حسن حردان
طرح إقدام «إسرائيل» على ضمّ النقاط الخمس في جنوب لبنان إلى النقاط الـ 13 الحدودية، وربط الانسحاب منها بمفاوضات مع لبنان، تحديات خطيرة على لبنان كون مثل هذه المحاولة الإسرائيلية تستهدف انتزاع تنازلات من لبنان على المستويات السياسية والأمنية تذكرنا بالأهداف الإسرائيلية من توقيع 17 أيار اثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والذي لاقى رفضاً ومقاومة سياسية وشعبية توّجت بانتفاضة 6 شباط وسقوط الاتفاق…
اليوم تسعى حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو إلى تحقيق سلسلة أهداف مشابهة في مضمونها لما تضمّنه اتفاق 17 أيار المشؤوم.. وفي طليعة هذه الأهداف الإسرائيلية محاولة استدراج لبنان إلى فخ التفاوض على النقاط الحدودية، والتي لا تحتاج إلى تفاوض لأنها أراض لبنانية محتلة والمطلوب انسحاب «إسرائيل» منها:
الهدف الأول، فرض سيطرة أمنية «إسرائيلية» تنتقص من السيادة اللبنانية:
ـ تسعى حكومة العدو إلى تثبيت وتكريس احتلالها العسكري في نقاط استراتيجية على طول الحدود، وتحديداً في المناطق التي تشرف على مناطق واسعة من الجنوب لمراقبة اي تحرك للمقاومة فيها.
ـ إدامة احتلال قوات العدو للنقاط المشرفة هدفه محاولة تثبيت حقائق على الأرض تصبح مع الوقت بمثابة أمر واقع، مما يُصعِّب على لبنان أو الجهات الدولية المطالبة بالانسحاب الكامل دون مفاوضات تسعى من خلالها حكومة العدو إلى ابتزاز لبنان بتنازلات تمسّ بسيادته.
الهدف الثاني، الضغط على لبنان في المفاوضات:
ـ ربط الانسحاب الإسرائيلي بإجراء مفاوضات، تهدف من ورائها «إسرائيل» إلى إجبار لبنان على الدخول في حوار مباشر أو غير مباشر لتسوية قضايا أوسع، مثل:
*إعادة ترسيم الحدود، المرسومة أصلاً، بما يحقق الأهداف الأمنية الإسرائيلية.
*نزع سلاح المقاومة في كلّ لبنان.
*الضغط لتحصيل اعتراف لبناني غير مباشر بترسيم جديد للحدود، أو لتقويض مطالب لبنان لاستعادة أراضيه المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلخ…
الهدف الثالث، كسب التأييد السياسي الداخلي:
ـ قد تكون الخطوة جزءاً من سياسة الحكومة الإسرائيلية لتعزيز صورتها كـ «حامية الأمن الاسرائيلي» في الداخل، خاصة في المستعمرات الشمالية.. لا سيما بعد تصاعد النقد من المستوطنين بعجز وفشل جيش الاحتلال في تأمين الأمن لهم خلال فترة الحرب الأخيرة.
ـ التأكيد بأن «إسرائيل» لا تنسحب من أراضٍ احتلتها إلا مقابل ضمانات أمنية وسياسية، وهو نهج اتبعته كلّ الحكومات الإسرائيلية مع الدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة.
الهدف الرابع، الاستفادة من الانقسامات والصراعات الداخلية اللبنانية:
ـ يعتمد لبنان على موقف ضعيف في المفاوضات بسبب انقساماته السياسية والاقتصادية والأزمات الداخلية (مثل الانهيار المالي وصعوبة تشكيل حكومات مستقرة). تستغل «إسرائيل» هذا الضعف لتفرض شروطاً تخدم مصالحها.
الهدف الخامس، التفاعل مع الدور الإقليمي والدولي:
ـ العمل على جرّ لاعبين دوليين مثل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إلى الدخول على خط التوسط المباشرة مع لبنان، بهدف اكتساب الغطاء لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى، مثل السعي إلى فرض تطبيع العلاقات مع لبنان ودول عربية أخرى.
التحديات والانتقادات:
ـ لكن مثل هذه الأهداف الإسرائيلية ستواجه انتقادات دولية، خاصة أنّ ضمّ أراضٍ يُنظر إليه كخرق للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة مثل القرار 425 الذي طالب «إسرائيل» بالانسحاب من لبنان إلى الحدود الدولية المعترف بها في ترسيم العام 1923 والتي أكدها اتفاق الهدنة لعام 1949.
ـ كما أنّ لبنان، من جهته، يرفض أيّ استمرار للاحتلال الإسرائيلي لجزء من أراضيه، ويؤكد أنّ الحلّ يجب أن يتمّ عبر تطبيق القرارات الدولية دون شروط مسبقة.
ـ انّ استمرار الاحتلال ومحاولاته المتواصلة لفرض إملاءات وشروط على لبنان، وفشل كلّ المحاولات الدبلوماسية بإلزام «إسرائيل» بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، سيدفع الشعب اللبناني للعودة إلى طريق المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال انطلاقاً من حق لبنان المشروع والذي تكفله القوانين والمواثيق الدولية.
بناء على ما تقدّم يمكن القول إنّ «إسرائيل» طالما قامت على العدوان والتوسع ولهذا هي ستستخدم السيطرة على النقاط الحدودية كأداة متعددة الأوجه: أمنية لمواجهة المقاومة، وسياسية لفرض تفاوض يكرّس احتلالها وسعيها لتحصيل مكاسب سياسية، لكن نجاح هذا المخطط «الإسرائيلي» يعتمد على ردود الفعل اللبنانية والدولية، وقدرة «إسرائيل» على تحويل الأمر الواقع إلى مكاسب دائمة.
أخبار سوريا الوطن١_البناء