونية تُعنى بمنصات لها وجود عربي وممكن عالمي، منها «شاهد، نيتفليكس».
وأضيف بأن بعض النصوص تحتاج ثلاثين حلقة لتكتمل، ومنها تنتهي حدودته بعشر حلقات أو سبع. بالنهاية نجاح العمل لا يعتمد على عدد الحلقات، ومن الأمثلة مسلسل «قيد مجهول» من إخراج السدير مسعود ومن إنتاج «OSN».
وأخيراً هنا، مهمة الفن تكمن في توجيه رسائل هادفة سواء أكانت واضحة أم مبطنة، ويجب أن تكون ذات قيمة بمعظم الأحيان للشعوب، وعندما يكون نص المسلسل متماسكاً والشخصية لافتة وذات هدف في سير الأحداث، ويصاغ العمل كلّه بطريقة جيدة، يكون من المهم عرضه بأكثر من مكان، فالأمر إيجابي ومفيد، سواء أكان على قناة تلفزيونية أم منصة إلكترونية.
• برأيك إلى أي مدى تساهم الدراما المشتركة بترسيخ وجود الممثل السوري عربياً وخصوصاً أن هذه النوعية هي الأكثر انتشاراً؟
الممثل السوري له وزنه وثقله سواء في درامانا أو في الدراما العربية المشتركة، ولكن الأخيرة تساعد على انتشاره بشكل أكبر وأوسع بالبلاد العربية أو المشاركة بالأعمال المشتركة. بمعنى، هذه الأعمال على الأكيد تزيد من شعبية الممثل السوري، الذي هو أصلاً له حضوره الخاص.
• أخيراً هل من قراءات لتحضيرات قادمة لأعمال جديدة؟
حاليا وقعّت للمشاركة بسلسلة «بقعة ضوء»، وغيرها لا يوجد شيء سوى مجرد اتصالات ووعود
(سيرياهوم نيوز-الوطن)