| علاء حلبي
تُواصل تركيا تهديداتها بشنّ هجوم برّي ضدّ مناطق «قسد»، إثر استقدامها تعزيزات عسكرية إلى سوريا، دخلت من معبر باب السلامة إلى أعزاز في ريف حلب الشمالي، في وقت بدأت فيه الفصائل الموالية لأنقرة استعداداتها للمشاركة في العملية البرّية التركية، في حال تمّ إقرارها. وبحسب مصادر معارِضة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن سلسلة اجتماعات عقدها مسؤولون من الاستخبارات والجيش التركيَّين مع ممثّلين عن الفصائل، بشكل جماعي وفردي، أبرزها الاجتماع الذي التأم في منطقة حور كلس، حيث أبلغت تركيا الجماعات المسلّحة أن عليها أن تُنهي حالة الخصومة في ما بينها وتستعدّ للهجوم البرّي. وأوضحت المصادر أنه تمّ تكليف كلّ فصيل بإرسال قائمة بأعداد وأسماء المقاتلين الجاهزين للمشاركة في العملية، بالإضافة إلى تقديم قوائم جرْد بالأسلحة التي تسلّمتها الفصائل سابقاً من أنقرة، وذلك في إطار إتمام التجهيزات للهجوم.
وأشارت المصادر إلى أن تركيا لم تحدّد أيّ موعد أو تاريخ تقريبي للعملية، مبيّنةً أن تلك الاجتماعات تهدف بالدرجة الأولى إلى تقييم الكتلة النقدية اللازمة للمقاتلين، الذين سيحصلون إلى جانب الرواتب الشهرية التي يتقاضونها بالليرة التركية، على مكافآت لقاء مشاركتهم في الهجوم، بالإضافة إلى تقسيمهم على جبهات القتال ومواقع التثبيت، وتحديد طرق الإمداد، وغيرها من الإجراءات اللازمة. وإلى جانب إعداد القوائم وجرْد الأسلحة، لفتت المصادر إلى أن مسؤولين أتراكاً أعادوا، أكثر من مرّة، الحديث عن ضرورة تجاوز الخلافات، في إشارة إلى الخلافات مع «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة)، التي تنتظر بدورها المشاركة في العملية البرّية – في حال حدوثها – بعد سيطرتها على عفرين ومحيطها.
في المقابل، تابع الجيش السوري إرسال تعزيزات عسكرية إلى مواقع قريبة من خطوط التماس، آخرها مدينة عين العرب (كوباني)، حيث يتموضع في محيطها، في انتظار نتائج مباحثات مع «قسد» تُجريها موسكو لتسليم عين العرب ومنبج وتل رفعت للجيش السوري لنزع فتيل الأزمة مع أنقرة. غير أن مصادر كردية تفيد بأن الجهود الروسية لم تصل، إلى الآن، إلى نتيجة مُرضية للجانبَين الروسي والسوري، في ظلّ حالة الانقسام التي تعيشها القوى الكردية، بين تيّار مؤيّد لتسليم المناطق والخروج بأقلّ الأضرار الممكنة والانفتاح على دمشق، وتيّار آخر لا يزال ينتظر ضمانة أميركية باستمرار «الإدارة الذاتية» القائمة حالياً، وهو ما يمكن التماسه بوضوح في تصريحات قائد «قسد»، مظلوم عبدي، الذي طالب واشنطن بموقف أكثر حزماً، مؤكداً أن قواته ستقاوم الهجوم، مهدّداً بحرب شاملة على طول الحدود. ولا تزال القوى الكردية مُحافِظةً على سياسة المراوغة، عبر دعوتها دمشق إلى المشاركة في التصدّي للهجوم التركي (الذي أعلنت سوريا رفضها القاطع له واعتبرتْه في مواضع عديدة استمراراً للاحتلال التركي)، من دون تقديم أيّ تنازلات ميدانية أو سياسية تنتظرها موسكو ودمشق، كتسليم المناطق التي تهدّد أنقرة بدخولها للجيش السوري، بالإضافة إلى الابتعاد عن واشنطن، بوصْف الأخيرة من وجهة نظر السوريين والروس والأتراك على السواء، السبب الرئيس في ما آلت إليه أحوال المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا.
تابع الجيش السوري إرسال تعزيزات عسكرية إلى مواقع قريبة من خطوط التماس آخرها مدينة عين العرب
وعلى الرغم من ارتفاع النبرة التركية، والتحذيرات التي أطلقها عبدي من وجود مخطّط تركي يستهدف قضْم منطقة عين العرب، يدور في الوسط الكردي التابع للولايات المتحدة اعتقادٌ بأن ما يجري مجرّد ردّة فعل استعراضية على الهجوم الذي وقع في إسطنبول، في محاولة لاستثماره من قِبل تركيا قُبيل الانتخابات الرئاسية. كذلك، تَكشف المصادر الكردية، في حديث إلى «الأخبار»، أن اهتمام «قسد» يدور في الوقت الحالي حول تأمين المناطق القيادية وتحرّكات القياديين من الضربات الجوّية التركية لتلافي خسائر كبرى، على أمل أن تُجهض الولايات المتحدة الهجوم البرّي، خصوصاً بعد التهديد بورقة «داعش»، والحديث عن مخاطر عودة التنظيم جرّاء التصعيد التركي، أو أن تتمكّن روسيا من ضبْطه ضمن شروط لا تُقدّم بموجبها القوى الكردية أيّ تنازلات، خصوصاً أن الحديث يدور في الوقت الحالي حول تقارب سوري – تركي يمكن أن يعيد العلاقات بين البلدين، وهو ما تعتبره «الإدارة الذاتية» تهديداً وجودياً لمشروعها، الذي جدّد البيان الختامي لاجتماع «أستانة» الأخير رفْضه بشكل صريح.